دلالات كشف حزب الله عن أحد أنفاقه.. وكيف تلقّف الشارع اللبناني الفيديو؟
نشر حزب الله في الساعات الماضية، فيديو لمنشأة عسكرية تُدعى “عماد 4” تحتوي على عدد من الراجمات الصاروخية والتجهيزات العسكرية، في أنفاق تحت الأرض.
وأظهر الفيديو، الذي نشره الإعلام الحربي لحزب الله، شاحنات ضخمة تحمل صواريخ ثقيلة، لم يُحدّد نوعها، تجول في أنفاق كبيرة ومجهّزة بالإلكترونيات وإضاءة تحت الأرض، في إشارة إلى حجم المنشأة، فضلاً عن العناصر الملحسين الذي يتنقلون على الدراجات النارية.
#حزب_الله ينشر مقطع فيديو عن أنفاق له تحت الأرض وشاحنات صواريخ ثقيلة تحت اسم #عماد_٤ pic.twitter.com/x3kwovwSQo
— Anbaa Online (@AnbaaOnline) August 16, 2024
الفيديو أثار تفاعلاً وجدلاً كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد استدعى تعليقات مؤيدة من جمهور حزب الله الذي اعتبر أن ما كشفه حزب الله هو جزء بسيط لما يعدّه لإسرائيل، في حين عبّر المناهضون لحزب الله من اللبنانيين عن استيائهم من المشاهد التي بثها الفيديو لجهة أن الأنفاق لم تستدعِ أي تحرّك من الحكومة.
وإذ لجأ البعض إلى أسلوب التهكم تعقيباً على منشأة “عماد 4“، ألمح البعض إلى أن الفيديو مفبرك وقد لا يكون صحيح.
في شاب صاحبنا بيعمل هندسة داخلية بيستعمل برنامج حلو ممكن يعملك تصميم و بعدين شي اسمو rendering. و إذا بدكم بيقدر يعملكم شبكة انفاق و يحطلك صالون و سفرة و طاولة بليار….
A render farm is an interconnected computing cluster that utilizes High Performance Computing (HPC) to… pic.twitter.com/9t5AcvdFVC
— makram rabah (@makramrabah) August 16, 2024
تعليقاً على هذه التطورات، رأى المحلل العسكري العميد المتقاعد سعيد القزح أن الفيديو لا يحمل جديدًا، ولا يكشف قدرات جديدة للحزب خصوصاً أن امتلاكه لصواريخ بعيدة متعددة الأسماء من زلزال وفاتح وفجر ورعد، هو أمر معروف منذ زمن، وقد أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله هذا الأمر أكثر من مرة.
ولفت “القزح” في تصريح خاص لـ”أخبار الآن” إلى أن الأنفاق أو المنشآت الموجودة تحت الجبال متداول بها بين العامة أيضاً، ولذلك فإن اسرائيل تعلم حكمًا بذلك ولديها المعلومات عنها. مضيفًا: “الفيديو نُشر بحجة ردع إسرائيل، ولكن إسرائيل لا تحتاج إلى فيديو حتى ترتدع، ولن ترتدع إذا كانت تريد تنفيذ عملية في لبنان”.
وأوضح المحلل العسكري أن نشر هذا الفيديو هو رسالة موجهة إلى بيئة حزب الله أكثر مما هو موجهًا إلى إسرائيل، قائلا: “الفيديو يهدف لرفع معنوياتها وإعطائها جرعة دعم خاصة بعد الضربات الممتتالية التي لحقت بالحزب وعدم الرد حتى الآن على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر”.
وقال: إنها رسالة للداخل اللبناني ومعنويات لبيئته ويهدف لاستنهاض هذه البيئة وشد العصب، لأن هناك الكثير من التململ، وهناك نفمة صامتة في جمهوره.
إلى ذلك، اعتبر مغرّدون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأنفاق ليست موجودة في لبنان وأن اللقطات المصورة تعود لأحد الأنفاق.
من جهته، لم يستبعد القزح أن تكون الفيديوهات من لبنان. وقال لـ”أخبار الآن”: ليس صعبًا أن تكون هذه المنشأة داخل لبنان إذ أن هناك مناطق كثيرة يسيطر عليها حزب الله ويمنع الدخول إليها او التجول بالقرب منها، وهو منذ العام ٢٠٠٦ يحضر نفسه للحرب مع إسرائيل، وبالتالي ليس من الصعب عليه بناء هكذا منشأة خلال 18 سنة.
ورداً على سؤال، أضاف: لا يمكننا التكهن بأماكن تواجد هكذا أنفاق وارجح ان تكون منتشرة في أكثر من منطقة.
ثلاثة أنواع من الأنفاق
بحسب بعض التقارير الإعلامية، فإن ثمّة ثلاثة أنواع من الأنفاق: الأولى دفاعية تسمح لمقاتلي الحزب بالاحتماء من غارات الطائرات، والثانية أنفاق هجومية تصل إلى الداخل الإسرائيلي، والثالثة تتكوّن من أنفاق لإخفاء منصّات إطلاق الصواريخ، كما ظهر في فيديوهات “حزب الله” المتعدّدة، وآخرها “عماد 4”.
وبحسب معهد “ألما”، تمكن “حزب الله” من بناء هذه الأنفاق بمساعدة إيران وكوريا الشمالية.
استخدام مطرد للمسيّرات
بحسب خبراء، عمل حزب الله، القوة السياسية الأبرز في لبنان والوحيد (غير القوى الأمنية الرسمية) الذي يحتفظ بترسانة سلاح ضخمة، على تطوير قدراته العسكرية بشكل كبير منذ الحرب المدمّرة التي خاضها مع اسرائيل في تموز/يوليو 2006 وتسبّبت بمقتل 1200 شخص في الجانب اللبناني و160 في الجانب الإسرائيلي.
ويعمل الحزب منذ أشهر على تجربة تكتيكات عسكرية جديدة واختبار منظومات الدفاع الجوي الاسرائيلي، وفق ما يقولون.
ونشر الحزب ثلاثة مقاطع فيديو خلال الأسابيع الماضية لطائرات استطلاعية توثّق مسحا لمواقع إسرائيلية حيوية، مدنية وعسكرية واقتصادية في مناطق عدة بينها مدينة حيفا.
ونجحت مسيّرات محمّلة بمتفجرات نهاية الأسبوع الماضي في العبور من جنوب لبنان الى مواقع متقدمة قرب مدينة صفد. وفُعّلت أنظمة الإنذار في مناطق عدة في شمال إسرائيل.
ويشكّل استخدام الحزب المطّرد للمسيّرات ذات الكلفة المنخفضة والمصنّعة محليا، تحدّياً لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وفق خبراء.
ويعلن الحزب في بياناته اليومية حول عملياته العسكرية ضد إسرائيل، استهداف “ثكنات عسكرية” ومقارّ قيادة وتجمعات جنود وبطاريات القبة الحديدية.
بالنسبة الى الباحث لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية آرام نرغيزيان، فإن خطوات حزب الله “الاستكشافية” بمثابة “سيف ذي حدّين”.
ويوضح “نعم، هي تكشف ثغرات في الدفاعات الإسرائيلية وتوفّر فرص الحصول على معلومات” لحزب الله، لكنها تتيح كذلك لإسرائيل اتخاذ “تدابير مضادة” لمواجهة قدرات الحزب “وتغذّي قاعدة بيانات نظامي الدفاع الصاروخي والردع الاسرائيليين”.
وجاء كشف حزب الله عن جزء من قدراته الصاروخية الجمعة على وقع جهود دبلوماسية على أكثر من مستوى لاحتواء التوتر بين إيران وحزب الله مع إسرائيل. وتزامن أيضًا مع استمرار جولة مفاوضات لليوم الثاني على التوالي في الدوحة بوساطة قطرية وأمريكية ومصرية للتوصل الى اتفاق هدنة في قطاع غزة، كما أتت على وقع زيارة الموفد الأمريكي آموس هوكستين إلى لبنان لمحاولة خفض التوتر.
ويؤكّد حزب الله أنه لن يوقف هجماته على إسرائيل قبل التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة.