السويداء تتضامن مع مجدل شمس.. الرسائل والدلالات
شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء السورية، مظاهرة شعبية، تضامنا مع ذوي الضحايا في قرية مجدل شمس ذات الغالبية “الدرزية”، في الجولان السوري المحتل، والذين قضوا نتيجة قصف صاروخي، تبادل كلاً من إسرائيل و”حزب الله” اللبناني الاتهامات بالوقوف خلفه.
يأتي هذا، بينما شيع الآلاف من أبناء الجولان السوري المحتل الضحايا الـ 12 الذين قتلوا أمس جراء صاروخ سقط في الملعب البلدي ببلدة مجدل شمس.
"جولان دموعه سخايا".. مشاهد مؤثرة من تشييع ضحايا #مجدل_شمس#أخبار_الآن#الجولان pic.twitter.com/KOM5duSl8K
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) July 28, 2024
واعتبر الحقوقي والناشط السياسي سليمان الكفيري، أن ما جرى في مجدل شمس هي جريمة إسرائيلية، حتى مع اتهامات إسرائيل لحزب الله تبقى جريمة نكراء، كان ضحاياها من الأطفال الآمنين، الذين لا يدركون معنى الحرب.
وأضاف الكفيري في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” أن هذا الهجوم يرتبط بالمعارك الإسرائيلية في غزة ورفح، ويتعلق بأجندات حزب الله والإيرانيين في سوريا، مؤكدا أن القتلى الذين راحو ضحية هذا القصف في ملعب لكرة القدم يؤكدون بأن هذه الحرب لا أخلاقية، ولا تخدم سوى أجندات الحكومات المستبدة من إسرائيل لسوريا ولبنان، والتي تريد خلق الأوراق في المنطقة، لكنه أشار إلى أن أيا كانت هذه الأوراق فلا يجوز أن يمر الطريق إلى القدس وغزة، أو إلى دمشق وبيروت، عبر أطفال آمنين ليس لهم ذنب.
وبينما يصر حزب الله على نفيه بشكل قاطع كل الاتهامات بوقوفه وراء الهجوم، يقول النائب السابق في البرلمان اللبناني مصطفى علوش، إنه ليس من الصعب في هذه الأيام اكتشاف من أين انطلق الصاروخ، مضيفا أن هناك تأكيدات بأن الصاروخ انطلق من منطقة يسيطر عليها حزب الله، وبالتالي إن لم يكن هو فهناك تنظيمات أخرى، تحت وصاية حزب الله أو سلطته هي من قامت بذلك.
وأرجع علوش في حديثه مع أخبار الآن نفي حزب الله مسؤوليته عن الهجوم إلى أنه على الأرجح لم يكن يتوقع أن يسقط الصاروخ في المنطقة التي سقط بها بالذات، وأن يؤدي إلى هذا الحجم من الخسائر التي تتخطى فواعد اللعبة التقليدية، والتي استمرت على مدى الأشهر التسعة الماضية.
مصابنا واحد
ورفع المتظاهرون في السويداء لافتات تضامنية مع أهالي الضحايا، كتبت عليها عبارات عديدة كان من بينها “مجدل شمس لم ولن تركع”، و”أهلنا في مجدل شمس”، و”مصابنا واحد”.
"أهلنا في #مجدل_شمس مصابنا واحد"
📷السويداء ٢٨•٧•٢٠٢٤ pic.twitter.com/Gsx1JwOVEA
— Laila Azzam ليلى عزام (@LailaAzzam_98) July 28, 2024
وعن هذه الوقفة، يقول الكفيري، إن أهل السويداء أرادوا توجيه رسالة لكل الشعوب الخيرة والمحبة للسلام، مفادها بأنهم شعب يريد الحياة ويدين الحرب، الهادفة لاستغلال السلطة المستبدة، وقمع الحريات، والتعدي على كرامة الإنسان، مضيفا أن هذه السلطات التي لا تعيش إلا من خلال الحرب هي مدانة سواء كانت كانت في سوريا أو في لبنان أو في فلسطين أو في أي مكان .
وتابع الناشط السياسي: “نحن نرفع شعار الحرية للجميع على أرضية العدالة والمساواة، وندين الحرب، خصوصا عندما تكون أهدافها دنيئة وقذرة، وتهدف إلى خلط الأوراق في المنطقة، والعبث بمنطقة الشرق الأوسط لبناء خارطة سياسية جديدة، ضحيتها الشعب السوري الآمن والشعب اللبناني المسالم، والشعب الأردني والفلسطيني وحتى اليهود الأحرار أيضا”.
وبينما انطلقت العديد من الدعوات التي تحذر من إشعال فتيل حرب إقليمية بالمنطقة، والانجرار نحو حرب شاملة، كما توعد المسؤولون الإسرائيليون عقب الهجوم، تساءل الكفيري عن المستفيد من هذه الجريمة النكراء؟ وماذا يجني من وراءها. كما استنكر محاولات إقحام الشعب السوري في هذه الحرب، مضيفا أنه يكفيه ما يتعرض له من حرب وفتن وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.
وأدانت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية في سوريا، بقيادة الشيخ حكمت الهجري، الجريمة النكراء التي استهدفت المدنيين في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
وأعربت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية في بيان ، عن استنكارها الشديد للجريمة التي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال، مشددًا على أن الأبرياء ليسوا مواقع تدريب أو تجريب.
وأشار البيان إلى ضرورة ملاحقة الجهة المسؤولة عن الجريمة عبر القنوات الأممية والدولية، موضحا أن الفاعلين معروفون لدى الجميع، دون أن يسميها البيان صراحة.
دولة كل السوريين
وفيما أكد الحقوقي والناشط السياسي السوري سليمان الكفيري أن هذه الجريمة مدانة إنسانيا وسياسيا ودوليا وأخلاقيا، وأنها لا تخدم سوى الحكومات المستبدة المستندة إلى الطائفية أينما وجدت، شدد على أن وقفة أهل السويداء ضد ما جرى في مجدل شمس، هو أمر طبيعي، لكشف ألاعيب كل من يريد أن يعبث بأمن المنطقة، مؤكدا أن هذه الوقفة ليست لأنهم دروز مثل غالبية سكان البلدة الواقعة في الجولان، وإنما لأنهم وطنيون أحرار في المقام الأول.
وفي هذه النقطة تحديدا، لفت الكفيري إلى أن أهل السويداء تضامنوا من قبل مع كل الشعب في سوريا، من إدلب لحمص لدرعا وريف دمشق وحلب، دون أن يكون المحرك في ذلك طائفيا أو قوميا، وإنما من أجل بناء دولة لكل السوريين تحكمها العدالة والقانون.
وقفة إحتجاجية في #ساحة_الكرامة لأهالي محافظة #السويداء ورفعوا لافتات تضامنا مع أهالي الضحاية في #مجدل_شمس ب #الجولان_الصوري_المحتل جراء المجزرة التي ارتكبها مليشيا حزب إيران اللبناني
وراح ضحيتها أطفال كانوا يلعبون بكرة القدم"أهلنا في مجدل شمس مصابنا واحد" pic.twitter.com/6ofTxN74wM
— Alaa Al Diab (@Alaaeddindiab) July 28, 2024
مجدل شمس
يقدر عدد سكان قرية مجدل شمس، الواقعة على مرتفعات الجولان السورية المحتل منذ عام 1967 جنوب غربي سوريا، بنحو 12000 نسمة، حسب إحصاءات عام 2022، ومعظمهم من الطائفة الدرزية، ويشكلون الكتلة الأكبر من الدروز الموجودين في الأراضي المحتلة، تليها قرى عين قينيا ومسعدة وبقعاثا.
وظلت قرى الجولان السورية المحتلة تدار من المحافظة العسكرية الإسرائيلية، حتى عام 1981، الذي شهد صدور قانون مرتفعات الجولان، القاضي بضم المنطقة تحت نظام المجالس المحلية الإسرائيلي، دون أن يحظى بقبول دولي رسمي.
ومع أن إسرائيل منحت لسكان تلك المناطق حق الحصول على الهوية الإسرائيلية، إلا أن الغالبية العظمى رفضتها، ولم تتجاوز نسبة المتقدمين للحصول عليها 20 في المائة حتى عام 2018.
وظلّ أكثر من 80 في المائة من السكان يحتفظون بالهوية السورية الذين تعرفهم إسرائيل رسمياً بـ«سكان مرتفعات الجولان» دون الاعتراف بهويتهم السورية، كما ظلّت الدولة السورية تعدهم مواطنين سوريين، والذين بدورهم حافظوا على علاقتهم بسوريا وأهلهم في الأراضي السورية، وتمتينها عبر علاقات المصاهرة؛ إذ تقام الأعراس رغم الأسلاك الشائكة التي تشطر العائلات إلى قسمين بين الأراضي المحتلة والأراضي غير المحتلة.
وفي هذا الصدد يقول الكفيري، إن مجدل شمس قرية درزية محتلة أعلنت رفضها للهوية الإسرائيلية تاريخيا، ومواقفها الوطنية تتجاوز كل ما هو ديني وكل ما هو طائفي، لافتا إلى أن التاريخ والانتفاضات السابقة تشهد بذلك.
رد متأخر
رد الفعل الرسمي من قبل سوريا لم يصدر إلا في اليوم التالي، حيث حملت وزارة الخارجية والمغتربين إسرائيل المسؤولية عن التصعيد الخطير للوضع في المنطقة، مستنكرة محاولاتها اختلاق ذرائع لتوسيع دائرة عدوانها.
وأكدت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك، أن “شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، لا سيما أن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية”.
وعن تأخر إصدار رد فعل من قبل الحكومة السورية على جريمة مجدل شمس، اعتبر الكفيري في تصريحاته لأخبار الآن، أن هذا الأمر ليس بجديد على حكومة بشار الأسد، أو أي من مؤسسات السلطة السورية، التي يقول الناشط السياسي إنها لا تتغير منذ 70 عاما، وتشبه الحكومات المستبدة.
سلطة مستبدة
ويرى الكفيري أن الحكومة السورية، لا تصدر ما يخدم شعبها، وإنما تصدر ما يخدم أجندات هذه السلطة وتحالفاتها المعلنة وغير المعلنة، معتبرا أن هذا التأخير ليس لا يفاجئه وكذلك “الأحرار” الذين لا يتفاجئون بردود فعل هكذا سلطة قمعية ظالمة مستبدة، على حد وصفه.
واختتم الكفيري حديثه مع أخبار الآن، بالتأكيد على أن السوريين في الداخل، وفي كل شبر من أرض سوريا والذين يريدون الانتقال السياسي عبر تطبيق القرارات الدولية وخصوصا القرار 2254، لن يثنيهم، كل ما يحدث في المنطقة، عن استمرار هذا الحراك السلمي بطابعه المدني الحضاري في السويداء، حتى تتحقق أهدافهم، بالانتقال السياسي السلمي ذي الطابع الديمقراطي.
القرار 2254
وتضمن القرار الذي يحمل رقم 2254، وصدر في ديسمبر 2015، عددا من البنود، فقد اعتمد بيان جنيف ودعم بيانات فيينا الخاصة بسوريا، باعتبارها الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سوريا، وشدد على أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل سوريا.
كما أقر بدور المجموعة الدولية لدعم سوريا، باعتبارها المنبر المحوري لتسهيل جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية دائمة في سوريا.
وأعرب عن دعم مجلس الأمن للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسوريا في غضون ستة أشهر.
ولطالما، أعرب أهل السويداء عن دعمهم لهذا القرار وطالبوا بتطبيقه، من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة، في العيش الكريم والحرية والديمقراطية.