خبراء يرون أن اغتيال زعيم حزب الله أدى إلى إضعاف قوة الردع الإيرانية الرئيسية ضد إسرائيل
لا شك أن رد فعل إيران على مقتل زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، في غارة جوية إسرائيلية، سيؤثر على المنطقة، بل وخارجها، بحسب محللين يرون أن اغتيال نصر الله أدى إلى إضعاف قوة الردع الإيرانية الرئيسية ضد عدوها إسرائيل.
وبحسب “نيويورك تايمز” لطالما سعت إيران إلى جعل وكلائها الذين تدعمهم في المنطقة ــ بما في ذلك حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والقوات في سوريا واليمن والعراق ــ بمثابة الخط الأمامي في حربها الطويلة الأمد مع إسرائيل، ولكن إذا تم القضاء على أهم أصولها العسكرية، حزب الله، فقد لا يكون أمامها خيار سوى الرد.
وسيكون للقرارات التي ستتخذها تأثير كبير على المرحلة التالية من الصراع المتنامي الذي يهدد الآن بابتلاع المنطقة، بحسب خبراء.
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة تعمل على منع الصراعات، إن “خيارات إيران تتراوح حقاً بين القبيح وغير المستساغ”.
من جانبه، يرى جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله يزيد بشكل كبير من خطر اندلاع حريق خطير في الشرق الأوسط وما بعده.
لكن السؤال الحقيقي الآن هو ما إذا كان حزب الله يمتلك القدرة على شن ضربات صاروخية واسعة النطاق على إسرائيل في هذه المرحلة، كما يقول بارنز ديسي. وإذا لم يكن الأمر كذلك، “فإن هذا قد يدفع إيران الآن إلى الاندفاع نحو امتلاك الأسلحة النووية لأنها ترى في ذلك الشكل الوحيد الفعال من أشكال الردع المتبقي لديها”.
وبحسب الصحيفة، تشكل وفاة نصر الله خسارة كبيرة لإيران، فهو لم يكن زعيماً كاريزمياً ألهم أجيالاً من المشاعر المعادية لإسرائيل فحسب، بل كان أيضاً قريباً جداً من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وكان أيضاً بمثابة حلقة الوصل الرئيسية بينه وبين العالم العربي.
وأصدر خامنئي بيان تعزية بعد تأكيد حزب الله وفاة زعيمه، داعياً جميع المسلمين إلى الانتفاضة ضد إسرائيل بكل قوتهم والوقوف إلى جانب حزب الله ولبنان.
وقال خامنئي: “إن جميع قوى المقاومة تقف إلى جانب حزب الله وتدعمه. إن مصير هذه المنطقة سوف يتحدد من خلال المقاومة وعلى رأسها حزب الله”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بقطع رأس حزب الله، ففي عام 1992، قتلت إسرائيل سلف نصر الله، عباس الموسوي .
وفي هذا الصدد يقول بارنز ديسي: “لقد اغتالت إسرائيل العديد من قادة حماس على مدى العقود الأخيرة، وفي كل المناسبات، عادت هذه الجماعات – أقوى وأكثر تطرفًا وتشكل تهديدًا أكثر خطورة لإسرائيل”.
وكان مقتل نصر الله تتويجا لهجوم استمر عدة أسابيع بدأ بهجوم على منشأة أسلحة سورية تزود حزب الله بالأسلحة، وتبعه عملية تخريب متطورة على أجهزة الاتصال والراديو التابعة لحزب الله، مما أسفر عن مقتل أو عجز العشرات من القادة وإلحاق الضرر بقدرة الميليشيا على التواصل.
كما أدت الغارات الجوية اللاحقة إلى مقتل المزيد من القادة، ولكن باستثناء التنديد بالهجمات في الخطب والبيانات، وقفت إيران إلى حد كبير على الحياد.
وربما يكون اغتيال نصر الله بمثابة الضربة التي ستجبر إيران في النهاية على الرد، بحسب تقرير “نيويورك تايمز”، التي أضاف: :لم يتضح بعد مدى الضرر الذي ألحقته الهجمات الإسرائيلية بترسانة حزب الله الكبيرة من الأسلحة، ولكن إذا أصبحت الميليشيا عاجزة إلى حد كبير، فقد لا يكون أمام إيران العديد من الخيارات للرد.
وترى الصحيفة، أن إيران لديها القدرة على مهاجمة إسرائيل نفسها، كما أثبتت في أبريل/نيسان عندما شنت هجومًا بطائرات بدون طيار وصواريخ.
لكن إسرائيل قد تتسبب أيضًا في نكسة شديدة لإيران عسكريًا واقتصاديًا، وهذا شيء لا تريده الحكومة الإيرانية، كما قال علي فايز مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية.
وأضاف: “إنهم يعرفون أن أي هجوم من جانب إيران سيسمح لإسرائيل بتوسيع الحرب بشكل أكبر وجر إيران إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة”.
وقال فايز إنه إذا كان حزب الله لا يزال يمتلك قدرات يمكنه استخدامها، فإن هذا هو الرد الأكثر ترجيحا. وأضاف: “إيران تريد البقاء بعيدا عن هذا الأمر لأطول فترة ممكنة”.
أما بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فيرى أن إيران بارعة في لعب لعبة طويلة المدى.
يضيف: وبدلاً من الرد بشن هجوم فوري على إسرائيل، تستطيع إيران بدلاً من ذلك أن تتراجع، وتساعد حزب الله بهدوء في إصلاح الأضرار التي لحقت بمخازن أسلحته وقياداته، والبدء في إعادة بناء ما تبقى.
وعلى النقيض من حماس، لا تحاصر إسرائيل حزب الله، وتتمتع الميليشيا بالقدرة على الوصول إلى إمدادات الأسلحة من حلفائها الإيرانيين في سوريا والعراق عبر الحدود اللبنانية التي يسهل اختراقها نسبيا.
وقال سالم “إن حزب الله سوف يجد مع مرور الوقت قادة جدداً. ويمكن تدريب هؤلاء القادة وتسليحهم وتزويدهم بمجموعة جديدة من التكتيكات والاستراتيجيات. لقد تكبدوا خسائر فادحة. ولكن هذه ليست نهاية حزب الله”.