لماذا يتنصل حزب الله من المسؤولية عن هجوم الجولان؟
في هجوم هو الأسوأ منذ اشتعال الوضع على الجبهة اللبنانية،، قالت السلطات الإسرائيلية إن هجوما صاروخيا على ملعب لكرة القدم في مرتفعات الجولان المحتلة أسفر عن مقتل 12 شخصا بينهم أطفال وألقت باللوم على حزب الله، متعهدة بالرد على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.
الهجوم الذي يعد الأكثر دموية في إسرائيل أو الأراضي التي ضمتها منذ بدء الصراع في غزة، ورغم نفي حزب الله رسميا أي مسؤولية عنه، إلا أنه يفتح بابا من الأسئلة، ويثير مخاوف عدة، لاسيما مع تعهد إسرائيل على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأن يدفع حزب الله ثمنا باهظا لم يسبق أن دفعه من قبل، ما ينذر بإغراق لبنان وسط صراع لطالما حذر الجميع من إشعاله.
وسقط الصاروخ على ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان المحتلة، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 وضمتها في خطوة لم تعترف بها معظم الدول.
والجبهة في جنوب لبنان بين حزب الله والجيش الاسرائيلي فتحت غداة هجوم السابع من تشرين الاول/اكتوبر إسنادا لحماس، ويسجل مذاك تبادل قصف شبه يومي بين الجانبين.
من قصف الجولان؟
وبينما يصر حزب الله على نفيه بشكل قاطع كل الاتهامات بهذا الخصوص، يقول النائب السابق في البرلمان اللبناني مصطفى علوش، إنه ليس من الصعب في هذه الأيام اكتشاف من أين انطلق الصاروخ، مضيفا أن هناك تأكيدات بأن الصاروخ انطلق من منطقة يسيطر عليها حزب الله، وبالتالي إن لم يكن هو فهناك تنظيمات أخرى، تحت وصاية حزب الله أو سلطته هي من قامت بذلك.
وأرجع علوش في حديثه مع أخبار الآن نفي حزب الله مسؤوليته عن الهجوم إلى أنه على الأرجح لم يكن يتوقع أن يسقط الصاروخ في المنطقة التي سقط بها بالذات، وأن يؤدي إلى هذا الحجم من الخسائر التي تتخطى فواعد اللعبة التقليدية، والتي استمرت على مدى الأشهر التسعة الماضية.
وبحسب البرلماني اللبناني السابق، فإن حزب الله لم يرغب بأن يسقط الصاروخ في هذه القرية، تحديدا، ولا في قرية مدنية بغض النظر عن كونها مجد شمس أو غيرها، لكن بالتأكيد حصول هذا الأمر سيضع مسؤولية كبرى على أكتاف حزب الله، وعمليا نفيه للمسؤولية هو جزء من قوله بأن شيئا حصل لم يكن يقصده.
حرب شاملة
وعقب وقوع الهجوم الصاروخي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تصريحات لوكالة أكسيوس إن “هجوم حزب الله تجاوز كل الخطوط الحمراء، وسيكون الرد وفقا لذلك”، مضيفا: “نحن نقترب من لحظة حرب شاملة ضد حزب الله ولبنان”.
في هذا الصدد، أشار علوش إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية ووزير الخارجية ومجلس الحرب القائم، جميعهم يتحدثون عن شيء واحد منذ عدة أشهر وهو إعادة سكان شمال إسرائيل إلى بيوتهم، وبالتالي، ستتخذ إسرائيل ووفقا للنائب السابق في البرلمان اللبناني، من أي حدث كبير مثل ما حدث في مجدل شمس أو غيرها حجة لتقوم بحرب تعتبرها حربا وجودية، مايعني توسعة الحرب لتشمل لبنان وربما استدراج إيران إلى هذه الحرب، وبالتالي استدراج الولايات المتحدة الأمريكية والحلفاء، وهو مخطط مدروس وموجود دائما بوجدان القيادة الإسرائيلية.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب أن التطورات الميدانية اكتسبت في استهداف مجدل شمس دلالات شديدة، بمعنى أن حزب الله يعمل على توسيع رقعة الحرب مع إسرائيل، ضاربا عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والدبلوماسية حيال خطورة تصاعد المواجهات الجارية بين حزب الله وحلفائه الميدانيين ضد إسرائيل في الجنوب اللبناني.
هجوم بصبغة إيرانية
ويعد حزب الله هو الأقوى ضمن شبكة من الجماعات المدعومة من إيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والتي دخلت المعركة دعماً لحليفها الفلسطيني حماس منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وقال الجيش الإسرائيلي إن إطلاق الصاروخ تم من منطقة تقع شمال قرية شبعا في جنوب لبنان.
وكشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هاجاري، في تصريح للصحفيين في مجدل شمس، أن الأدلة الجنائية أظهرت أن الصاروخ كان من طراز فلق-1 إيراني الصنع.
وهنا يؤكد أبو زينب في تصريحاته لت”أخبار الآن” أنه لم يعد خافيا أن المواجهات الميدانية تحصل بأمر إيراني وذلك بما يسمى وحدة الساحات وحزب الله هو المسؤول عن أطلاق إي صاروخ من جنوب لبنان، مشددا على أن الجميع في لبنان يعرف أنه لا يستطيع أي فصيل أو مليشيا إطلاق الصواريخ إلا بتنسيق مع حزب الله.
وأضاف المحلل اللبناني أن استهداف مجدل شمس في هضبة الجولان المحتله سجلت نقلة خطيرة في رفع منسوب الاقتراب من الحرب الشاملة، خصوصا من جانب إسرائيل التي ضاعفت عدد غاراتها اليومية على بلدات وقرى الجنوب اللبناني مقترنة مع تكثيف لافت لعملياتها العسكرية.
لماذا يتنصل حزب الله من هجوم الجولان؟
لكن إذا كان حزب الله هو من شن هذا الهجوم، فلماذا لم يعلن مسؤوليته كما كان يفعل من قبل حين يتعلق الأمر بضرب أهداف إسرائيلية؟، عن هذه النقطة، يقول البرلماني اللبناني السابق مصطفى علوش إن حزب الله في العادة يتبنى ضرب المواقع العسكرية، لكن هذا الموقع الذي نتحدث عنه ليس عسكريا وإنما مدنيا بامتياز، وسقط فيه أطفال ومواطنون مدنيون، معادون عمليا للاحتلال الإسرائيلي، بحسب علوش الذي كان يتحدث عن مجدل شمس، مشيرا إلى أن أهلها دائما كانوا يقومون باعتراضات ومواجهات مع قوة الاحتلال الإسرائيلية.
ويعتقد النائب السابق في البرلمان اللبناني، أن الحزب لم يقصد إصابة هذه القرية بالتأكيد، ولا الملعب الذي تم استهدافه بالذات، وبالتالي فإن نفيه أو تملصه من الأمر مرتبط بقضية أنه لم يقصد أن تأتي العملية كما جاءت.
هذا التحليل يتفق معه الكاتب والمحلل السياسي طارق أبو زينب، الذي أشار إلى أن العمليه العسكرية في مجدل شمس استهداف فيها حزب الله السكان وهم من الطائفة الدرزية وبناء عليه، أنكر الحزب تنفيذ العمليه ليتنصل من المسؤلية، وذلك خوفا ان يكون لهذا الهجوم انعكاسات على داخل لبنان، خاصة أن معظم الدروز في لبنان حلفاء لحزب الله.
التداعيات على الوضع في لبنان أمر لا مفر منه بحسب الدكتور مصطفى علوش، الذي يرى أن إسرائيل إذا كانت تنتظر هكذا مناسبة، لتشعل حربا، فهذه الذريعة قائمة الآن، وربما تعمل على توسيع الحرب إلى حد كبير.
أما بالنسبة للبنان، فيقول علوش إن انعكاسات هذه العملية ستزيد من معاناة اللبنانيين، في وقت لاتوجد فيه جكومة حقيقية، ولا رئيس، بينما ينهار الاقتصاد، وتعاني معظم المؤسسات الرئيسية، فضلا عن وضع الكهرباء والاتصالات، والوضع المالي، وكذلك المؤسسات الأمنية المضغزطة إلى أقصى ما يمكن، وبالتالي يرى علوش أن أي حرب ستضاعف هذه المأساة على لبنان واللبنانيين عشرات المرات.
لبنان في عين العاصفة
يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، طارق أبو زينب، إنه تبعا لهذه المشهدية ثمة تقديرات جديدة دخلت على خط السيناريوهات المتصلة بالوضع الميداني في الجنوب وعبره يعتقد واضعوها من المعنيين والخبراء أن لبنان صار في عين العاصفة أكثر من غزة، لجهة تترقب العد العكسي لما ستفضي إليه التطورات بعد زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية لواشنطن والتي استبقها بضرب المنشآت اليمنية، متوعدا بتعميمها على دول المنطقة.
وفي أعقاب هذا الهجوم الصاروخي، نددت الحكومة اللبنانية بـ”كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين”.
وقالت الحكومة في بيان إن “استهداف المدنيين يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية”، داعية الى “الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات”.
وفي قراءته لتصريحات الحكومة، قال البرلماني اللبناني السابق مصطفى علوش، إن هذا ما ينتظر من حكومة مغلوبة على أمرها، مستنكرا، إذا كانت تجرؤ على إصدار بيان ترفض من خلاله إطلاق أي صواريخ من لبنان باتجاه هذه المناطق، هذه الصواريخ التي جعلت الدولة اللبنانية في وضع حرج ودفعت إسرائيل إلى مزيد من العدائية، لكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك بحسب علوش الذي يرى أنها تحت سلطة حزب الله بشكل مباشر.
وبينما يؤكد أبو زينب أن معظم اللبنانيين يرفضون التصعيد، ويخشون أن تنذر الحرب باشتعال حريق إقليمي ينطلق من لبنان ويكون لبنان ساحة دمار مفتوحة أمامه، يعتقد علوش أن ما جرى سيشكل ضغطا كبيرا على حزب الله الذي ربما يجد نفسه مضطرا على القبول ببعض الطروحات التي طرحت بشأن القرار 1701.
القرار “1701”
وعاد للواجهة مسألة تنفيذ القرار “1701”.، منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقب اندلاع الحرب على غزة بيوم، بعد أن اشتعلت الحدود الجنوبية اللبنانية جراء القصف المتبادل بين “حزب الله” من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وفي 11 أغسطس/ آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم “1701” الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، ودعا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق “الفاصل بين لبنان وإسرائيل” ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات “يونيفيل” الأممية.