إثيوبيا تحذّر من اضطرابات في القرن الأفريقي بعد إرسال مصر أسلحة للصومال
أعلنت إثيوبيا أنّ مهمة جديدة يقودها الاتحاد الأفريقي في الصومال قد تؤدي إلى تفاقم التوترات في القرن الأفريقي بعد أن أرسلت القاهرة مساعدات عسكرية إلى البلد الغارق في الفوضى بسبب هجمات جماعة الشباب الجهادية.
ومن المفترض أن تتولى هذه المهمة الجديدة واسمها “بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال” (أوسوم)، مهام بعثة أخرى هي أتميس (المهمة الانتقالية الأفريقية في الصومال) وذلك اعتباراً من كانون الثاني/يناير 2025.
وحذّرت أديس أبابا من “مخاطر” محتملة واتهمت الصومال بالتواطؤ مع جهات فاعلة لم تسمّها سعياً إلى زعزعة استقرار المنطقة.
ويأتي هذا التحذير بعد أن أرسلت مصر التي كانت على خلاف مع إثيوبيا لسنوات، معدات عسكرية إلى الصومال.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان إن “المنطقة تدخل المجهول”، مضيفة: “لا يمكن لإثيوبيا أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ أطراف فاعلة أخرى خطوات لزعزعة استقرار المنطقة”.
الأولى منذ أربعة عقود
كانت مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية كشفت أن مصر قدمت يوم الثلاثاء مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في خطوة رجح مراقبون أن تؤدي إلى تعميق التوترات بين البلدين وإثيوبيا.
وتعززت العلاقات بين مصر والصومال هذا العام بعد أن وقعت إثيوبيا اتفاقا أوليا مع منطقة أرض الصومال المنفصلة لاستئجار أراض ساحلية مقابل الاعتراف المحتمل باستقلالها عن الصومال.
ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه اعتداء على سيادتها وقالت إنها ستمنعه بكل الوسائل الضرورية.
وأدانت مصر ، التي كانت على خلاف مع إثيوبيا لسنوات بسبب بناء أديس أبابا لسد ضخم لتوليد الطاقة الكهرومائية على منابع نهر النيل، اتفاق أرض الصومال.
ووقعت مصر اتفاقية أمنية مع مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر وعرضت إرسال قوات إلى بعثة حفظ السلام الجديدة في الصومال.
وكانت الصومال هددت في وقت سابق بطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبيا، الذين يتواجدون هناك كجزء من مهمة حفظ السلام وبموجب اتفاقيات ثنائية لمحاربة مسلحي جماعة الشباب، إذا لم يتم إلغاء الاتفاق.
وصول طائرتين مصريتين إلى مقديشو
وقال دبلوماسيان ومسؤول صومالي كبير لرويترز طلبوا عدم نشر أسمائهم إن طائرتين عسكريتين مصريتين وصلتا إلى مطار مقديشو صباح الثلاثاء محملتين بالأسلحة والذخيرة.
وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، الطائرات على مدرج المطار.
📹 Somali- At least two cargo military planes belongs to Egypt Army arrived at Mogadishu Airport today.
The arrival of these aircraft comes as Egypt is set to deploy its military to Somalia as part of the AUSSOM mission, scheduled to commence in 2025@savunmaisleri pic.twitter.com/9edRl3CDUO— Mete Sohtaoğlu (@metesohtaoglu) August 27, 2024
وقال أحد الدبلوماسيين إن الصومال “تلعب بالنار” باستيرادها الأسلحة المصرية وإثارة عداوة إثيوبيا.
ولم ترد وزارتا خارجية الصومال ومصر والمتحدث باسم الحكومة الإثيوبية على طلبات التعليق على الأمر.
وكان عرض مصر بالمساهمة بقوات في مهمة حفظ السلام الجديدة التي من المقرر إطلاقها العام المقبل في الصومال قد أعلن عنه في بيان صادر عن الاتحاد الأفريقي في وقت سابق من هذا الشهر. ولم تعلق القاهرة على الأمر علناً.
وقال رشيد عبدي، المحلل في مركز ساهان للأبحاث: “إذا أرسل المصريون قواتهم إلى الأرض ونشروا قوات على طول الحدود مع إثيوبيا، فقد يؤدي هذا إلى مواجهة مباشرة بين البلدين”.
يضيف: “إن خطر اندلاع حرب إطلاق نار مباشر منخفض، ولكن الصراع بالوكالة أمر محتمل.”
واستضافت تركيا جولتين من المحادثات غير المباشرة منذ يوليو/تموز بين الصومال وإثيوبيا بشأن اتفاق أرض الصومال، الذي لم يتم الانتهاء منه بعد، ومن المتوقع عقد جولة ثالثة الشهر المقبل.
وتقول إثيوبيا التي لا تطل على أي بحر إنها تحتاج إلى الوصول إلى البحر. وتصر مقديشو على أن أرض الصومال، التي لم تحصل على اعتراف دولي رغم تمتعها بالحكم الذاتي العملي لأكثر من ثلاثين عاماً، جزء من الصومال.
التوتر المصري الإثيوبي
والعلاقات بين القاهرة وأديس أبابا متوترة منذ سنوات، ولا سيّما بسبب سد إثيوبيا الضخم الذي بنته أثيوبيا على نهر النيل والذي تقول مصر إنّه يهدّد أمنها المائي.
ومصر التي تعتمد على نهر النيل في 97% من احتياجاتها المائية، تقول إنّ السد الذي شرعت أثيوبيا ببنائه في 2011 يمثّل تهديدا “وجوديا” لها.
وتوترت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا بعد الاتفاق البحري الذي أبرمته إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال (بونتلاند) الانفصالي في الأول من كانون الثاني/يناير، والذي ينص على تأجير إثيوبيا لمدة 50 عاما 20 كيلومترا من ساحل أرض الصومال الواقع على خليج عدن.
وتقول سلطات أرض الصومال إنّه مقابل السماح لأثيوبيا بالوصول إلى البحر، فإن إثيوبيا ستصبح أول دولة تعترف بالمنطقة الانفصالية رسمياً، وهو أمر لم تفعله أي دولة منذ أن أعلنت هذه المنطقة الصغيرة استقلالها من جانب واحد في 1991.
وفي الوقت نفسه، عززت مصر والصومال تعاونهما ووقّعتا اتفاق تعاون عسكري في آب/أغسطس.
ووصف سفير الصومال في مصر علي عبدي شحنة المعدات العسكرية التي أرسلتها مصر إلى الصومال الأربعاء بأنّها كبيرة، دون مزيد من التفاصيل.
وبحسب بيان نشرته وسائل إعلام محلية، فقد قال إنّ مصر ستكون أول دولة تنشر قوات في الصومال بعد انسحاب البعثة الإفريقية الحالية أتميس.