المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني: هناك 1000 حالة تحتاج للعلاج بشكل عاجل خارج قطاع غزة
عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين.. أمراض وأوبئة خطيرة منتشرة.. مستشفيات مدمرة خارج الخدمة.. وضع صحي وإنساني كارثي يُخيّم على سكان قطاع غزة، ويزداد سوءاً مع استمرار القصف والعمليات العسكرية البرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي منذ الحرب المستمرة لأكثر من عام، والتي اندلعت عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023.
ولكن في محاولةٍ لإنقاذ أرواح المرضى وتخفيف العبء على القطاع الصحي في غزة، أعلن مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوغ في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية أنه سيتم إجلاء قُرابة 1000 امرأة وطفل مصابين ومرضى من قطاع غزة قريباً، مُشدّداً على ضرورة إبقاء الحوار مع الأطراف المتحاربة.
وقال كلوغ إن إسرائيل تعهدت بالسماح بحوالي “ألف عملية إجلاء طبية إضافية إلى الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر المقبلة”، لافتاً إلى أن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية سيقوم بتسهيل هذه العمليات بالتعاون مع الدول المعنية.
انهيار المنظومة الصحية بنسبة 80%
وحول هذا الأمر، قال المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، محمد أبو مصبح خلال حوار خاص له مع أخبار الآن إن “عدد الحالات الموجودة في غزة والتي تم تسجيلها بأنها تحتاج للعلاج خارج القطاع قد وصلت لأكثر من 3000 حالة حسب اللجان المتخصصة، ومنها 1000 حالة تحتاج للعلاج بشكل عاجل”، مؤكداً على أهمية إجلاء المرضى من الحالات الحرجة لأن “80% تقريباً من المنظومة الصحية في قطاع غزة مُنهار بشكل كامل”.
وأوضح أبو مصبح أن الحالات الطارئة التي يجب إجلاؤها هي تلك المُصابة بأمراض تحتاج لتدخلات جراحية خاصة ولها علاجات نادرة غير موجودة في غزة، مثل السرطان وأمراض الكلى وغيرهم من الأمراض التي تكون أكثر تعقيداً من نظيراتها.
وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، كشف أبو مصبح أن دور الهلال الأحمر الفلسطيني بعملية الإجلاء هذه يتمثل في “نقل المصابين من مستشفيات شمال غزة إلى جنوب القطاع، ومن الجنوب باتجاه المعبر الذي سيسافر من خلاله المرضى”.
وسهَّلت منظمة الصحة العالمية حتى الآن حوالي 600 عملية إجلاء طبي من غزة إلى سبعة دول أوروبية منذ أكتوبر 2023.
“ممر إنساني”
وأكد المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني على “ضرورة فتح ممر إنساني لإخراج المصابين والمرضى إلى خارج قطاع غزة”، لأنه سيخفف العبء على المنظومة الصحية داخل القطاع، وخصوصاً بالجنوب، كما أنه سيحافظ بحسب أبو مصبح على أكبر عدد ممكن من أرواح المرضى الذين يبدأون بـ”العد التنازلي” حسب وصفه لأيامهم الأخيرة بعد معرفتهم باستحالة علاجهم في مستشفيات جنوب غزة.
وكان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا”، فيليب لازاريني، قد دعا، الثلاثاء، إلى هدنة فورية في شمال غزة، حيث قال: “نيابة عن موظفينا في شمال غزة، أدعو إلى هدنة فورية، حتى ولو لبضع ساعات، لتمكين المرور الإنساني الآمن للعائلات التي ترغب في مغادرة المنطقة والوصول إلى أماكن أكثر أماناً”، مؤكداً أن هذا هو “الحد الأدنى” لإنقاذ أرواح المدنيين الذين لا علاقة لهم بهذا الصراع.
ووفقاً للازاريني فلا يزال هناك موظفون من “الأونروا” موجودون في غزة حالياً، وهم في حالة صعبة، بحسب المفوض العام للوكالة الذي كتب، الثلاثاء، على منصة إكس: “إن موظفي الأونروا أفادوا بأنهم لا يستطيعون العثور على طعام أو ماء أو رعاية طبية”.
ويواجه موظفو الأونروا صعوبات كبيرة بالعمل في قطاع غزة، إذ تم الإعلان عن مقتل أحد العاملين في الوكالة الأممية نفسها، يوم أمس الأربعاء، في غارة إسرائيلية استهدفت مركبة بجنوب قطاع غزة، ليُضاف بذلك إلى حصيلة قتلى الوكالة الأممية التي بلغت ما يقارب 223 موظفاً منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، حسبما أعلن مفوض الوكالة العام.
وحول الطريق المؤدية إلى قطاع غزة، كان قد نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” على صفحته الرسمية في إكس: “في غزة لا يمكننا أن ننفذ عملية إنسانية على النطاق المطلوب مع وجود عدد قليل من نقاط العبور غير الموثوق بها والتي من الصعب الوصول إليها”.
“شلل الأطفال”.. للمرة الأولى منذ 25 عام
على مدار عام كامل، شهدت غزة انتشار الكثير من الأمراض والأوبئة المستجدة التي لم يسمع بها سكان القطاع من قبل، ويرجع ذلك لعوامل عدة، تشمل: الاكتظاظ السكاني في مخيمات النزوح، ومشكلة نقص المياه، والصرف الصحي، وتعطل خدمات الرعاية الصحية الروتينية، وانهيار النظام الصحي بأكمله تقريباً.
أما عن ماهية الأمراض المنتشرة في قطاع غزة، فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تم الإبلاغ عن حالات متفرقة من مرض الحصبة، والنكاف، وعن أكثر من 600 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا، والتهاب الكبد، والطفح الجلدي، والجرب، والقمل، وجدري الماء.
وفي الآونة الأخيرة، كَثُر الحديث حول مرض “شلل الأطفال“، حيث تم اكتشاف أول حالة شلل أطفال في غزة في أغسطس الماضي، عند رضيعة تبلغ من العمر 10 أشهر، وهي الآن مصابة بالشلل في إحدى ساقيها، علماً بأنها المرة الأولى التي ينتشر فيها مثل هذا المرض في القطاع منذ 25 عاماً.
وما هي إلا أيام حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية في بداية شهر سبتمبر الماضي، بدء أولى حملاتها للتطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، والتي أكدت وكالة “الأونروا” آنذاك بأنها قد “نجحت” بجميع جولاتها في الوصول إلى تغطية التطعيم بنسبة 90% بكافة أنحاء القطاع.
وأشار حينها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أيضاً إلى أن أكثر من 560 ألف طفل دون سن العاشرة تم تطعيمهم ضد شلل الأطفال خلال المرحلة الأولى من حملة التطعيم الطارئة في قطاع غزة.
ورغم بدء منظمة الصحة العالمية بالحملة الثانية من التطعيم في 14 أكتوبر الجاري في وسط غزة، من أجل تطعيم نحو 590 ألف طفل دون سن العاشرة في جميع أنحاء القطاع، إلا أن المنظمة قد أعلنت، يوم أمس الأربعاء، تأجيل المرحلة الأخيرة من حملة التطعيم ضد المرض في شمال غزة بسبب “القصف الكثيف”.
وقالت المنظمة في بيان إن “الظروف الحالية… تجعل اصطحاب العائلات أطفالها لتلقي التطعيم ومهمة العاملين في المجال الصحي أمراً مستحيلاً”، وعزت بدورها هذا التأجيل إلى “تصاعد العنف والقصف المكثف وأوامر الانتقال الجماعي وغياب الهدن الإنسانية في غالب مناطق شمال قطاع غزة”.
وبعد مرور 384 يوم على حرب غزة، أكدت وزارة الصحة في القطاع، الثلاثاء، بأن عدد القتلى قد وصل إلى ما لا يقل عن 42,718 فلسطينياً، وقالت الوزارة إن 487 شخصاً قد أُصيبوا في غزة خلال الـ48 ساعة الماضية، ليرتفع إجمالي عدد الإصابات منذ 7 أكتوبر إلى 100,282 – أي حوالي واحد من كل 22 شخصاً في القطاع -، وذلك وفقاً لتحليل شبكة CNN لأرقام وزارة الصحة.