الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يحل بمصر في زيارة عمل وأخوة
وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمس الأحد إلى مصر في زيارة تستمر يومين، للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي. يتناول اللقاء عددًا من قضايا التعاون الثنائي بين البلدين، بالإضافة إلى ملفات إقليمية هامة، في مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة والأزمة الليبية. بعد زيارته لمصر، يعتزم الرئيس تبون التوجه إلى سلطنة عُمان، في زيارة تعتبر الأولى من نوعها للرئيس جزائري إلى هذا البلد. تأتي هذه الزيارات في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي بين الجزائر ومصر وعمان.
الجزائر ومصر: تاريخ عريق وتطلعات مستقبلية نحو تعاون مثمر يحقق آمال الشعبين
من المتوقع أن تعزز العلاقات بين البلدين مستوى التعاون بمناسبة زيارة العمل التي بدأها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى جمهورية مصر العربية بدءًا من يوم الأحد.
والجدير ذكره أنالعلاقات الثنائية بين الجزائر ومصر شهدت في السنوات الأخيرة ديناميكية جديدة، تجسد ذلك من خلال حرص الرئيسين على توطيد روابط الأخوة التاريخية وتعزيز التعاون والشراكة في مجالات متعددة بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين.
ويسعى الرئيسان إلى التنسيق المستمر بشأن القضايا والملفات التي تهمهما، مع التركيز على الأمور المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي والقارة الإفريقية.
وفي رسالة تهنئة بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس المصري في ديسمبر 2023، أكد الرئيس الجزائري على أهمية تعزيز الروابط التاريخية بين الشعبين والارتقاء بعلاقات التعاون والشراكة إلى آفاق جديدة في إطار التشاور المستمر.
في سبتمبر الماضي، تلقى الرئيس الجزائري اتصالاً هاتفيًا من الرئيس المصري، هنأه خلاله بإعادة انتخابه، مما أتاح الفرصة لتبادل الرؤى حول تعزيز التعاون الثنائي، وتم الاتفاق على لقاء قريب يجمعهما.
كما توجت زيارة الرئيس الجزائري تبون إلى مصر في 2022 بتعزيز أطر التعاون الثنائي من خلال تفعيل آليات التشاور والتنسيق على كافة الأصعدة، مع التأكيد على ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات المتبادلة وتعزيز الشراكات.
انطلاقًا من إيمان الرئيسين الراسخ بأن الأمن القومي العربي لا يتجزأ، تم الاتفاق على تكثيف التنسيق لتفعيل العمل العربي المشترك.
وفي عدة مناسبات، ناقش الرئيسان القضايا المطروحة على الساحة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التحديات الجسيمة التي تواجهها المنطقة.
تعزيز التعاون الاقتصادي: التجارة والبناء
خلال زيارته، أكد الرئيس الجزائري تبون أن التبادل التجاري بين الجزائر ومصر قد شهد تطورًا كبيرًا، حيث أصبحت مصر الشريك التجاري الأول للجزائر في مجال الاستيراد، إذ بلغ حجم الواردات الجزائرية من مصر نحو مليار دولار. يشمل هذا التعاون منتجات مصرية متنوعة تلبي احتياجات السوق الجزائري، مما يعزز مكانة مصر كمصدر رئيسي للسوق الجزائرية. وقد جاء هذا التوسع التجاري نتيجة التفاهمات المتبادلة التي تدعمها الحكومة الجزائرية لتحقيق التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط.
📌#الرئيس_تبون: زيارتي إلى مصر أخوية وودية لتعميق التشاور في عدة نقاط تهم البلدين
📌الرئيس تبون: العلاقات بين الجزائر ومصر على أحسن ما يرام تفاهم ورغبة في العمل
📌الرئيس تبون: مصر أول دولة بالنسبة لاستيراد الجزائر وصلنا إلى ما يقارب مليار دولار
📌الرئيس تبون: نرحب بكل… pic.twitter.com/J0mAfglO6s
— Ennahar Tv النهار (@ennaharonline) October 27, 2024
كما رحّب تبون بالشركات المصرية للعمل في قطاع البناء والبنية التحتية بالجزائر، نظرًا للتطور الذي شهده هذا القطاع في مصر من خلال المشروعات القومية الكبيرة. ويُتوقع أن تسهم الشركات المصرية، بخبراتها المتنوعة، في تطوير مشروعات البنية التحتية التي تعتزم الجزائر تنفيذها ضمن خططها التنموية، حيث تمثل البنية التحتية أساسًا لتعزيز الاستثمارات ورفع مستوى الخدمات.
أهمية الزيارة للمشهد الإقليمي.. تعزيز الاستقرار والأمن
تأتي زيارة الرئيس الجزائري تبون في سياق التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة العربية وشمال إفريقيا، خاصة في ظل الأزمات الأمنية والسياسية المتواصلة. وتمثل الجزائر ومصر دولتين محوريتين، لديهما ثقل سياسي وجغرافي يجعل من تعاونهما أمرًا استراتيجيًا. التعاون الجزائري-المصري يسهم في دعم الاستقرار الإقليمي والتنسيق الأمني، خاصة في مواجهة تحديات الإرهاب الذي يهدد أمن المنطقة بأكملها.
وقد تصدر الملف الفلسطيني أجندة المناقشات، حيث يشترك البلدان في موقفٍ داعم للفلسطينيين ودعوةٍ صريحة لإيقاف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. تتجاوز هذه الجهود البعد الإنساني نحو رؤية سياسية تعتبر أن استقرار فلسطين جزء لا يتجزأ من الاستقرار الإقليمي.
كما تُتيح هذه الزيارة فرصة للبلدين لتعزيز التنسيق في الملف الليبي، حيث يشتركان في الحرص على إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، ما يحقق الاستقرار لليبيا ويمنع تدفق الإرهاب إلى دول الجوار. وتُعد الجزائر ومصر من الدول الفاعلة التي تسعى لدعم جهود السلام، دون التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، بل من خلال التشجيع على الحوار الوطني بين الأطراف الليبية.
إلى جانب الأبعاد السياسية، تؤسس زيارة تبون لآفاق جديدة في مجالات الاستثمار والطاقة والتكنولوجيا، حيث تتطلع الجزائر إلى الاستفادة من التجارب المصرية في هذه القطاعات، خاصة مع تحقيق مصر تقدمًا في مجالات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات. ويأتي هذا التوجه تماشيًا مع خطط الجزائر لتنويع اقتصادها والحد من الاعتماد على قطاع المحروقات، مما يسهم في إيجاد فرص عمل وتنمية محلية.
من جانب آخر، تكتسي الزيارة لسلطنة عمان، أهمية بالغة، خاصة أنها زيارة دولة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين. ويقترب البلدان كثيرا في المواقف، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات المتوازنة مع إيران والتنسيق العربي المشترك، على اعتبار أن مواقف مسقط تقترب للحياد في كثير من القضايا وهو ما ترتاح له الجزائر التي تتبنى مقاربة دبلوماسية ترفض الخوض في الشأن الداخلي للدول.
كما ترتبط الجزائر وسلطنة عمان بعلاقات ثقافية ودينية قوية، على اعتبار أن الجزائر تحتضن المذهب الإباضي الموجود في منطقة بني مزاب بغرداية جنوب شرق البلاد، بينما هذا المذهب هو السائد في سلطنة عمان. عدا ذلك، يمكن للعلاقات الاقتصادية أن تشكل رافدا قويا للتقارب، بالنظر لموقعي البلدين الاستراتيجي واقتراب نمط اقتصادهما القائم على النفط مع الرغبة المعلنة في تنويع الموارد لكل منهما.