مقتل وإصابة آلاف الأطفال في الضفة وغزة.. ما هو دور المنظمة الأممية المعنية؟
- %250 زيادة بعدد الأطفال الذين قتلوا في الضفة منذ بدء الحرب على غزة
- 143 طفلا قتلوا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ أكتوبر 2023
- أكثر من 440 طفلا فلسطينيا أصيبوا بذخائر حية في الضفة خلال نفس الفترة
- مقتل أكثر من 14.000 طفل في غزة وفقاً لأحدث التقديرات
يُعاني الأطفالُ في غزة والضفة الغربية، من ظروفٍ قاسيةٍ نتيجة الصراع المستمر في المنطقة، يتعرض هؤلاء الأطفال لانتهاكات جسيمة لحقوقهم، بما في ذلك القتل والإصابة والاعتقال.
في غزة، يُعاني الأطفال من نقصٍ حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية والأمراض. كما أن الهجمات العسكرية المتكررة تترك آثارًا نفسية عميقة على الأطفال، حيث يعانون من الخوف والقلق والصدمة النفسية.
أما في الضفة الغربية، يواجه الأطفال الاعتقالات التعسفية والعنف من قبل القوات الإسرائيلية، مما يؤثر على تعليمهم وحياتهم اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، يعيش العديد من الأطفال في ظروف اقتصادية صعبة، حيث تعاني أسرهم من الفقر والبطالة. وهو ما يؤكد أن الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي لهؤلاء الأطفال أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى- هذا ما قاله سليم عويس المتحدث باسم مكتب اليونيسف الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يضيف “عويس”، في حواره مع “أخبار الآن”، أنه “من المحزن بعد 10 أشهر من الحرب تقريبًا أن نرى أن معانة الأطفال ما زالت مستمرة، فهناك آلاف الأطفال فقدوا حياتهم، وآلاف غيرهم تعرضوا للإصابات، وكل الأطفال يواجهون صدمات نفسية بحاجة إلى تدخلات ورعاية نفسية”.
وأوضح المسؤول الإعلامي في مكتب اليونيسف الإقليمي أنه “منذ بداية التصعيد الأخير في قطاع غزة؛ كان هناك عنف متزايد في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي تسبب في ارتفاع حاد في أرقام القتلى بين الأطفال، حيث وصل العدد إلى 143 طفلا، خلال 9 أشهر فقط، بزيادة قدرها 250% عن الـ9 أشهر السابقة لبداية هذه الحرب”. مضيفًا أن عدد الإصابات بين الأطفال في الضفة أكثر من 440 طفلا أصيبوا بذخائر حية، وهو ما يؤكد استخدام القوة المفرضة، وغير الضرورية تجاه الأطفال”.
وعن الأرقام في قطاع غزة، أكد “عويس”، أنه “في قطاع غزة الأرقام أكبر بكثير، حيث قُتل أكثر من 14.000 طفل، وذلك وفقاً لأحدث تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية، وإصابة آلاف آخرين، وهي أرقام مُرشحة للارتفاع”.
من ناحيتها، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل: “ظلّ الأطفال الذين يعيشون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، معرضين منذ سنوات لعنف فظيع. وقد تدهور الوضع تدهورًا شديدًا تزامنًا مع تصاعد الأعمال العدائية داخل غزة. نحن نشهد مزاعم متواترة بشأن أطفال فلسطينيين يُحتجزون في طريق عودتهم من مدارسهم إلى منازلهم، أو يتعرضون لإطلاق الرصاص بينما يسيرون في الشوارع. يجب أن يتوقف هذا العنف الآن”.
أكثر من نصف حالات القتل وقعت في جنين وطولكرم ونابلس، حيث شهدت هذه المناطق زيادة في عمليات فرض القانون الكبيرة وذات السمة العسكرية على امتداد العامين الماضيين، مما يدل على تحوّل في شدة هذه العمليات ونطاقها.
وقالت اليونيسف إن التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية تؤثر على العافية البدنية والعقلية لآلاف الأطفال وأسرهم، “والذين باتوا يعيشون في خوف يومي على حياتهم”.
وأكدت المنظمة أنه حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان أطفال الضفة معرضين لأعلى مستويات العنف منذ 20 عامًا، إذ لقي 41 طفلا فلسطينيا و6 أطفال إسرائيليين حتفهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. كما أنهم تأثروا بشدة بالقيود المفروضة على الحركة والتنقل التي عطَّلت حياتهم اليومية.
ويؤكد “عويس” أن منظمة اليونيسف كانت متواجدة في الضفة الغربية، وغزة، قبل التصعيد الأخير، ومستمرة عبر فرقها المختلفة في تقديم الدعم المطلوب وفقًا للقدرات المتاحة، وذلك للمساعدة في إدخال المساعدات، وتقديم الخدمات الأساسية، مثل تقديم الدعم للأطفال، وتوفير المياه، رابطًا تأثير وحجم هذه الجهود بالتهديد الذي تتعرض له المنظمات الأممية، بسبب العنف المتواصل، وعدم ضمان الأمان، خاصة وأن عمال الإغاثة من اليونيسف وغيرها من المنظمات الأممية أو المحلية أو الدولية يتعرضون للخطر، حيث قتل 200 عامل إغاثة تقريبًا بسبب العنف الشديد في قطاع غزة.
وفي كلمة بداية أبريل الماضي، للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، أمام اجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة تقريره حول الأمن البشري، أفاد بأن مقتل عمال إغاثة لدى المطبخ المركزي العالمي رفع عدد عمال الإغاثة الذين قتلوا في الصراع في غزة إلى 196 بمن فيهم أكثر من 175 من موظفي الأمم المتحدة.
وعن التنسيق مع دول الجوار، والمنظمات والمؤسسات المعنية، قال سليم عويس، إن “اليونيسف منظمة أممية، ودورها أن تعمل مع كافة الأطراف الدولية، منها أطراف النزاع، ومنها الأطراف الدولية الأخرى التي لها تأثير على الوضع في النزاع، وكذا هناك تنسيق مع كافة الأطراف، ومناشدات متواصلة مع أطراف لتسهيل تقديم الخدمات وتقديم المساعدات للأطفال وعائلاتهم، وهو ما يُعد أمرًا ضروريًا خاصة مع دول الجوار التي يتم العبور من خلالها إلى قطاع غزة لتقديم المساعدات”.
واستطرد “عويس”، حديثه عن المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة، خاصة الأطفال، مسلطًا الضوء على انتشار الأمراض، خاصة الأمراض المعدية، حيث “هناك انتشار كبير للأوبئة والأمراض الجلدية تظهر على شكل حبوب وحتى حروق على الجلد” فضلا عن الأمراض الرئوية والمعوية التي تشكل خطرًا كبيرًا على الأطفال ما دون الخمس سنوات، وأكثر من دون السنتين”.
وأضاف: “قدرتنا على أن يكون لدينا حصر دقيق للأرقام وطبيعة الأمراض صعبة جدًا في وسط كل العنف، والإشكالات الأمنية على الأرض وعدم القدرة على التحرك بالشكل المناسب، ولكن طواقمنا وشركائنا على الأرض من أطباء والقطاع الصحي يؤكدون وجود مشكلة من ناحية انتشار الأمراض، ويؤثر على زيادتها نقص المياه النظيفة، ونقص المواد الصحية، ونقص الأدوية، وبالتأكيد ولكن اكتظاظ مناطق النازحين إن كانت مخيمات أو مدارس. ويوجد في بعض المخيمات دورة مياه واحدة يستخدمها مئات، وقد يصل العدد إلى خمسمائة شخص يتشاركون دورة مياه واحدة، كل هذا يؤدي إلى انتشار الأمراض بشكل أسرع، فضلًا عن نقص التغذية الحاد الذي يؤثر على مناعة الأطفال وقدرتهم على مواجهة العدوى”.
وعن دور المنظمة الأممية في توفير الرعاية في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في أثناء النزاع لمساعدتهم على مواجهة الصدمة التي لحقت بهم والتعافي منها، يقول “عويس” إنه “على الرغم من كل القيود ما زلنا نعمل على تقديم هذه المساعدات ولدينا برامج على الأرض وإن كانت شحيحة جداً بسبب الوضع وبسبب انتقال الأطفال بشكل مستمر لذلك من الصعب أن يكون هناك مكان واحد لتقديم الخدمات بشكل متواصل، ولكن مازال لدينا بعض الأماكن التي نقدم من خلالها هذه الخدمات، بالإضافة إلى التدخلات عن بعد، حيث يوجد خط ساخن يقدم المشورة للأطفال وعائلاتهم الذين يحتاجون إلى ذلك وهو خارج غزة، ويستقبل هذه المكالمات لتقديم المساعدة”.
ودعت اليونيسف جميع الأطراف لإنهاء ومنع أي انتهاكات جسيمة إضافية ضد الأطفال، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بشأن حماية الأطفال. وقالت: “يجب إعمال حق الأطفال في الحياة، ويجب ألا يكون الأطفال أبدا هدفا للعنف، بصرف النظر عن هويتهم أو مكان وجودهم”.
وفي هذا السياق، قالت “راسل”: “ستُقاس الكلفة الحقيقة للعنف في دولة فلسطين وفي إسرائيل بأرواح الأطفال — أولئك الذين فقدوا أرواحهم وأولئك الذين تغيرت حياتهم إلى الأبد من جراء العنف. إن ما يحتاجه الأطفال بشكل ماس هو إنهاء العنف والتوصل إلى حل سياسي دائم لهذه الأزمة كي يتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم بسلام وأمان”.