السوريون والسودانيون اللاجئون في مصر يواجهون معضلة الإقامة

يعيش السوريون في مصر حالاً من الارتباك، بعدما أوقفت السلطات إجراءات تجديد الإقامة السياحية التي يعتمد عليها عدد كبير منهم، إلى جانب الإقامة الدراسية والإقامة الاستثمارية، وإقامة اللاجئ (الكرت الأصفر) التي تصدرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ففي 14 عاماً ماضية، سهّلت القاهرة إقامة السوريين تحديداً، وسمحت لهم بتجديد إقاماتهم السياحية من دون أي تضييق أو أي إجراء بحق المخالفين، وقد تغير الأمر الآن.

ويقول محمد وهو حلاق سوري مقيم في القاهرة لأخبار الآن: إن قرار الحكومة بضرورة تقنين أوضاع اللاجئين خاصة السوريين والسودانيين يزيد الأمر صعوبة عليهم، عقب إلغاء الإقامة السياحية.

ما الفرق بين الإقامة السياحية والكارت الأصفر في مصر؟

يقول محمد أن الإقامة السياحية والإقامة الدراسية كانت تسمح للاجئ أو المقيم السوري، بحرية السفر إلى مكان يسمح له جواز سفره بدخوله، بينما إقامة اللجوء “الكارت الأصفر” الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لا تسمح له بمغادرة البلد إلا بعد إلغاء الكارت الأصفر وإسقاط صفة اللاجئ عنه، وهذا يتطلب وقتا وروتينا معقدا.

وأضاف أن ما يزيد الموقف تعقيدا أن القرار الصادر عن السلطات كان بأثر رجعي، أي أن جميع من أنجبوا أطفالا في مصر ولم يستخرجوا لهم جوازات سفر، حتى بلوغهم سن المدرسة طبقت عليهم الغرامة المالية والتي تصل إلى 5 آلاف جنيه سنويا، وهذا مبلغ كبير بالنسبة لعائلة تتكون من 5 أشخاص مثلا.

وأشار إلى أن تحويل الإقامة من سياحية إلى الأمم المتحدة يتطلب ضرورة مغاردة المواطن السوري للبلد ثم العودة مجددا، من خلال التقديم على تأشيرة دخول والتي يتراوح سعرها من 1500 إلى 2000 دولار أمريكي.

اللاجئون في مصر ما بين توفيق أوضاعهم أو الترحيل

 

تقنين أوضاع اللاجئين في مصر

القاهرة أصدرت تعميما لجميع اللاجئين بما فيهم السوريين والسودانيين بضرورة تقنين أوضاعهم، من خلال التسجيل في مفوضية اللاجئين، حيث تشير التقديرات إلى وجود ما بين 4 إلى 5 ملايين سوداني في مصر، بينما المسجلون في الأمم المتحدة لا يتجاوزون 300 ألف سوداني.

والحكومة تستفيد من المعونات والمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة والدول المانحة لللاجئيين، ولكي لا يكونوا عبئا على القاهرة يستلزم عليهم التسجيل في المفوضية.

وبعد هذا القرار كثفت الشرطة دورياتها في الشوارع العامة وقرب المطاعم والمنشآت التي توظف لاجئين، للتحقيق من أوراقهم الثبوتية، وفي حال مخالفتهم يتم نقلهم إلى مركز الشرطة ومنه إلى مجمع العباسية في القاهرة، وهنا إما يتم إصدار مذكرة ترحيل بحقهم “دون تنفيذها فوريا” أو الطلب منهم توفيق أوضاعهم.

تجمع مئات السودانيين والسوريين أمام مجمع العباسية في القاهرة للحصول على الإقامة.

 

أزمة مفوضية اللاجئين

مصدر في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر قال لأخبار الآن: إن الكثير من الأسر السورية تحصل على مبلغ مادي على شكل كوبونات شهرية يتم من خلالها شراء سلة غذائية، وأخرى مدرسية تصل إلى 50 دولار شهريا، “دون أن يكشف لنا المبلغ الحقيقي الذي يتم رصده للأجئ”.

وأوضح أن المفوضية تشهد الآن إقبالا كبيرا من المواطنين السوريين والسودانيين للتسجيل والحصول على سمة لاجئ، والعقبة الكبيرة هي في الزخم الكبير حيث وصلت المواعيد التي منحت لدراسة ملفاتهم إلى شهر يونيو 2025.

ووصل عدد اللاجئين السوريين، المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى 156,444 لاجئاً، حتى 20 حزيران يونيو المنصرم، وهم يشكلون 20 في المئة من إجمالي عدد اللاجئين المسجلين في سجلات المفوضية.

اسنثمارات اللأجئين في مصر

لم يكن السورين يوما يشكلون عبئا على الاقتصاد المصري، بل على العكس تماما، أنشأ السوريون الكثير من الشركات والمصانع والمطاعم في مختلف المحافظات، وبشهادة المصريين أنفسهم فإن الطعام السورية تفوق بالجودة والنظافة.

وبين السوريين في مصر 30 ألف مستثمر، تختلف استثماراتهم من المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ويناهز حجم استثماراتهم في الدولة المصرية مليار دولار، بشهادة منظمة الهجرة الدولية، وبحسب أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

اللاجئون في مصر ما بين توفيق أوضاعهم أو الترحيل

مطاعم سورية في مصر

ويستثمر السوريون ويعملون في أنشطة اقتصادية مختلفة، بداية من قطاع المشروبات والأغذية الذي يعتمد على مشروعات متناهية الصغير، ويستوعب عددا كبيرا من اليد العاملة، إضافة إلى قطاع الأخشاب، وقطاع النسيج والملابس الجاهزة الذي يعد من أكثر القطاعات التي ينتشر فيها السوريون في مصر، بدأوا فيه بمصانع صغيرة جداً، وانتهوا بمصانع كبيرة”، وهذا يجعل من وجود السوريين رافداً للاقتصاد المصري.

اللاجئون في مصر ما بين توفيق أوضاعهم أو الترحيل

مطعم سوري في محافظة الجيزة

استثمارات السودانيين

على عكس السوريين تبقى استثمارات السودانيين في مصر محدودة للغاية، كون أن السوري عرف منذ القدم بقدرته على التجارة والصناعة، وحبه وشغفه بالعمل، لذلك لم يكن عبئا في بلد أي يلجأ إليه من الأردن إلى لبنان مرورا بتركيا التي تشكل فيها استثمارات السوريين 1% من الدخل القومي التركي.

اللاجئون في مصر ما بين توفيق أوضاعهم أو الترحيل

مخبز سوداني في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة

ومع ذلك فإن السودانيين أيضا بدأوا أيضا بفتح محال تجارية خاصة بهم لبيع منتجاتهم كالخبز السوداني والطعام الشعبي وبعض الأعشاب وغيرها من الأمور.