أول قبطانة بحرية إماراتية: التغلب على الأمواج بالإصرار والعزيمة
في عالم نادر ما تشارك فيه النساء، دخلت سحر راستي بثقة لتصبح أول قبطانة بحرية إماراتية في تاريخ البلاد. لم يكن هذا الإنجاز مجرد عبور أمواج البحر، بل كان كسرًا للقوالب التقليدية ومواجهةً للتحديات الاجتماعية والثقافية. ورغم أن حلم طفولتها كان أن تصبح محامية، إلا أن شغفها بالبحر دفعها إلى تغيير مسار حياتها ودخول مجال الملاحة. رحلتها لم تكن سهلة، لكنها تحمل في طياتها قصة ملهمة لكل فتاة تطمح لتحقيق المستحيل.. كيف استطاعت سحر تحويل حلمها إلى حقيقة في بحر مليء بالتحديات؟
بداية الرحلة البحرية
وفي هذا الإطار قالت القبطانة البحرية الإماراتية سحر راستي: «التحقت للعمل في موانئ أبوظبي في عام 2014، وأصبحت مساعداً إدارياً في عام 2015، وأريد التنويه بأنني التحقت ببرنامج خاص للمواطنين لمدة 12 إلى 18 شهراً، بهدف الإلمام بشكل أكبر عن الموانئ وكسب الخبرة، ومن ثم الانتقال للقسم الذي يناسبني.
وبالنسبة ليّ لم أود مطلقاً أن أعمل بشكل نمطي، وخلال فترة 6 أشهر لاحظت في أحد الأقسام وهو الخدمات الملاحية وتحديداً صيانة العوامات بأنه لا تعمل فيه أي امرأة، وطلبت العمل في هذا القسم على الرغم من اقتراح المسؤول أن أعمل في قسم آخر، إلا أنه مع إصراري تمت الموافقة بأن أعمل فعلياً في هذا القسم، الذي كان يتطلب مني بأن أكون في السفينة ساعات كثيرة».
ومن ثم حرصتُ على التدريب لأشهر عدة، لاكتساب مزيد من المهارات، التي جعلتني أتعرّف إلى كل ما في السفينة، وطريقة استخدامه، وامتلاك مهارات التعامل مع حالات الطوارئ باحترافية.”
تميزت سحر بالهدوء والثقة، حيث أظهرت قدرات مميزة في قيادة السفن واتخاذ قرارات سريعة في المواقف الطارئة. براعتها في قراءة الخرائط وسرعة تصرفها جعلتها نموذجًا يحتذى به في هذا المجال.
التحديات الاجتماعية والمهنية
تقول راستي عن يوم المرأة الإماراتية: “الاحتفال يجب أن لا يقتصر على المرأة الإماراتية فقط، بل يشمل المرأة العربية عمومًا. أشعر بالفخر ليس فقط كوني إماراتية،معربة عن فخرها بكل امرأة كسرت الحواجز وشجعت غيرها على النجاح.”
ورغم التحديات التي واجهتها كأول امرأة قبطانة بحرية إمارتية، كان شغف سحر بالبحر ودقة التعلم والتفاصيل هو دافعها للاستمرار. لم يكن الطريق ممهدًا، لكن الإصرار على تحدي التقاليد ودعم القيادة الرشيدة للمساواة بين الجنسين شجّعها على المضي قدمًا.
التوازن بين العمل والحياة الأسرية
على الرغم من مسؤولياتها كقبطانة، تمكنت سحر من إدارة وقتها بحكمة بين مهامها البحرية وواجباتها كأم لثلاثة أطفال. تدرك سحر أهمية حضورها في حياة أبنائها، خاصة في فترة مراهقتهم، وتسعى دائمًا إلى الموازنة بين الدورين دون تقصير.
تقول سحر: “لم يكن من السهل التوفيق بين حياتي العملية والأسرية، لكن الضغط كان حافزًا لي لأثبت أن المرأة قادرة على النجاح في كلا المجالين.”
تقول سحر راستي إن المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان حريصاً على دعم المرأة الإماراتية وتعزيز دورها في بناء الدولة. كما تلقت المرأة الإماراتية دعماً كبيراً من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام ورئيسة مؤسسة التنمية الأسرية والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة ‘أم الإمارات’. هذا الدعم اللامحدود شجع راستي على تأكيد حضورها القوي كقبطانة بحرية، وإثبات كفاءتها وتميزها في كل المهام التي تولتها.”
دعم الأسرة والتحديات الشخصية
تشير سحر إلى أن عائلتها في البداية كانت متخوفة من دخولها هذا المجال نظرًا لتحدياته، إلا أن إصرارها على النجاح غير وجهات نظرهم وجعلهم يدعمونها بشكل كامل. كما تؤكد أن دور زوجها كان محوريًا في دعمها وتحفيزها على الاستمرار في تحقيق نجاحاتها.
مشيدة بدعم القيادة الرشيدة، تقول إن المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان داعماً قوياً للمرأة الإماراتية، وساهم بشكل كبير في تعزيز دورها في بناء الدولة. كما حصلت المرأة الإماراتية على دعم غير محدود من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام ورئيسة مؤسسة التنمية الأسرية والمجلس الأعلى للأمومة والطفولةو أمنا ‘أم الإمارات’. هذا الدعم الثمين كان له الأثر الكبير في تشجيع راستي على تأكيد حضورها القوي كقبطانة بحرية، وإثبات كفاءتها وتميزها في كل المهام التي تولتها
أحد أكبر مخاوف سحر كان تعلم السباحة، حيث لم تكن تتقنها عند بداية رحلتها البحرية. لكن في إحدى التدريبات، واجهت موقفًا حرجًا جعلها تدرك أهمية السباحة في هذا المجال، مما دفعها لتعلمها بقوة وإتقان.
بعد سنوات من الخبرة في مجال الملاحة البحرية، تمكنت سحر من تحقيق إنجاز جديد بفتح شركتها الخاصة، وهو خطوة تُظهر ثقتها بقدراتها وشغفها المستمر بتطوير هذا القطاع. ومع ذلك، تؤكد سحر أن رحلتها لم تكن لتكتمل دون دعم زوجها و أولادها حيث صرحت لأخبار الأن : “نحن لا نتحدى الرجال، بل نحن نقوى بهم، ونحن من ضلعهم. نحن لا نتحداهم بل نتحدى أنفسنا ومخاوفنا.”
بهذه الرؤية المتوازنة، تلهم سحر النساء على النجاح دون الشعور بالصراع، مؤكدة أهمية العمل الجماعي والتكامل بين الجنسين.
وأوضحت أنها أصبحت اليوم مصدر إلهام للكثير من الطالبات في الأكاديميات والكليات البحرية، لخوض هذا المجال.
رسالة للراغبات أو الراغبون في دخول المجال
تدعو سحر من يرغب في خوض مجال الملاحة البحرية إلى عدم التردد، مشيرة إلى التطورات الحديثة التي جعلت العمل في هذا القطاع أكثر سهولة ومرونة من حيث التواصل مع العائلة. كما تشدد على أن هذا المجال يعلم الصبر، والشجاعة، والحكمة، ويوفر فرصة للتعرف على ثقافات وعادات مختلفة.
وتختتم سحر: “لكل من تريد دخول هذا المجال، هناك أكاديميات متخصصة ودورات تدريبية تمكنكن من تحقيق أحلامكن في هذا المجال.”