رئيس بلدة كيبوتس بئيري الإسرائيلية: موت السنوار قد أتاح فرصة يجب اغتنامها
هل ستنتهي الحرب في غزة؟ سؤال بات يُحيّر الكثيرون في الأيام الماضية، وخاصة بعد مقتل يحيى السنوار، الذي تعتبره إسرائيل بأنه العقل المدبر لعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها جماعة حماس في السابع من أكتوبر العام الماضي.
ومع استمرار الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، تتزايد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لإنهاء القتال وإنقاذ الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا موجودين لدى حماس داخل القطاع.
وبحسب وكالة رويترز، فقد وصف نتنياهو مقتل السنوار بأنه “بداية النهاية” للصراع الذي امتد إلى لبنان واليمن، وقال إنه يمكن أن ينتهي إذا ألقت حماس سلاحها وأعادت 101 رهينة إسرائيلي وأجنبي محتجزين في غزة.
فرصة لا تعوض
وحول هذا الأمر، قالت شيرا إيفرون، المديرة البارزة لأبحاث السياسات في مؤسسة ديان وجيلفورد جليزر المؤيدة لإسرائيل “أعتقد أن ما لدينا الآن هو فرصة يجب أن يتم استغلالها لإغلاق الجبهة في غزة”.
وأضافت إيفرون “أعني، عليك أن تتذكر أن هذا الأمر يصب في أعماق المجتمع الإسرائيلي، لقد انتقموا للعقل المُدبر السنوار”.
في المقابل، لا يزال كيفية رد حماس على مقتل زعيمها، الذي صوَّرته طائرة بدون طيار إسرائيلية وهو جالس مصاب بجروح بالغة في مبنى مدمر في غزة قبل انتشال جثته ونقلها إلى إسرائيل لإجراء فحوص تؤكد هويته، غير واضحٍ بعد.
وفي أول تعليق رسمي من حماس، قال نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة، خليل الحية، يوم أمس الجمعة، وهو ينعى السنوار، إن الأسرى الإسرائيليين لن يعودوا إلى قطاع غزة إلا بعد انتهاء “العدوان” الإسرائيلي وانسحاب قواتهم.
خلاف إسرائيلي
فيما أفاد بعض حلفاء نتنياهو السياسيين المتشددين، ومن بينهم وزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، إن إسرائيل يجب ألا تتوقف قبل “الاستسلام الكامل” لحماس.
ولكن مع حديث البيت الأبيض عن “نقطة تحول” محتملة في الحرب، فإن العديد من أنصار النهج الإسرائيلي المتشدد حتى الآن قالوا إن “هناك فرصة لإنهاء القتال”.
وقال إيريز جولدمان، أحد سكان القدس “أعتقد أن نتنياهو قال الشيء الصحيح الليلة الماضية، أعطونا الرهائن، وعندما يعودون جميعهم سوف نرحل”، نقلاً عن وكالة رويترز.
على مدار عقد من الزمن، ظل قطاع كبير من الرأي العام الإسرائيلي، بما في ذلك نتنياهو، يعتقد دائماً بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام هي إلحاق الهزائم العسكرية بأعدائهم، حتى لو جاء ذلك على حساب إزعاج حلفائهم.
الاغتيالات ترفع أسهم نتنياهو
وقد رأى كثيرون أن مقتل السنوار يشكل تبريراً لرفض إسرائيل الرضوخ للضغوط الدولية في وقت سابق من هذا العام بعدم إرسال قوات برية إلى مدينة رفح، التي كانت في ذلك الوقت ملجأ لأكثر من مليون فلسطيني نزحوا بسبب القتال.
وقال مسؤول كبير يوم الجمعة “هذا أول ما خطر ببالي عندما تم القضاء على السنوار في رفح”.
وعقب اغتياله سلسلة من القادة المتشددين، بدأت حظوظ نتنياهو السياسية التي كانت في أدنى مستوياتها العام الماضي خلال أكثر الأيام دموية في تاريخ إسرائيل، بالانتعاش بشكل مطرد منذ ذلك الحين.
فبالعودة إلى يوليو الماضي، زعمت إسرائيل قتل محمد الضيف، القائد العسكري لحركة حماس، في غزة، وخلال الشهر نفسه، اغتيل الزعيم السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران.
وبعد شهرين من ذلك، قُتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في بيروت، وهو أحد قادة المجموعة المدعومة من إيران الذين قُتلوا في موجة من الغارات الجوية الإسرائيلية.
مخرج لإسرائيل
وقالت كارميل أربيت، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي، إن إضافة السنوار إلى القائمة قد تمنح نتنياهو “مخرجاً” محتملاً للخروج من غزة، مضيفةً بأن “موت السنوار وحده لا يضمن الظروف اللازمة ليعلن نتنياهو نهاية الحرب كما يأمل الكثيرون”.
ويقول دانييل ليفشيتز، الذي لا يزال جده، عوديد ليفشيتز، محتجزاً في غزة: “إنها فرصة قد لا تتاح لنا مرة أخرى”.
كما أوضح أميت سولفي، رئيس بلدة كيبوتس بئيري القريبة من قطاع غزة، والتي فقدت واحداً من كل عشرة من سكانها في السابع من أكتوبر، بأن موت السنوار قد أتاح فرصة يجب اغتنامها، موضحاً بقوله “هناك فرصة.. ويتعين على إسرائيل أن تغتنم هذه الفرصة بقوة، وأن تطوّرها لاتفاق دبلوماسي”.
وأكدت إسرائيل بأنها يجب أن تحافظ على سيطرتها الأمنية على غزة عندما تنتهي العمليات القتالية، في حين أنها لم تكشف عن أي أفكار تفصيلية لإدارة القطاع بخلاف رفض أي دور لحماس أو السلطة الفلسطينية.
وذكرت وكالة رويترز، بأن قليلين على استعداد لوضع الثقة في حماس حتى بعد مقتل السنوار، وذلك بسبب الهجوم الذي قادته الحركة على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وأسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 أسيراً.
80 مليار دولار لإعادة الإعمار
الجدير بالذكر أنه ومع مرور عام على الحرب، فقد أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني بينما نزح معظم سكان غزة.
وحول حجم الأضرار التي تسببت بها الحرب على قطاع غزة، أشار تقرير كان قد صدر عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة خلال سبتمبر الماضي، بأن الأضرار التي لحقت بالمرافق العامة تتمثل بتدمير 200 منشأة حكومية و122 مدرسة وجامعة و610 مساجد و3 كنائس.
وقال أستاذ تاريخ العمارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مارك جارزومبيك لوكالة بلومبرج في تقرير سابق، إن ما نراه في غزة هو شيء لم نشهده من قبل في تاريخ التخطيط الحضري، فهو ليس مجرد تدمير للبنية التحتية المادية، بل تدمير للمؤسسات الأساسية للحكم والشعور بالحياة الطبيعية.
وأضاف جارزومبيك أن تكلفة إعادة الإعمار ستكون باهظة للغاية، ويجب أن تكون مواقع البناء بهذا الحجم خالية من الناس، مما يؤدي إلى موجة أخرى من النزوح، مضيفًا أن غزة ستظل تكافح لأجيال.
وبحسب التقرير الذي صدر عن وكالة بلومبرج في أغسطس الماضي، فقد قُدّرت تكلفة إعادة إعمار القطاع بأكثر من 80 مليار دولار، إلى جانب 700 مليون دولار لإزالة 42 مليون طن من الأنقاض.