أعداد المغادرين من مطار بيروت تكشف حجم الأزمة.. و”أخبار الآن” ينشر الأرقام الرسمية
يعيش لبنان على حافة الحرب، وإيقاع التهديدات، ولعل المشهد في مطار رفيق الحريري الدولي يعكس واقع التخوّف الذي يختبره سكان هذا البلد وكذلك زواره، ويوثّق حال السباق مع الزمن للوصول إلى وجهة “آمنة”.
واقع الأمر أنه منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر المسؤول العسكري الرفيع في حزب الله ببيروت، سارعت دول أجنبية وعربية إلى حثّ رعاياها على مغادرة لبنان، فيما أقبل مغتربون لبنانيون إلى قطع إجازاتهم عائدين إلى أماكن إقامتهم، وهذا ما تُرجم في حركة مغادرة كثيفة منذ مطلع شهر آب/أغسطس.
“نغادر غصبا عنّا، لا برضانا”.. هكذا وصفت إحدى السيدات اللبنانيات لحظة وداعها أسرتها أمام قاعة المغادرة، التي اكتظت بصفوف طويلة من المسافرين، الذي انتشروا أمام ألواح مواعيد الرحلات المغادرة والآتية، أو عند أكشاك الأمن العام اللبناني ومكاتب طيران الشرق الأوسط (MEA).
من جهتها، قالت اللبنانية جويل: “ذاهبة إلى فرنسا، لأن لدي عملا هناك، وليست هناك طائرات. طائرتي ألغيت وأرغمت على أن أحجز بطاقة سفر اليوم لأتمكّن من العودة”.
وأضافت: “لست سعيدة بالمغادرة، كنت أودّ أن أكمل الصيف في لبنان ثم أعود إلى العمل، لكنني أوجزت زيارتي حتى أتمكّن من إيجاد رحلة”.
ومن الواضح أن شبح الحرب يخيّم على العطلة الصيفية لكثير من اللبنانيين المهاجرين في الخارج للعمل أو الدراسة، والذين يستفيدون من فسحة الصيف لزيارة عائلاتهم وأصدقائهم كلّ عام.
وتروي روان، أم لولدين، لـ”أخبار الآن” قائلةً: قررت وزوجي تسريع رحلة عودتنا لأنني قلقة من أن تؤدي الحرب، بحال اشتعالها، إلى فقدان السلع الأساسية لي ولأطفالي.
وأضافت: نجد صعوبة في حجز تذاكر سفر بمواعيد قريبة وأسعار مقبولة نظراً للضغط على شركات الطيران ومطار بيروت.
حالة عدم اليقين هذه تُرجمت في مكاتب السفريات، وعن هذا الموضوع تقول غريتا مكرزل إنه “مع إلغاء الرحلات وارتفاع نسبة التوتر، سارع كثيرون الى تبكير مواعيد رحلاتهم”. وأضافت: “منذ أيام أتلقى سيلا من الاتصالات من زبائن يريدون المغادرة خوفا من أن يعلقوا في لبنان”.
وتابعت: “إيجاد أماكن على الطائرات صعب جدًا بسبب إلغاء رحلات وكثرة الطلب خصوصًا الى الدول الأوروبية.”
الأرقام تحكي الأزمة
تكشف أعداد المغادرين من مطار بيروت حجم الأزمة وحالة الإرباك التي يشهدها لبنان، وهذا ما تبيّنه أرقام رسمية حصل عليها موقع “أخبار الآن” من جهات رسمية في المطار.
في الأرقام، غادر 69 ألفاً و571 مسافراً من مطار بيروت في الفترة الممتدة من الأول من أغسطس حتى الخامس منه، توزعوا على 410 رحلات أقلعت من أرض المطار.
وتفوق أعداد المغادرين في آب / أغسطس، أعداد المغادرين في تموز / يوليو بالفترة الزمنية نفسها (من 1 إلى 5)، بحيث بلغ عدد المغادرين في تموز / يوليو نحو 51 ألف شخص.
وتصف الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان حركة المطار بأنها “تستمر حالياً بوتيرة يومية شبه عادية رغم التطورات السياسية والأمنية التي فرضت نفسها على الواقع اللبناني برمته، ورغم التعديل والتغيير الحاصل في جدولة الرحلات الجوية لعدد من شركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية”.
وتكشف حركة مطار بيروت في تموز / يوليو، وتحديداً أعداد المغادرين حالة التدهور الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة التي راحت تتفاقم مع اقتراب نهاية الشهر. وتظهر الأرقام أن أعداد المغادرين في آخر 6 أيام من يوليو ارتفعت، مقارنة بأعداد الوافدين.
تأجيلات وتحذيرات
ألغت شركات طيران عدة رحلاتها إلى بيروت، من بينها شركة لوفتهانزا الألمانية حتى 12 آب/أغسطس. كما مدّدت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة ترانسافيا تعليق الرحلات، وقطعت الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها اعتبارًا من الاثنين، فيما ألغت شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الليلية الى بيروت موقتًا.
أما قائمة الدول والسفارات التي تدعو رعاياها إلى السفر من لبنان بأسرع وقت، فهي تطول يوماً بعد يوم، وآخر البلدان كانت اليابان، في حين دعت السفارة الصينية المواطنين الصينيين إلى توخّي الحذر عند السفر إلى لبنان، مشيرة إلى الوضع الأمني ”الصعب والمعقد”.
وأتى ذلك بعدما كانت السفارة الأمريكية في بيروت عاودت، عبر حسابها على منصة “إكس” ليلاً، نشر التحذير من سفر الأمريكيين إلى لبنان، بينما حثّت وزارة الخارجية التركية الرعايا الأتراك في لبنان “على مغادرة البلاد إذا لم تكن هناك ضرورة لبقائهم، وذلك في ظل احتمال تدهور الوضع الأمني بسرعة”.
وتزامن ذلك، مع معلومات نشرتها صحف لبنانية تفيد بأن مسؤولين لبنانيين تبلغوا من جهات رسمية أجنبية رغبة بلادهم ببدء تفعيل خطط ترحيل رعاياها من لبنان بحراً وجواً إذا تفاقمت الأمور وأصبحت خطط الإخلاء امراً لا بد منه.