واشنطن تحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية
بعد الهجوم الصاروخي الواسع الذي شنته إيران على إسرائيل الثلاثاء، زادت المخاوف من إمكانية اندلاع حرب إقليمية، لاسيما مع توعد إسرائيل بالرد على طهران.
وبينما اتجهت الأنظار إلى مفاعلات إيران النووية، كهدف محتمل ربما للضربة الإسرائيلية، يرى خبراء عدة أن التوجه نحو حرب إقليمية قد يكون بدأ فعلا.
في المقابل، يعتقد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن أنه لا يزال من الممكن تجنب “حرب شاملة” في الشرق الأوسط.
وسأل أحد المراسلين جو بايدن عن مدى تأكده من إمكانية تجنب الحرب الشاملة، فأجاب الرئيس الأمريكي: “ما مدى تأكدك من عدم هطول الأمطار؟ انظر، لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب شاملة. أعتقد أننا نستطيع تجنبها، لكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به”.
ووفقا لتقارير عدة، نصح الرئيس الأمريكي إسرائيل بعدم شن هجمات على البنية التحتية المدنية الإيرانية، مثل مستودعات النفط.
ويأتي الحديث عن هذه المخاوف الكبيرة، فيما تعاني منطقة الشرق الأوسط أساسا توترا شديدا منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة قبل سنة إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس داخل الأراضي الإسرائيلية، والتي امتدت الآن إلى لبنان.
بعد تصعيد استمر لأشهر، بات خطر الانتقال إلى نزاع مكثف يمتد إلى دول أخرى أكثر احتمالا بحسب محللين عدة، ما يثير قلق المجتمع الدولي.
هل ترد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟
بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، أكد المسؤولون السياسيون والعسكريون الإسرائيليون أن الدولة العبرية سترد.
ووصفت طهران هجومها الذي استخدمت فيه حوالى 200 صاروخ بالستي، بأنه انتقام لقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز/يوليو في ضربة نُسبت إلى إسرائيل واغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 أيلول/سبتمبر قتل فيها أيضا مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني.
ويلقى حزب الله دعما كاملا من إيران ويعتبر حليفها الرئيسي في المنطقة.
وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو إلى القول مساء الثلاثاء بعيد الهجوم “إيران ارتكبت خطا فادحا (..) وستدفع الثمن”.
ويرى ديفيد خالفا أحد مدراء مرصد شمال إفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة جان جوريس، أن الإسرائيليين “مضطرون (إلى الرد) بسبب حجم (الهجوم) ونظرا إلى أن ثمة تبدلا في طبيعة الأهداف” في الهجوم الإيراني.
ويقول داني كريتينوفيتس الخبير بشؤون إيران في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن “إنها مرحلة أعياد (يهودية) والوقت غير مناسب للرد لكنه سيأتي سريعا على الأرجح”.
ماهي خيارات إسرائيل؟
يقول خالفا إنه منذ الهجوم الإيراني تتحدث عدة أطراف في إسرائيل وبينهم أعضاء في الحكومة عن “فرصة تاريخية متاحة أمام إسرائيل لتصفية الحساب نهائيا مع النظام الإيراني”.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت الأربعاء إلى توجيه ضربة حاسمة لتدمير المنشآت النووية في إيران.
ومن بين الخيارات المتاحة، يتداول خبراء ووسائل أعلام في إسرائيل احتمال شن ضربات على مواقع استراتيجية أو حتى هجوم سيبراني.
وتحدث الرئيس الأمريكي جو بادين الخميس عن “مباحثات” جارية حول ضربات محتملة على منشآت نفطية إيرانية.
ويوضح خالفا أن إيران وإسرائيل، وبعد توتر متواصل منذ عقود، “لم تعودا في مواجهة كامنة بل أصبحتا في حرب مفتوحة” قد تتحول إلى “حرب استنزاف إقليمية”.
ويؤكد نتانياهو الذي تُعتبر بلاده القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط أن إيران تسعى جاهدة إلى حيازة السلاح الذري، مشددا على أنها ستشكل في هذه الحالة تهديدا وجوديا للدولة العبرية المنخرطة في “حرب بقاء” منذ هجوم حماس غير المسبوق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر والحرب التي اندلعت معه على الإثر في قطاع غزة.
ولطالما نفت إيران أن يكون لبرنامجها النووي أغراض أخرى غير مدنية.
أي توجه؟
ويقول داني كريتينوفيتس إن إيران “قامت بحساباتها وأكد (مسؤولوها) أنهم جاهزون” مشيرا إلى أن الرد الإيراني على ضربات إسرائيلية محتملة “سيكون سريعا”.
وترى سيما شين مديرة برنامج الأبحاث حول إيران في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن الوطني أن “قدرتها على التدمير مثبتة. يمكنها إرسال أكثر من 200 صاروخ لا بل 300 ولديها مسيّرات أيضا”.
وتضيف “يمكنها أيضا محاولة تنفيذ عمليات إرهابية في الخارج” ذاكرة إمكان حدوث هجمات على بعثات دبلوماسية إسرائيلية أو مراكز منظمات يهودية.
ويرى محللون أنه مع كل عتبة جديدة يتم تجاوزها، تزيد مخاطر اندلاع حرب إقليمية مع أن إسرائيل وإيران أكدتا مرات عدة أنهما لا ترغبان بالدخول في دوامة عنف والرد والرد المضاد.
وتخوض إسرائيل مواجهة مسلحة على جبهات عدة: في قطاع غزة حيث لا يزال نحو مئة رهينة محتجزين منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر فضلا عن الضفة الغربية، وضد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يستهدفون الدولة العبرية بانتظام بصواريخ أو مسيّرات.
وفي لبنان، باشر الجيش الإسرائيلي بعد غارات مكثفة ضد حزب الله، الإثنين ما يصفه بأنه عمليات محدودة، وحشد قوات إضافية.
رغم ذلك يقول كريتينوفيتس إن “المطاف سينتهي بسعي الطرفين إلى حل سياسي” معتبرا أن الولايات المتحدة وكذلك فرنسا وتحديدا في لبنان، يمكنهما لعب دور حاسم في التهدئة.
وحضّ الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل الجمعة على عدم استهداف منشآت نفطية إيرانية ردا على هجوم صاروخي نفذته طهران ضد الدولة العبرية، مؤكدا أنه يعمل على حشد دول العالم لتفادي اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط.
وشدد بايدن الذي حضر بشكل غير معلن إلى قاعة الإيجاز الصحافي في البيت الأبيض، على ضرورة ألا ينسى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعم الأمريكي لدى اتخاذه الخطوات المقبلة.
وقال الرئيس الأمريكي الذي تقترب ولايته من نهايتها “لو كنت مكانهم، كنت سأفكر ببدائل غير ضرب حقول النفط”، وذلك غداة حديثه عن إجراء “نقاشات” بشأن ضربات إسرائيلية ضد منشآت كهذه عائدة للجمهورية الإسلامية.
لكنه شدد على أن الإسرائيليين “لم يصلوا إلى خلاصة بعد بشأن ما سيقومون به” ردا على الهجوم الإيراني الثلاثاء.
وكانت تصريحات بايدن الخميس قد أدت الى ارتفاع في أسعار النفط. ويمكن لأي زيادة طويلة الأمد في سعر هذه المادة أن تنعكس سلبا على حظوظ نائبته كامالا هاريس التي تستعد لمواجهة الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها بايدن إلى المراسلين في القاعة المخصصة للمؤتمر الصحافي للمتحدثة باسم البيت الأبيض.
يأتي ذلك في وقت بالغ الحساسية مع اقتراب انتهاء ولاية بايدن وفي ظل توترات حادة في الشرق الأوسط وانتقادات لدبلوماسيته خصوصا في ما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، وأخرى متعلقة بتعامله مع إعصار هيلين الذي ضرب جنوب شرق الولايات المتحدة هذا الأسبوع وأودى بمئات الأشخاص.
وشدد الرئيس الأمريكي على أنه يبذل ما في وسعه للحؤول دون اتساع نطاق التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية في لبنان ضد حزب الله المدعوم من طهران، بعد نحو عام على اندلاع الحرب بينها وبين حركة حماس في قطاع غزة إثر الهجوم غير المسبوق للحركة على جنوب الدولة العبرية.
وقال بايدن “أهم أمر يمكننا القيام به هو محاولة حشد بقية العالم وحلفائنا للمشاركة في خفض” التوتر، مضيفا “لكن عندما يكون لديك وكلاء لإيران غير عقلانيين مثل حزب الله والحوثيين، من الصعب تحديد ذلك”.