غارة تستهدف القيادي في تنظيم القاعدة عثمان النجدي.. فما هو مصيره؟
في ظهيرة الاثنين 26 أغسطس/آب، من العام الحالي 2024، بمحافظة مأرب وتحديدًا في وادي عبيدة، استهدفت غارة جوية لطيران مسير من طراز MQ9 منزل القيادي سعودي الجنسية في تنظيم القاعدة عثمان النجدي.
بحسب مصدر قبلي، فإن المنزل يقع بمنطقة الصمدة، كما هو موضح في الخريطة التالية.
وأضاف المصدر أن البيت من الأخشاب والحديد الخفيف، وهو ما جعل الضربة وبسبب الضغط تذهب بعثمان بعيدًا، مؤكدًا أنه أصيب بعدد من الإصابات والشظايا، وقد أكدت بعض المصادر الجهادية المقربة من القاعدة في اليمن نجاة عثمان النجدي من الغارة الجوية، في حين أصاب بعض الجهاديين الآخرين الارتباك بشأن حقيقة ما حدث ما بين مؤكدين لوفاته ومشككين في ما يخرج من وسائل الإعلام التابعة للتنظيم.
التخبط بشأن مصير النجدي يعكس بقوة التشرذم والانشقاق الذي أصاب القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعد تبنيها للاجندة الإيرانية وخدمتها لمشروع جهاد طروادة.
خريطة توضح موقع منزل عثمان النجدي
وفي حديث خاص لـ”أخبار الآن” يتحدث عنصر أمني في الجهاز الأمني لتنظيم القاعدة عن بعض تفاصيل الغارة الجوية التي كانت تحاول استهداف عثمان النجدي، قائلًا: “إن رصد عثمان النجدي ومن المؤكد كان من داخل التنظيم، وذلك ما شاع وانتشر داخل التنظيم، فإن التدابير الأمنية التي يتخذها الجهاز الأمني بشأن تنقلات وسكن النجدي شديدة وحذرة للغاية، إلى جانب أنه شخصية غامضة وحذرة، وهذا ما يؤكد أن رصده كان قطعًا من داخل التنظيم”.
بعد الغارة الجوية فورًا قام الجهاز الأمني بنقل النجدي إلى عدد من بيوت التنظيم، وكانت كل تلك التنقلات مصحوبة بعدد من النساء والأطفال، وذلك لعلم الجهاز الأمني بامتناع الطيران من قصف أيًا من التجمعات لا سيّما تجمعات الأطفال والنساء، وذلك ضمن التعديلات الأمريكية في استراتيجية الغارات الجوية منذ حادثة قيفة الدامية، والتي حاول التنظيم استغلالها.
من هو عثمان النجدي؟
يعد عثمان النجدي أحد أبرز قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كما أنه وبحسب مصادر مسؤولًا عن التصنيع والتطوير العسكري داخل التنظيم، إلى جانب أن عثمان أحد أهم خبراء التنظيم في تصنيع المتفجرات.
ضابط يمني في أحد الأجهزة اليمنية المعنية بمكافحة الإرهاب، يكشف عن هوية النجدي وبعض التفاصيل عنه، قائلًا: “إن عبدالله فوزان محمد الفوزان، المعروف بمسمى عثمان النجدي، أحد أقدم قيادات تنظيم القاعدة السعودية، وقد كان قبل ذلك في أفغانستان، ويتمتع بعلاقات قوية وخاصة وفريدة مع قيادات التنظيم سابقًا ولاحقًا”.
وأضاف: “أن النجدي شخصية ذكية وغامضة، لا يوجد له أي صور، وتوجد صعوبة شديدة في رصد تحركاته وتنقلاته”.
واختتم موضحًا دور النجدي داخل التنظيم قائلًا: إن النجدي مؤخرًا وبعد نجاته من ضربة جوية سابقة، حرص على إقامة دورات مكثفة في تصنيع المتفجرات، لعدد من أنصار وقيادات التنظيم، إلى جانب ذلك فقد تورط ببعض الأعمال الخارجية وقد كانت له تحركات محورية في مسار التنظيم، بمحافظة شبوة وحضرموت والمهرة، ويعتقد أنه متورط بمحاولة تصنيع الزوارق المتفجرة في المهرة وحضرموت، والتي حاولت سابقًا استهداف سفينة بريطانية قبالة السواحل المهرة”.
ذباب اللجنة الإعلامية
وحاول إعلام تنظيم القاعدة خصوصًا الرديف أو المناصر، لا سيّما الحسابات المرتبطة باللجنة الإعلامية لتنظيم القاعدة، مثل حساب حسام المقدسي، نشر أخبار مقتل النجدي وذلك بعد ساعات من محاولات التكتم، إلا أن نشر خبر مقتل النجدي كان على حرج وفيه شيء من التردد، فيما أفاد مصدر خاص أن محاولات نشر مقتل النجدي ألعوبة من ألاعيب الجهاز الأمني لتنظيم القاعدة لتفادي ضغوط الرصد والتتبع الميداني والجوي.
وقد كانت محاولة نشر أخبار مقتل النجدي بطريقة مترددة خلافًا لكل الأخبار التي نشرت سابقًا عن مقتل قادة وعناصر التنظيم، والتي يتم من خلالها نشر التعازي والرثاء بشكل مكثف.
فيما يشهد إعلام تنظيم القاعدة حالة من الفوضى والتخبط، في ظل تقاطع أدبيات التنظيم مع أجندة إيران، إلى جانب أن التنظيم قد فقد حمد التميمي العام الماضي، وخالد نجل سيف العدل، وكلاهما كان مؤثرًا في مسار التنظيم، ويأتي ذلك في ظل الفراغ الكبير وأزمة الخبرات والقيادات داخل التنظيم.
أزمة الجواسيس
فور الغارة الجوية نشرت حسابات مناصرة لتنظيم القاعدة، وبعضها لجنود رسمية في التنظيم، منشورات ورسائل وعيد وتهديد للجواسيس، فيما طالب البعض جنود التنظيم سحب جوالات الجميع، وذلك في مجموعات خاصة بجنود التنظيم حصرًا.
ويأتي ذلك في سياق تصريح العنصر في الجهاز الأمني لتنظيم القاعدة من حصول الرصد من قبل شخص أو جهة داخل التنظيم، وهو ما ظهر من خلال حديث عناصر التنظيم من عودة أزمة الجواسيس داخليًا.
وخلال عامين الماضيين قد قتل عدد من أبرز قيادات تنظيم القاعدة في مأرب من بينهم حسان الحضرمي، وحمد التميمي، وأبي الخير النجدي، وكل ذلك كان استهدافًا بغارات جوية، وهو ما يؤكد وجود شبكة جواسيس داخل تنظيم القاعدة، فيما كشف جهادي سابق لـ”أخبار الآن” تورط أحد أجنحة التنظيم في رصد حسان الحضرمي، فيما أتهم حسان الجهاز الأمني يرصده بعد نجاته في المرة الأولى، فيما يؤكد هذه المرة أن كل المستهدفين كان الجهاز الأمني مسؤولًا عن تنقلاته، فهل يقف الجهاز الأمني خلف كل تلك التصفيات؟ ومن هو الجناح النافذ في الجهاز؟
هل يتخذ سعد بن عاطف العولقي طريق الريمي في التعامل مع أزمة الجاسوسية ويفجر أزمات داخلية؟ أم أن العولقي سيكمل مسير باطرفي في التعامل مع الجواسيس وتوسع شبكة وعمل الجواسيس.
جهاد طروادة على حساب اليمن
وفي الوقت الذي تبدو فيه الحرب الأمريكية وحلفائها ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تُركز في المقام الأول على منع هجمات التنظيم الخارجية، إلا أن ذلك ينعكس على الوضع على الأرض في اليمن.
فقد أصبح من الواضح أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتجه نحو الهجمات الخارجية، كجزء من مشروع جهاد طروادة الذي تنفذه طهران باستخدام سيف العدل، ويمنع المشروع ذاته التنظيم من استهداف الحوثيين وتوجيه كل هجماته بدلًا من ذلك إلى الجنوب، زعمًا منهم باستهداف مصالح وحلفاء الغرب.
ويعد انقسام تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى أجنحة مع وضد سيف العدل وأجندة طهران، أمرًا طبيعيًا في ظل الصراع المحتدم فكريًا بين شخصيات الأجنحة، وقد ظهر ذلك مؤخرًا على مجموعات التليغرام، متهما كلا منهما بتدمير التنظيم وتغيير مساره، وبمخالفة طريق أسامة بن لادن.
في حين يُحاول عملاء جهاد طروادة إبقاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منسجمًا مع استراتيجيات سيف المُعادية لمصلحة اليمن.
وتظهر بعض الأسئلة الملحة: هو كم عدد الأجنحة التي تتمركز اليوم من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية؟ من يقود أي منها؟ ماذا حدث للعولقي والتزامه المُفترض بمواجهة الحوثيين؟ أم أنه ينتظر دعوة للانضمام إلى سيف العدل في طهران؟
وكذلك لا تنتهي أجندة طهران بمحاولة استخدام التنظيم داخليًا وخارجيًا لتصفيات حسابات إيران الإقليمية والدوليّة، وبذلك يكون التنظيم قد كتب تاريخًا مليء بالعار ليس فقط لجنوده وقادته، بل حتى ولأنصاره.
أجندة طهران والعولقي
تستهدف الغارات الجوية الأمريكية كلًا من الخبراء و القيادات البارزة ولا سيّما المتوسطة بالعمل الخارجي الذي يتماشى مع أجندة طهران، والتي تسعى لتوسيع الصراع والفوضى في منطقة الشرق الأوسط تصفيةً لحسابات إيران مع الغرب والمصالح الغربية.
تعامل العولقي مع أزمة الجواسيس، هو ما سيحدد مسار التنظيم داخليًا وخارجيًا، فإن أزمة الجواسيس داخل التنظيم، من أخطر الأزمات التي فككت التنظيم وأحدثت فيه أكبر الانشقاقات، فإلى أين سيذهب العولقي بالتنظيم؟
يحاول التنظيم إشاعة مقتل النجدي، فيما تؤكد مصادر جهادية نجاته بإصابات مختلفة، فيما يتترس الجهاز الأمني لتنظيم القاعدة بالنساء والأطفال لحماية قادته والخبراء في التنظيم.