هجمات 11 سبتمبر أودت بحياة نحو 3000 شخص
تصادف اليوم، الأربعاء، الذكرى الثالثة والعشرين لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي أودت بحياة نحو 3 آلاف شخص وسوّت ما كان يعرف بمركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك بالأرض.
وقتل ما يقرب من 3000 شخص في تلك الهجمات، التي تبناها تنظيم القاعدة، عندما صدمت طائرتان مختطفتان مركز التجارة العالمي في نيويورك، وثالثة مبنى البنتاغون، أما الرابعة -التي يبدو أنها كانت تستهدف مبنى الكونغرس، فقط تحطمت في حقل في بلسنفانيا، في هجوم أعاد تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية والمخاوف الداخلية.
Watch how it happened on September 11 day 22 years ago (911)#September11 #NeverForget911 Molly Ringwald #911Memorial #911Anniversary pic.twitter.com/7pCQmtT10G
— CONTEXT VIDEOS (@Context2X) September 11, 2023
كما تعرض نحو 400 ألف شخص لسحابة غبار مسرطنة، أغلبهم من رجال الإطفاء والشرطة الذين عملوا لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناجين، لكن ماذا جرى تحديدا في هذا اليوم؟، وكيف خطط تنظيم القاعدة لهذه الهجمات؟ .
العقل المدبر
يُعرف خالد شيخ محمد، بأنه العقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر، وهو مواطن باكستاني نشأ في الكويت، ويُعتقد أنه اقترح أول مرة على زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن تدبير عملية اصطدام لطائرات بأهداف في الولايات المتحدة عام 1996.
توصل محمد إلى الابتكار التكتيكي باستخدام الطائرات المخطوفة لمهاجمة الولايات المتحدة، ووفرت القاعدة الأفراد والمال والدعم اللوجستي لتنفيذ العملية، التي اختير محمد عطا لقيادتها ميدانيا.
استقر عطا و18 إرهابيًا آخرين، في الولايات المتحدة، حيث تلقى بعضهم تدريبًا على الطيران التجاري. وقد توفي جميع الخاطفين البالغ عددهم 19 في الهجمات، فيما قتلت القوات الأمريكية بن لادن بعد ذلك في عام 2011، وألقي القبض على خالد شيخ محمد في عام 2003.
كيف خططت القاعدة لهجمات 11 سبتمبر؟
في عام 2022، أي بعد 21 سنة من هجمات 11 سبتمبر، وزع تنظيم “القاعدة” كتاباً لأحد قادته الكبار، هو أبو محمد المصري، تحدث فيه بالتفصيل عن فكرة الهجمات، والتخطيط لها، واختيار منفذيها، وكيف تم تدريبهم على خطف الطائرات المدنية واصطدامها بالأهداف المحدد الوصول إليها.
في هذا الكتاب، أوضح المصري، أن تنظيم “القاعدة” كان يخطط منذ انتقاله إلى أفغانستان عام 1996 لضربة نوعية للمصالح الأمريكية يستطيع من خلالها جر الولايات المتحدة الأمريكية لحرب استنزاف طويلة المدى.
وبعدما جادل بنجاح استراتيجية «استنزاف» الأمريكيين، قال: «إذا وضعنا في الاعتبار المخزون الهائل من الأسلحة النووية داخل الأراضي الأمريكية، وهو نقطة ضعف كبيرة إذا استطاعت الجماعات (الجهادية) الوصول إليه، وتجريب جزء منه على الأراضي الأمريكية، بحيث يجعل من أميركا أرضاً غير صالحة للعيش، وهذا أمر ليس بالبعيد، لكن بحاجة إلى إعمال الفكر في كيفية الوصول إلى هذا المخزون الاستراتيجي للمتطرفين.
فكرة طيار مصري
وعلى الرغم من أن المصري أقر بأن خالد شيخ محمد، المعتقل حالياً، لعب دوراً أساسياً في الاعتداءات الإرهابية، وبأنه طرح أكثر من مرة على زعيم القاعدة أسامة بن لادن، فكرة خطف 10 طائرات دفعة واحدة، إلا أنه يكشف أن التنظيم ناقش الفكرة بعدما سمعها من طيار مصري عرض نفسه للقيام بها، قبل سنوات من طرحها من خالد شيخ على بن لادن.
وبالعودة إلى تفاصيل فكرة هجمات 11 سبتمبر، قال أبو محمد المصري إن مدينة بيشارو الباكستانية كانت في ثمانينات القرن الماضي محل استقطاب للمشاركين في “الجهاد الأفغاني” ضد السوفيات.
وتابع: «استقبلت مضافات “المجاهدين” في بيشاور أحد الطيارين المصريين، وكان للرجل عمر طويل في مجال الطيران، حيث تنقل بين شركات الطيران العالمية كقائد محترف، وسافر إلى دول وقارات شتى وكان منها أمريكا الشمالية، وكان الرجل – كما يقول هو – بعيداً كل البعد عن أحكام الإسلام التي غابت عنه نتيجة الوسط الأخلاقي المتدني المحيط به، وكان يرى أن عمره مضى دون أن يقدم شيئاً لدينه وأمته».
وكشف كتاب المصري أن هذا الطيار قال في لقاء جمعه بأبي عبيدة البنشيري، المسؤول العسكري لتنظيم “القاعدة” ونائب أسامة بن لادن، إنه “يعرض نفسه لعملية ضد المصالح الأمريكية.. وكانت الفكرة هي قيادته لطائرته المدنية المحملة بآلاف الغالونات من المواد القابلة للاشتعال السريع، واصطدامه بأحد المباني الأمريكية المهمة والرمزية.
يضيف: “استمع أبو عبيدة للفكرة بإنصات واهتمام شديدين، إلا أنها لم تدخل ضمن النطاق العملي بسبب تدافع الأولويات حينها (…) وظلت الفكرة نظرية قابلة للتطبيق إذا تهيأت الظروف لذلك”.
وزاد أبو محمد المصري: “بعد الانتقال إلى السودان، ووجود مكان آمن يمكن أن ننطلق منه للقيام بعمليات خاصة تستهدف المصالح الأمريكية، تمت مناقشة الفكرة في محاولة من قادة التنظيم لتطويرها، وظلت الفكرة تتردد على ذهن القادة من حين لآخر، إلا أن الأرض السودانية لا تتحمل مثل هذه العمليات”.
وتابع أنه عندما قرر أسامة بن لادن “شراء طائرة خاصة – بعد نُصح بعض المقربين إليه – رأى من الضروري وجود طيار تابع للتنظيم لقيادة الطائرة، ثم تطورت الفكرة لإعداد عدد من الطيارين علهم يكونون نواة عمل للفكرة السابقة، وبالفعل تم اختيار الأخوين حسين خرستو المغربي والأخ إيهاب علي للالتحاق بإحدى مدارس الطيران، فالتحق حسين بمدرسة للطيران في كينيا، والآخر بمدرسة للطيران في أمريكا”.
وبحسب ما نشر في الكتاب، لم يكن الاثنان على علم بما تفكر به القيادة سوى رغبتها في إعداد كوادر لقيادة طائرة بن لادن الخاصة.
يضيف: “أما الفكرة القديمة فقد أخذت أبعاداً أخرى عندما جاءنا أحد الإخوة لطلب دعم التنظيم لأعماله ضد المصالح الأمريكية، وهذا الأخ هو مختار البلوشي (خالد شيخ محمد) وكان مشروعه هو خطف عدد من الطائرات الأمريكية وتدميرها في الجو إذا لم تستجب الحكومة الأميركية لطلبات (المجاهدين) بالإفراج عن المأسورين، على رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن”.
وأكد أن فكرة خطف الطائرات استمرت محور مناقشات بعد انتقال “القاعدة” إلى أفغانستان عقب رحيل التنظيم من السودان. وأوضح أن خالد شيخ محمد كان متحمساً للفكرة، خصوصاً أنه نجح مع مجموعة تتبع له في إدخال متفجرات سائلة على طائرات أمريكية في الفلبين فيما عُرف بـ«عمليات مانيلا»، وكان يرى إمكانية إعادة الكَرة مرة أخرى بـ 10 طائرات.
وتحدث عن “جلسات خاصة” تتناول كيفية توفير عدد من الطيارين للقيام بالمهمة، مع مناقشة الأهداف التي يمكن اختيارها واستهدافها، وكان التركيز على الأهداف ذات القيمة الاقتصادية والرمزية السياسية والعسكرية، فتم ترشيح عدة أهداف منها: برجا التجارة العالمية، البيت الأبيض، ومبنى الكونغرس، ومبنى البنتاغون، مع استهداف مبنى ذات قيمة اقتصادية كبورصة شيكاغو على سبيل المثال.
التحضير العملي للهجمات
ثم قدم تفاصيل عن بدء التحضير العملي للهجمات منذ ديسمبر 1998، حيث بدأ اختيار المنفذين المشاركين في هجمات 11 سبتمبر، مشيراً إلى أنه في البدء تم وضع “برنامج خاص” بدورة تدريبية من دون إعلام المشاركين فيها بالهدف منها سوى القول إنه لكسب المهارات القتالية.
وتابع: “كانت المعلومات التي سُمح بتسريبها للإخوة المدربين والمتدربين أننا بحاجة لعناصر تستطيع العمل والاشتباك بمهارة في الأماكن الضيقة مثل (المصعد الكهربائي) مثلاً، ومعلوم أن المصعد الكهربائي لا يختلف كثيراً عن قُمرة القيادة في الطائرة من حيث الحجم”.
وكشف أن التدريب كان يجري في معسكر “عيناك” التابع لولاية لوغر، الذي كان عبارة عن منجم لاستخراج النحاس في السابق، ويقع على مساحة كبيرة تحيط به الجبال من جميع الجهات.
وتابع أن “القاعدة” بدأت وقتها اختيار منفذي الهجمات لكنها لم تبلغهم المهمة، وكان أغلبهم من الجزيرة العربية واليمن، حيث يسهل عليهم العودة لبلدانهم وتغيير جوازات السفر التي تحمل تأشيرة دخول لباكستان، ومن ثم التقدم بالجوازات الجديدة للحصول على تأشيرة دخول لأمريكا.
ثم كان الحادي عشر من سبتمبر 2001 الهجوم الإرهابي الأكثر دموية على الأراضي الأمريكية؛ حيث قُتل ما يقرب من 3000 شخص. تضمنت الهجمات اختطاف أربع طائرات، استُخدمت ثلاث منها لضرب مواقع أمريكية مهمة.
اصطدمت طائرة الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 11 ورحلة الخطوط الجوية المتحدة 175 بالبرجين الشمالي والجنوبي لمركز التجارة العالمي على التوالي، واصطدمت رحلة الخطوط الجوية الأمريكية 77 بمبنى البنتاغون، فيما تحطمت رحلة الخطوط الجوية المتحدة 93 في حقل بالقرب من شانكسفيل بولاية بنسلفانيا، بعد أن حاول الركاب التغلب على الخاطفين. وكان يُعتقد أن الطائرة كانت متجهة إلى مبنى الكونجرس الأمريكي في واشنطن العاصمة.