تساؤلات عديدة حول زيارة بوتين إلى الشيشان بينما يستمر التوغل الأوكراني في كورسك؟
أثارت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير المتوقعة إلى الشيشان، تساؤلات عديدة، بينما تأتي في الوقت الذي دخل فيه التوغل الأوكراني عبر الحدود إلى إقليم كورسك غربي روسيا أسبوعه الثالث.
وتعد هذه الزيارة الأولى لبوتين إلى الجمهورية ذات الأغلبية المسلمة داخل الاتحاد الروسي منذ ما يقرب من 13 عامًا حيث تفقد مع الزعيم الشيشاني رمضان قديروف – الذي غالباً ما يصف نفسه بأنه “جندي مشاة لبوتين” – القوات والمتطوعين الشيشانيين الذين يستعدون للقتال في أوكرانيا.
وشهدت الشيشان في تسعينات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي نزاعين دمويين بين القوات الفدرالية الروسية وتمرد انفصالي اتخّذ تدريجيا منحى إسلاميا وتمدّد في جميع أنحاء المنطقة وبايع تنظيم داعش في العام 2015.
وقال قديروف، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في عام 2020 وفي عام 2022 بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان وتعبئة القوات الشيشانية لمحاربة أوكرانيا، لبوتن في اجتماع منفصل يوم الثلاثاء إن الشيشان أرسلت أكثر من 47 ألف جندي منذ بدء الحرب لمحاربة أوكرانيا، بما في ذلك حوالي 19 ألف متطوع.
وبينما تعيش روسيا تحت وقع الصدمة منذ السادس من أغسطس حين اقتحمت القوات الأوكرانية الحدود الروسية في أكبر توغل منذ الحرب العالمية الاثنية، أثيرت أشئلة حول ما إذا قد لجأ بوتين لحليفه قديروف من أجل المساعدة، فهل تنقذ الشيشان سيد الكرملين من أزمة نقص الجنود؟
يقول بعض المراقبون إنه ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم استدعاء أي من هؤلاء المقاتلين للمساعدة في المعركة ضد القوات الأوكرانية في منطقة كورسك، حيث شنت كييف توغلاً مفاجئاً في وقت سابق من هذا الشهر فاجأ موسكو.
في المقابل يرى بعض المحللين أن بوتين ذهب إلى الشيشان باعتبارها البديل المحتمل لمواجهة الخرق الذي أحدثه الجيش الأوكراني في كورسك.
لكن ما يذكره التاريخ أن الكرملين لطالما اعتمد على قديروف في الحفاظ على استقرار شمال القوقاز بعد سنوات من الاضطرابات.
ورغم تعرض قديروف لانتقادات بسبب استخدامه لعمليات القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب وإسكات المعارضين، فإن السلطات الروسية رفضت المطالبات بإجراء تحقيقات.
كتائب أحمد الشيشانية
قفز اسم “قوات أحمد” إلى واجهة الحرب في أوكرانيا بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية عن توقيع عقد مع القوات الشيشانية الخاصة التي تحارب مع موسكو، في أعقاب رفض فاغنر لعقد مماثل.
وقوات أحمد، هي قوات شيشانية مكونة من 4 كتائب، أعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف تشكيلها في 26 يونيو/حزيران 2022، وقال إنها ستضم أعداداً هائلة من المقاتلين الشيشان حصراً، الذين سيعززون صفوف القوات الروسية في حربها على أوكرانيا.
وتحمل الكتائب الأربع (أحمد شمال وأحمد جنوب وأحمد شرق وأحمد غرب) اسم أحمد قديروف، في رمزية محفّزة للمقاتلين، فقد كان يعد زعيماً وطنياً في الشيشان.
تتسلح الكتائب بأحدث وأقوى الأسلحة الروسية، وتمتلك دبابات ومركبات تحمل شعار حرف “Z”، وهو شعار دعم القوات الروسية في أوكرانيا، بحسب تقرير لأحد المواقع الشيشانية.
توغل كورسك
في تطور ميداني غير مسبوق، تمكنت القوات الأوكرانية من السيطرة على مساحات شاسعة داخل الأراضي الروسية تقدر بمئات الأميال المربعة، وذلك في واحدة من أجرأ عمليات التوغل العسكرية التي تشهدها روسيا منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي هجوم خاطف بدأ في السادس من أغسطس (آب)، اخترقت آلاف القوات الأوكرانية الحدود من منطقة سومي الأوكرانية إلى منطقة كورسك الروسية المجاورة حيث تمكنت قوات كييف من تحقيق إنجاز تاريخي بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الروسية في غضون أسبوعين فقط، تتجاوز ما استولت عليه روسيا في أوكرانيا طوال هذا العام.
ومنذ بدء الهجوم الأوكراني، فرّ أكثر من 130 ألف شخص من المعارك والقصف، بحسب السلطات في منطقة كورسك. وذكرت وكالة تاس الروسية أن 31 مدنيا على الأقل قتلوا وأصيب 143 آخرون.
وفي مؤشر إلى خطورة الوضع الميداني، أعلنت السلطات الروسية الخميس أن الفصول الدراسية في أكثر من مئة مدرسة ستقام عن بعد مع بداية العام الدراسي.
وفي منطقة بريانسك المجاورة، أكد الحاكم ألكسندر بوغوماز أن الوضع “تحت السيطرة” بعد محاولة تسلل نفذتها مجموعة “مخربين” أوكرانيين قبل يوم وهجمات بمسيرات.
أمام هذه التطورات أجبرت مفوضية الانتخابات الروسية على إعلان تأجيل الانتخابات المحلية في سبع بلديات في منطقة كورسك.
وأفادت المفوضية على تلغرام بأن الانتخابات ستجري في تلك المناطق عندما يصبح من الممكن “ضمان أمن الناخبين بالكامل”، لكنها أضافت أن الانتخابات لاختيار الحاكم المحلي والتي ستبدأ الأسبوع المقبل ستمضي قدما كما هو مخطط لها في باقي أرجاء المنطقة.
ومن المقرر أن يبدأ التصويت المبكر لاختيار حكام المناطق في 28 آب/اغسطس وينتهي في الثامن من أيلول/سبتمبر.
وبعد عامين ونصف العام على انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، استعادت كييف زمام المبادرة عبر إرسال قوات إلى منطقة كورسك في السادس من آب/اغسطس.