الفصائل الفلسطينية تتفق على “حكومة مصالحة وطنية مؤقتة”
أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس أن العملية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في خان يونس أسفرت عن مقتل 70 شخصًا وإصابة أكثر من 200 بجروح، بعد أوامر الإخلاء التي أصدرها من الجزء الشرقي للمواصي التي أعلنها “منطقة إنسانية” في جنوب قطاع غزة المحاصر والمدمر.
وفرّ آلاف الفلسطينيين من ذاك الجزء المزدحم حيث لم يجد كثيرون مأوى غير الشارع.
وقال الجيش إن هدفه يتمثل في وقف إطلاق الصواريخ من المنطقة. وتحولت مدينة خان يونس ركاما بعد قتال عنيف شهدته في الأشهر السابقة.
وتأتي الحصيلة الجديدة الدامية بعد تسعة أيام على إعلان وزارة الصحة أنها أحصت 92 قتيلا في غارة على المواصي المكتظة بالنازحين قالت إسرائيل إنها استهدفت قائد حماس العسكري محمد الضيف.
ويتكرر السيناريو نفسه في كل منطقة تدخلها الدبابات الإسرائيلية وتخوض معارك مع المقاتلين ثم تعلن تطهيرها وتنسحب منها، لتعود إليها من جديد.
وتسببت غارات إسرائيلية مساء الاثنين، في شمال قطاع غزة في مقتل 12 شخصًا في مدينة غزة، وأربعة في مخيم جباليا، بحسب ما أفاد الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني في القطاع.
حكومة مصالحة وطنية مؤقتة
وفي سياق منفصل، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي الثلاثاء، الاتفاق بين 14 فصيلا فلسطينيًا لتشكيل “حكومة مصالحة وطنية مؤقتة” لإدارة غزة بعد الحرب.
وقال “وانغ” خلال توقيع “إعلان بكين” من جانب الفصائل الفلسطينية في العاصمة الصينية: “أهم نقطة هو الاتفاق على تشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة حول إدارة غزة بعد الحرب”.
وأعلن القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق أن الحركة وقعت مع فتح وفصائل فلسطينية أخرى، اتفاقية “للوحدة الوطنية” خلال اجتماع في الصين.
وقال أبو مرزوق “اليوم نوقع اتفاقية للوحدة الوطنية، نقول إن الطريق من أجل استكمال هذا المشوار هو الوحدة الوطنية. نحن نتمسك بالوحدة الوطنية وندعو لها”.
اتفاق هدنة
في الأثناء وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتعرض لضغوط للتوصل إلى اتفاق هدنة تتيح إطلاق سراح الرهائن، إلى واشنطن حيث يلقي كلمة أمام الكونغرس الأمريكي الأربعاء، بعد أن يلتقي الرئيس جو بايدن الذي يدفعه للموافقة على وقف لإطلاق النار بعد دخول الحرب شهرها العاشر.
من المقرّر أن يُعقد الخميس في واشنطن الاجتماع المنتظر بين بايدن ونتنياهو، حسبما صرح مسؤول أمريكي رفيع لوكالة فرانس برس الاثنين.
نتنياهو الذي قال إن زيارته “مهمة جدا”، أعلن في حزيران/يونيو أن الحرب في مرحلتها الأعنف وتقترب من نهايتها.
وتعهد بايدن الاثنين، مواصلة العمل على إنهاء الحرب في غزة خلال الأشهر الأخيرة من ولايته، بعد تراجعه عن السعي لولاية ثانية.
وقال بايدن “سأعمل بشكل وثيق جدا مع الإسرائيليين والفلسطينيين لمحاولة التوصل إلى طريقة لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام في الشرق الأوسط وإعادة كل الرهائن إلى وطنهم”.
وتلتقي كامالا هاريس رئيس الوزراء الإسرائيلي “هذا الأسبوع” في واشنطن، حسبما أعلن مكتب نائبة الرئيس الأمريكي التي أطلقت حملتها للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر بعد انسحاب بايدن من السباق الاثنين.
وقال مكتب هاريس إن هذا اللقاء سيكون “منفصلا” عن اللقاء بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي.
14 مرة
صدر الأمر بإخلاء الجزء الشرقي من منطقة المواصي بعد شهرين فقط على إلقاء الجيش مناشير وجهت الفلسطينيين للذهاب إليها حفاظا على سلامتهم.
وقالت وزارة الصحة في غزة في بيان “ما وصل لمجمع ناصر الطبي نتيجة استهدافات ومجازر الاحتلال الإسرائيلي في خان يونس منذ صباح اليوم وحتى اللحظة 70 شهيدا وأكثر من 200 إصابة بينها حالات خطيرة”.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب التعليق من وكالة فرانس برس، لكنه قال في بيان إن طائراته ودباباته استهدفت مقاتلين في المنطقة “وقضت عليهم”.
وأكد أن قواته استهدفت أكثر من “30 بنية تحتية” عسكرية في خان يونس، حيث قصفت طائراته مخبأ للأسلحة ومواقع مراقبة وممرات أنفاق ومنشآت يستخدمها مقاتلو حماس.
على طريق النزوح للمرة الثالثة أو الخامسة عشرة أو ربما أكثر، امتلأت الشوارع المتربة بين الأنقاض بآلاف الفلسطينيين على دراجات وعربات تجرها حمير وبعض السيارات المحظوظة التي حصل أصحابها على بعض الوقود أو راجلين يحملون ما تيسر من أمتعتهم القليلة.
وروى حسن قديح أن عائلته فرت “في حالة من الذعر”. وقال لفرانس برس “كنا فرحين نعد الإفطار لأطفالنا بعد أن بقينا في مكان آمن مدة شهر، ثم صُدمنا بسقوط القذائف والمنشورات التحذيرية والشهداء في الشوارع”.
وأضاف “هذه هي المرة الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة التي نضطر فيها للنزوح. كفى! مضت عشرة أشهر ونحن في هذه المعاناة”.
يكفي تشريدا وتهجيرا
قال يوسف أبو طعيمة من القرارة في خان يونس إن عائلته توجهت إلى المنطقة التي أشار إليها الجيش، لكنها مكتظة تماما.
وأضاف الشاب البالغ 27 عاماً “لا يوجد مكان. المنطقة مزدحمة بالناس لا مكان لإقامة خيمة ولا يوجد بيوت ننزل فيها، سنبقى في الشارع. حتى الأرصفة عليها ناس وخيم. مللنا. يكفي تشريدا وتهجيرا”.
وأضاف “خرجنا تحت قصف الطيران والدبابات والمسيّرات”، موضحا أنه رأى “شهداء نقلوا بعربة توكتوك وعربة يجرها حمار إلى مستشفى ناصر، قصفوا البيوت والناس موجودة في البيوت”.
أما أحمد البيوك فقال “نزحت للمرة الثالثة، كل مرة تكون أصعب من التي سبقتها. لا بيوت لنا ولا مكان … رغم ذلك حاولنا التأقلم والعيش على ركام المنزل. لكن لا نكاد نستقر لأيام حتي يأتي الجيش ويقصف ويشردنا ويدمر أكثر وأكثر”.
وتابع “لا نعرف ماذا يريدون منا أن نفعل، إلى أين نذهب؟ كل مكان معرض للقصف”.
أحدثت حرب غزة توترا بين إسرائيل وحليفها التاريخي الأمريكي. وتخشى واشنطن من أن تؤثّر الحصيلة المرتفعة للضحايا على نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، في حين يواجه نتانياهو ضغوطا من أهالي الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط في “مجلس العلاقات الخارجية” ستيفن كوك “لم يسبق أن كانت الأجواء مشحونة إلى هذا الحد”.
وأدت الحرب في غزة إلى تفاقم التوترات الإقليمية، ولا سيما على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، ومع المتمردين الحوثيين في اليمن.
وفي تطور ينذر بعواقب جسيمة على المنطقة، أغارت مقاتلات إسرائيلية السبت على ميناء الحديدة الإستراتيجي، غداة تبنّي المتمرّدين اليمنيين هجوماً بمسيّرة مفخّخة أوقع قتيلا في تل أبيب. وهي المرة الأولى التي تتبنى فيها الدولة العبرية هجوماً على اليمن.
وفي ظل تعثر المفاوضات الجارية عبر الوسطاء، يرتقب أن يصل إلى الدوحة الخميس وفد من إسرائيل لبحث مطالبها الجديدة بشأن هدنة وتبادل للرهائن مع حماس، وفق مصدر مطلع.
وأكد المصدر أن إسرائيل طلبت بقاء قواتها في “محور فيلادلفيا” الذي يمتد 14 كلم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، وأن يعود إليها تنظيم عودة المدنيين إلى شمال القطاع المدمر.
وأضاف المصدر أن إسرائيل طلبت أيضاً حلّ مشكلة تمركز قواتها في غزة قبل بدء الهدنة.
أدى هجوم نفذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 44 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
والاثنين، أعلن منتدى عائلات الرهائن والجيش مقتل اثنين منهم وبقاء جثتيهما لدى حماس.
ردت إسرائيل على هجوم حماس متوعدة بـ”القضاء” على الحركة، وهي تنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وهجمات برية، أسفرت عن سقوط 39006 قتلى على الأقل، معظمهم مدنيون ولا سيما من النساء والأطفال.