بسبب الاحتجاجات في بريطانيا.. تخوف لدى المهاجرين
“الشعب البريطاني الذي يُدرك الحاجة إلى الهجرة، أكثر لطفًا من أن يُهاجم هذه الفكرة، كما أنه يعرف جيدًا أن وجودهم مصلحة مشتركة”، هذا ما قالته أحلام أكرم، وهي بريطانية من أصل فلسطيني، ومؤسسة ومديرة منظمة “بصيرة” غير الربحية لأخبار الآن، حيال احتجاجات اليمين المتطرف في بريطانيا، ضد المهاجرين.
ولفتت إلى أن “اليمين المتطرف المناهض للمهاجرين هم أقلية تصدر الكثير من الضجيج”.
هذا وتشهد عدة مدن وبلدات في بريطانيا احتجاجات عنيفة واضطرابات بعد مقتل ثلاث فتيات في هجوم بسكين استهدف حفلاً راقصاً للأطفال في ساوثبورت قرب ليفربول شمال غرب إنكلترا.
وإثر الاعتداء، أوقفت الشرطة شابا يبلغ 17 عاما للاشتباه في ارتكابه “جريمة قتل ومحاولة قتل” موضحة بأن الدوافع لم تتضح بعد.
واتهم أكسل روداكوبانا بقتل بيبي كينغ (6 أعوام) وإلسي دوت ستانكومب (7 أعوام) وأليس داسيلفا أغويار (9 أعوام)، وبإصابة آخرين. ووفق الشرطة، فإن خمسة من الأطفال الثمانية المصابين في حالة “حرجة”.
مهاجمة مساجد.. وزعماء دينيون يدعون للهدوء
واستغلت جماعات معادية للمهاجرين والمسلمين هذه الواقعة بعد انتشار معلومات مضللة مفادها بأن المشتبه به هو “مهاجر إسلامي متطرف”. وذلك على الرغم من أن الشرطة قالت إن المشتبه به ولد في بريطانيا وإنها لا تنظر إلى الهجوم باعتباره عملاً إرهابياً.
في ضوء ذلك، حملت الشرطة مسؤولية الفوضى لمنظمات مرتبطة بـ”رابطة الدفاع البريطانية” اليمينية المتطرفة والمناهضة للإسلام التي تأسست قبل 15 عاما وجرى حلها.
وتأمل بريطانيا في استعادة الهدوء بعدما أوقفت الشرطة المئات فيما يشعر السكان بالصدمة جراء انتشار صور في الأيام القليلة الماضية تظهر مهاجمة فندق ومحاولة إضرام النار في فندق يؤوي طالبي لجوء، ومهاجمة مراكز إسلامية، ونهب متاجر.
تعليقاً على لك قالت أكرم خلال حديثها -عن التدابير اللازمة المتخذة لمواجهة الوضع المُلتهب الآن -: “الحكومة البريطانية تُخطط لتوقيع أقصى العقوبات على المتورطين في أعمال الشغب”.
وكانت الشرطة البريطانية بدأت في مراقبة تطبيق “تيك توك” بحثًا عن أدلة ارتكاب جرائم في أعمال الشغب اليمينية المتطرفة، تحديدًا بعدما اتجه المحتجون لتصوير أفعالهم عبر البث المباشر، وباتوا ينشرون مقاطع فيديو، تُظهر ارتكابهم لأفعال غير قانونية.
وإلى ذلك، قال مصدر في الشرطة وفقًا لصحيفة الغارديان: “ستقوم كل قوة بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وتيك توك، لأغراض جمع الأدلة. وتقوم وحدات مكافحة الجريمة المنظمة الإقليمية بذلك أيضًا، مع التركيز على الطرف الأعلى من المخالفين، أولئك الذين يحرضون والمنظمين الكبار”.
وفي بعض الحالات، ألقى مثيرو شغب حجارة وزجاجات على الشرطة، ما أدى لإصابة العديد من عناصرها، ونهبوا وأحرقوا متاجر، بينما سُمع متظاهرون أيضا وهم يطلقون شعارات مناهضة للإسلام.
خريطة توضيحية لموقع ساوثبورت
ووصلت التهديدات إلى مساجد في ساوثبورت ومدينة سندرلاند شمال شرق إنكلترا، ما أدى إلى تعزيز الأمن في مئات المؤسسات الإسلامية وسط مخاوف على سلامة المصلين.
وأصدر قادة دينيون مسيحيون ومسلمون ويهود في ليفربول نداء مشتركا دعوا فيه إلى الهدوء.
تحريض على المهاجرين
إسماعيل وهو شاب سوري يعيش في العاصمة البريطانية لندن قال إنه “بات أكثر قلقاً حالياً حيال ما تشهده بريطانيا، وخصوصاً وأنه من المهاجرين الذين يعدون هدفاً لتظاهرات اليمين التطرف”.
وأوضح أنه “لا يمكن أن أسير في شارع يشهد هذه التظاهرات فأنت لا تعرف ما الذي ينتظرك إذا ما شك أحد ما بأصولك”.
وأردف: “أتابع الأخبار بشكل يومي، وأكثر ما يريحني هو موقف الحكومة البريطانية الحالي، وأعتقد أنها قادرة على احتواء هذه الاحتجاجات”.
هذا وأثارت الواقعة حالة من الصدمة والذهول بمدينة ساوثبورت وربوع بريطانيا. واندلعت أول أعمال الشغب في ساوثبورت قبل أن تمتد إلى أكثر من مدينة خصوصا في ليفربول ومانشستر وبريستول وبلاكبول وهال، إضافة إلى بلفاست في إيرلندا الشمالية.
وتم الإعلان عن المسيرات على صفحات تواصل اجتماعي يمينية متطرفة تحت شعار “طفح الكيل”. وخلال الاحتجاجات، برز متظاهرون يلوحون بالأعلام الإنكليزية والبريطانية ويرددون شعارات مثل “أوقفوا القوارب”، في إشارة إلى المهاجرين غير الشرعيين الذين يبحرون إلى بريطانيا من فرنسا.
وحطم متظاهرون ملثمون مناهضون للمهاجرين نوافذ في فندق يستخدم لإيواء طالبي اللجوء في روثرهام، بجنوب يورشكير. وقالت الشرطة إن فندقا ثانيا معروفا بإيواء طالبي لجوء كان هدفا لأعمال عنف قرب برمنغهام بوسط إنكلترا.
وتشكل هذه الاضطرابات أكبر تحد يواجهه رئيس الوزراء كير ستارمر بعد شهر فقط من توليه منصبه إثر قيادته حزب العمال إلى فوز ساحق على حزب المحافظين. وحذر ستارمر محتجي اليمين المتطرف من أنهم “سيندمون” على ضلوعهم في أعمال الشغب، وتعهد بفرض “عقوبات جنائية سريعة” على مثيري الشغب المتورطين في أعمال العنف.
وقالت الحكومة إن قوات الأمن لديها “كل الموارد التي تحتاج اليها” للتعامل مع الأحداث الأخيرة، وسط مخاوف من اتساع رقعة الاضطرابات.
في المقابل، نظم متظاهرون مناهضون للفاشية مسيرات مضادة في العديد من المدن، من بينها ليدز، حيث هتفوا “ابتعدوا عن شوارعنا أيها النازيون الحثالة”، بينما هتف المتظاهرون اليمينيون المتطرفون “أنتم ما عدتم إنكليزيين”.
وترجع آخر احتجاجات عنيفة في بريطانيا إلى 2011 حين خرج الآلاف إلى الشوارع للتظاهر بعد أن أطلقت الشرطة النار على رجل أسود في لندن وقتلته.