ماذا تريد إسرائيل من تعيين إلعاد غورن حاكما على غزة؟
لا يبدو أن إسرائيل ترغب في مغادرة قطاع غزة، رغم كل الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الدائرة وراح ضحيتها عشرات الآلاف، لاسيما مع قرار وزير جيش الاحتلال ورئيس أركانه تعيين ضابط في الجيش الإسرائيلي برتبة عميد حاكما عسكريا لقطاع غزة.
وكشف موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي أن الضابط إلعاد غورن هو الذي اختير لهذا المنصب، وهو من قدامى المحاربين في وحدة وزارة الدفاع.
وبحسب موقع “واي نت“، فإن غورن سيتولى نفس الدور في غزة مثل رئيس مكتب تنسيق أعمال الحكومة في الضفة الغربية، الجنرال الإسرائيلي هشام إبراهيم.
وتقول وسائل إعلام عبرية إن الجيش الإسرائيلي بدأ من خلال هذا التعيين بقبول حقيقة أن مسؤوليته عن القطاع ستستمر لسنوات وستتوسع، وسيبقى تحت مسؤوليته نحو مليوني فلسطيني، في خطوة تهدف في المقام الأول إلى السيطرة طويلة الأمد على قطاع غزة.
احتلال كامل
حول هذا الموضوع، يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية وأستاذ حل النزاعات الدولية والإقليمية الدكتور علي الأعور، أن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تعيين العميد إلعاد غورن حاكما عسكريا عاما على قطاع غزة، رغم كل المسميات التي تم طرحها أو تداولها له كمسؤول عن الشؤون الإنسانية، وإدارة الحياة الإنسانية في القطاع، يعكس مخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يُكشف عنه حتى اللحظة، لليوم التالي في الحرب، وعنوانه “احتلال عسكري إسرائيلي كامل لقطاع غزة”.
وأضاف الأعور في حديثه مع “أخبار الآن” أن هذا المخطط بدأه نتنياهو منذ اليوم الأول للحرب على غزة، لكن لم يُعلن عنه بشكل رسمي، وبالتالي ما قام به غالانت الذي يمثل المؤسسة الأمنية في إسرائيل وهي وزارة الدفاع، ليس إلا الخطوة الأولى لتنفيذ هذا المخطط.
ووفقا لتقارير إسرائيلية، سيتولى غورن التعامل مع القضايا اللوجستية اليومية مثل توصيل المساعدات الإنسانية وإصلاح البنية التحتية المدمرة والاتصال بمنظمات الإغاثة الدولية.
كما سيقود إجلاء المدنيين على المدى الطويل من أجل “الحفاظ على الشرعية الدولية” لمواصلة القتال في غزة “دون أن نشهد أزمة إنسانية أو مجاعة”.
وعلى جدول أعمال الوحدة الجديدة التي استحدثها الجيش الإسرائيلي ستكون العمليات الكبرى، التي بدأت بالفعل، لإخلاء الجرحى والمرضى ذوي الحالات الخطيرة إلى المستشفيات في الأردن أو مصر، والاستعداد لفصل الشتاء في قطاع غزة، في ظل الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية، فضلا عن تنسيق حملة تطعيم أكثر من مليون غزي ضد شلل الأطفال”، بحسب موقع “يديعوت أحرونوت”.
إنهاء حكم حماس
وفي هذا الصدد يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي الأعور إن قرار تعيين حاكم إسرائيلي على قطاع غزة، له أهداف سياسية كبيرة، أبرزها إنهاء حكم حماس بالقطاع، مع منع عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، موضحا أن هذه الخطوة تعني أنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية تدير قطاع غزة، بل حاكم عسكري هو الذي سوف يدير الشؤون المدنية للسكان الفلسطينيين هناك.
وأوضح الأعور أن هذا الأمر سيشمل كل القطاعات تقريبا، وينطبق ذلك على وزارة التربية والتعليم، التي سيتم تعيين حاكم عسكري على رأسها لتتحول إلى مديرية التربية والتعليم بدلا من كونها وزارة، وكذلك الأمر بالنسبة لمديرية الصحة والأحوال المدنية وغيرها، حيث سيتم إلغاء كل المناصب السياسية في غزة، بما في ذلك، مسمى المحافظين كمسمى سياسي أو رؤساء البلديات أو حتى رؤساء الجامعات”
وأضاف: “ستكون وظيفة مدير هي أعلى رتبة يحصل عليها الفلسطينيون في الوظائف المدنية، في ظل الوضع الجديد، حيث يتلقى هذا المدير تعليماته من الحاكم العسكري لتلك المؤسسات، فيما سيكون الجميع تحت إمرة الحاكم العسكري العام لقطاع غزة إلعاد غورن”.
الجدير بالذكر أن من بين المهام التي كشفت عنها تقارير إسرائيلية فيما يتعلق بهذه الوحدة الجديدة، أنها سوف تلعب دورا رئيسيا في العمليات المدنية واسعة النطاق التي سيتم تنفيذها قريبا إذا تم التوصل إلى اتفاق، فضلا عن إدارة عودة نحو مليون من سكان غزة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة في ظل عملية المراقبة والتفتيش المتوقعة على محور نتساريم، كما ستُكلف بالتعامل مع أزمة معبر رفح، خاصة في ظل إمكانية عودة هيئة أوروبية دولية للإشراف على العمل هناك كما كان قبل عام 2005.
وبشأن تأثير هذا القرار على مسار المفاوضات، يعتقد أستاذ حل النزاعات الدولية والإقليمية، أن هذه الخطوة ربما تعطي خطوطا عريضة للوسيطين المصري والقطري، لإمكانية إنجاز صفقة تبادل الأسرى، حيث يرى الأعور أن تعيين حاكم عسكري عام على قطاع غزة، يساعد في كشف مخططات نتنياهو، وقد يسهم في نجاح ملف المفاوضات.
وأردف قائلا: “وفقا لهذه التطورات سيكون للمفاوضات إطار واحد يدور حول الجانب الإنساني، مع تجميد أو تأجيل النقاط العالقة فيما يتعلق بقضية محوري فيلادلفيا ونتساريم مثلا، حيث سيتم التركيز في هذه المرحلة على تنفيذ صفقة التبادل بإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس مقابل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الأمنيين الفلسطينيين ضمن المرحلة الأولى من اتفاق هدنة”.
وتابع: “أما المرحلة الثانية ستدور حول عنوان وحيد يتعلق بمن يحكم ويدير غزة، وبتقديري هناك قرار استراتيجي سوف تتخذه حماس وهو تغيير استراتيجية الحركة في العمل والأسلوب والتكتيك، بمعنى الاعتراف بالمفاوضات كطريق من أجل وقف الحرب، وبالتالي أرى أن الاتفاق الذي طال انتظاره سيكون قريبا بعد ذلك”.
توسيع ممر نتساريم
وفشلت المفاوضات في التوصل إلى اتفاق بسبب مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضع آلية تفتيش للنازحين الغزيين العائدين إلى الشمال، إلى جانب إصراره على إبقاء القوات على طول الحدود بين غزة ومصر، وهي الشروط التي ترفضها حماس تماما.
وبحسب صور للأقمار الصناعية نشرت هذا الأسبوع، قامت القوات الإسرائيلية بتوسيع ممر نتساريم في قطاع غزة ليشمل أربعة “مواقع استيطانية” كبيرة مصممة لإيواء القوات بشكل دائم.
وكشفت مجموعة “الهندسة المعمارية الجنائية”، وهي مجموعة بحثية مقرها جامعة جولدسميث، عبر صور الأقمار الصناعية في 20 أغسطس/آب أن الجيش الإسرائيلي يقوم ببناء ممر أرضي جديد شرق مدينة غزة.