“خلل تقني” طال مطارات عدة في جميع أنحاء العالم.. هل يتم تعويض المسافرين؟
شلّ خلل تقني ضخم العديد من الشركات عبر العالم، فيما أعلنت مجموعة مايكروسوفت العملاقة الأمريكية للتكنولوجيا التي طالتها البلبلة أنها تتخذ “إجراءات للتخفيف” من وطأة الاضطرابات إلى حين تسوية المشكلة.
وأعلنت عدة مطارات أنها تأثرت بالعطل ولا سيما مطارات زوريخ وبرلين وسخيبول في أمستردام وجميع مطارات إسبانيا، فيما أفادت عدة شركات طيران عن مشكلات تواجهها، ولاسيما شركات دلتا ويونايتد وأميريكان إيرلاينز الأميركية، وإير فرانس وراين إير الإيرلندية وثلاث شركات هندية.
وتسببت الفوضى التي عمت المطارات في تكدس الركاب بصالات السفر جراء الخلل التقني الذي أصاب أنظمة المعلومات العالمية وأوقف حركة الطيران، لكن السؤال المهم هنا، ماذا يفعل المسافرون حين يتعرضون لحالة كهذا، وأيضا كيف يمكن لما حدث أن يحدث في نفس الوقت ويطال كل هذه المطارات؟.
في هذا الصدد، أكد الخبير في السلامة الجوية الكابتن طيار محمود فيصل أن ما جرى أمر طارئ وغريب، ومستحدث أيضا أن يحدث خلل تقني في العديد من المطارات أو العديد من الأماكن في نفس الوقت، ولكن نظرا لأن العالم يعتمد الآن على التكنولوجيا الحديثة والتقنية وأن مايكروسوفت تحديدا هي شريك أساسي مع منظومات عديدة وشركات مختلفة في جميع أنحاء العالم فالخلل الذي حدث فيها كان تأثيره على كل أذرعها أو كل الأفرع التي تتشارك في العمل التقني لديها.
وأضاف فيصل في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” أنه سيظهر لا حقا في الدول التي تضررت لماذا تم حدوث هذا الخلل في هذه الدول تحديدا، خصوصا أن الأمر لم يشمل قارة بعينها في الكرة الأرضية ولم يشمل قطاعا جغرافيا معينا، فالولايات المتحدة حصل بها بعض الخلل وتأثرت بعض الدول في أوروبا بينما لم تتأثر أخرى، وكذلك الوضع في آسيا التي شهدت تأثر الهند فقط بحسب الكابتن طيار، وبالتالي سيظهر سبب اختلاف الأماكن الجغرافية.
لكن هل هناك من بروتوكولات يتم اتباعها في مثل هذه الأزمات؟، في هذا يقول، الخبير في السلامة الجوية، إنه في مثل هذه الحالات من الطوارئ أو في حالة حدوث خلل في النظام التقني في المطارات أو في منظومات الطيران المدني جرت العادة أنه يكون هناك أولا تفعيل لما يسمى بغرفة الطوارئ والأزمات والتي تقوم بدورها بعقد لجنة مصغرة لإدارة الأزمة.
يوضح فيصل: “هذه اللجنة في البداية تحاول أن تصل إلى السبب الجذري لهذا الخلل التقني، والذي يكون في الحالات العادية في أحد وسائل الاستخدام أو في منظومة الإنترنت أو في منظومة الأقمار الصناعية”.
يضيف: “لكن في حالتنا هذه هي حالة استثنائية وحالة غير طبيعية ولذلك نجد أن البحث عن سبب الخلل التقني هو أكبر من أي دولة لأنه متعدد في عدة دول، وبالتالي ننتقل إلى الحل البديل وهو استخدام البدائل في منظومات الطيران المدني”.
يتابع الخبير في السلامة الجوية الشرح فيقول: “في العالم كله هناك النظام شبه الأوتوماتيكي أو الشبه تقني ويكون جزء منه تقني وجزء يعتمد على العامل البشري، وهناك أيضا الحل البديل أو الأخير وهو النظام اليدوي أو بدون أي تقنيات وبدون أي استخدام للإنترنت أو الأقمار الصناعية، لكنه يكون حل صعب وبطيء ويؤثر بشكل كبير على الحركة العامة لكنه أحد الحلول التي يتم استخدامها وعلمت أن بعض المطارات بدأت في استخدام هذا الحل حاليا”.
وبينما يعد ما حدث أمرا استثنائيا ولا يجري كل يوم فهناك بطبيعة الحال من قد لا يعلمون كيف يتصرف المسافرون إذا كانت لديهم رحلات جوية في هذه الأثناء.
وفي هذا الصدد يقول الكابتن طيار محمود فيصل، إن شركات طيران تقوم على الفور بإبلاغ المسافر العادي بوسائل الاتصال المتعددة عبر الاتصال هاتفيا أو إرسال رسالة نصية، وربما عبر الواتساب، مضيفا أن معظم الشركات تقوم أيضا بالإعلان على صفحاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات التلفاز وفي جميع وسائل الإعلام بان إحدى الرحلات تم تأجيلها أو أصبحت متعطلة أو ستتأخر.
ويوضح فيصل في حديثه مع أخبار الآن أن شركات الطيران تلجأ لهذه الخيارات حتى تستطيع بقدر الإمكان أن تقلل التكدس في المطارات، مشيرا إلى أن المسافر العادي يتوجه إلى المطار قبل موعد رحلته بوقت يتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، ومن ثم تكدست المطارات بصورة كبيرة وهذا ما ظهر في التقارير المختلفة، لكنه لفت إلى أن شركات الطيران ستقوم بسرعة بالوصول للمسافرين، وذلك لإخطارهم بالتأجيل حتى لا يكون هناك حالات تكدس أكبر في المطارات وتكون الأزمة أكبر.
وبينما قد يتساءل البعض حول إمكانية أن يؤثر خلل تقني كهذا على الطائرات أثناء طيرانها، يقول فيصل إن هذا الخلل التقني لا يكون له أي تأثير مباشر على الطائرة أثناء طيرانها في الجو أو في أثناء مسار الرحلة الخاصة بها.
ويفسر الخبير في السلامة الجوية، أن الطائرة تعتمد على الأجهزة الخاصة بها والأجهزة الملاحية والتكنولوجية الخاصة بها وهي غير مرتبطة بالإنترنت بشكل مباشر وتعتمد على الأقمار الصناعية ولكن أيضا في حالة وجود أي خلل في الأقمار الصناعية، فإن الطائرة بها أجهزة بديلة وبها أنظمة تستطيع أن تطير من خلالها بدون اعتماد كامل على الأقمار الصناعية، وذلك من خلال بعض الإجراءات والتي تضمن بالتأكيد أمن وسلامة الطائرة.
وبينما نتحدث هنا ملايين الأشخاص الذين تضرروا جراء الخلل الذي ضرب أجزاءا كبيرة من العالم، يتساءل البعض كذلك إذا ما كان هناك أي تعويض جراء الخسائر التي حدثت.
حول هذه النقطة، يؤكد خبير السلامة الجوية الكابتن طيار محمود فيصل أننا أمام كارثة كبرى، لكنه أشار إلى أن القوانين الدولية في حالات الكوارث سواء الطبيعية أو الغير إرادية كما يقال عنها لا يكون هناك إجراءات واضحة للتعويض.
وأضاف فيصل في تصريحاته لـ”أخبار الآن” أن التعويض يكون بسبب تقصير أو مخالفة لإجراءات السفر أو لأي سبب من أسباب تعطل المسافر عن طريق شركة الطيران أو عن طريق المطارن وبالتالي إذا حدث أن تعطل الطيران بسبب ظاهرة جوية على سبيل المثال فهنا الراكب لا يحصل على تعويض لأنه ظاهرة طبيعية أو استثنائية.
وبالنسبة لما حدث في الحالة التي نحن بصددها، يرى فيصل أن هذا العطل يعتبر أيضا من الإجراءات الاستثنائية لأنه ليس هناك متسبب مباشر وليس هناك قصور من شركات الطيران المشغلة أو من قبل المطارات، وإنما بسبب خلل تقني.
يضيف: ما تعرضت له المطارات وشركات الطائرات من خسائر بعيدا عن التعويض للركاب هناك خسائر مادية كبيرة جدا تعرضت لها الدول عموما والمطارات والطائرات وهنا حينما يتم تحديد السبب الرئيسي أو السبب الجذري للخلل سيكون هو المخاطب بالتعويض بمعنى أن شركة مايكروسوفت حتى الآن يقال أنها كانت تقوم بتحديث معين وهذا التحديث تسبب في هذا الخلل”
يتابع: إذا ثبت أن فعلا هذا التحديث تسبب في هذا العطل فسوف تكون شركة مايكروسوفت أمام أزمة كبيرة لأنها ستكون المطالبة الوحيدة بالتعويض لكل هذه الخسائر التي حدثت سواء في شركات الطيران أو في قطاعات البورصة أو في كل ما تأثر بهذا التحديث.
وفي إشعار تحت عنوان “تدهور الخدمة”، أفادت مايكروسوفت أن المستخدمين “قد لا يتمكنون من الوصول إلى تطبيقات وخدمات مختلفة لمايكروسوفت 365”.
ولم تحدد الشركة بشكل واضح المسؤولية عن هذا العطل، لكنها أكدت أنها تنشط “للتعامل مع هذا الحدث كأولوية كبرى وبصورة طارئة مع الاستمرار في معالجة الوطأة المتواصلة على تطبيقات مايكروسوفت 365 المتبقية التي تدهورت خدمتها”.
وأفادت وكالة “أنسي” الفرنسية للأمن السيبراني أن “لا دليل يشير إلى أن العطل أتى نتيجة هجوم إلكتروني” موضحة أن “الفرق مجندة بالكامل لتحديد المؤسسات المتأثرة في فرنسا ودعمها ولِتحديد .. مصدر هذا العطل”.