كيف يقمع الحزب الشيوعي الصيني نشطاء الإيغور باعتقال ذويهم؟.. روشان عباس تجيب
خلفت السلطات الصينية جحيماً بائساً على نطاق مذهل في إقليم شينجيانغ، حيث بات شعب الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة يواجهون جرائم ضد الإنسانية، وغير ذلك من الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان التي تهدد بمحو هوياتهم الدينية والثقافية.
وبحسب تقارير دولية عدة، فقد أنشأت السلطات الصينية واحداً من أعقد أنظمة المراقبة في العالم، وشبكة شاسعة من المراكز القاسية المسماة “مراكز التغيير من خلال التثقيف” – وهي في الواقع معسكرات للاعتقال – في جميع أنحاء شينجيانغ.
نشطاء الإيغور تحت المقصلة
وفي هذه المعسكرات، يُمارس التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بصورة ممنهجة، ويخضع كل جانب من جوانب الحياة اليومية فيها لنظام بالغ الصرامة، وذلك بهدف إرغام المعتقلين على الذوبان في نسيج وطن صيني علماني متجانس وتشرِّب مُثُل الحزب الشيوعي.
ومن بين مئات الآلاف الذين يتعرضون لاضطهاد السلطات الصينية، تفيد تقارير حقوقية بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية تقوم بمضايقة واعتقال أو احتجاز تعسفي لأفراد من عائلات نشطاء الإيغور المسلمين والناجين من معسكرات الاعتقال في شينجيانغ والذين نشروا قصصهم على الملأ، لا سيما هؤلاء المناضلين عن قضية شعب الإيغور.
أخبار الآن تواصلت مع الناشطة الإيغورية والمديرة التنفيذية لحملة من أجل الإيغور روشان عباس، والتي تعتقل سلطات الحزب الشيوعي الصيني شقيقتها الدكتورة جولشان عباس منذ أكثر من 6 سنوات، مؤكدة أن هذه الممارسات لن تثنيها عن جهودها المتواصلة في سبيل فضح الانتهاكات الصينية والجرائم ضد الإنسانية التي تقوم بها سلطات بكين.
Today marks another painful milestone in my sister Dr. #GulshanAbbas' unjust imprisonment—six agonizing years since she was forcibly disappeared by the #CCP. That’s 2,192 days without knowing where she is or if she’s safe.
Gulshan had no political agenda; she is suffering in a… pic.twitter.com/tC9MK07qK4
— Rushan Abbas (@RushanAbbas) September 10, 2024
اختفاء الدكتورة جولشان عباس قسرا
تعود عباس في حديثها مع “أخبار الآن” إلى العام الذي اختفت فيه شقيقتها، فتقول إن النظام الصيني اختطف الدكتورة جولشان بعد أيام قليلة من حديثها علنًا عن الاعتقالات غير القانونية التي طالت عائلة زوجها عبد الحكيم إدريس.
تضيف: “في عام 2018، اختفى 24 فردًا من عائلة عبد الحكيم إدريس -بما في ذلك والدته ووالده وإخوته وزوجاتهم وأطفالهم- في منطقة الأويغور. لقد لفتُ الانتباه إلى محنتهم وتحدثت عن الفظائع التي ارتكبها النظام بحق الأويغور، واعتقالهم بشكل جماعي خلال خطابي في معهد هدسون في 5 سبتمبر 2018. وبعد خمسة أيام فقط، في 10 سبتمبر، اختُطفت أختي”.
وبعد سنوات وسنوات من الدعوة الدؤوبة للحصول على أي ذرة من المعلومات، توصلت المديرة التنفيذية لحملة من أجل الإيغور إلى بعض التفاصيل.
تقول روشان عباس: “تقضي جولشان عقوبة بالسجن لمدة 20 عامًا، بتهم زائفة. لا نعرف مكان وجودها بالضبط أو حالتها الجسدية وصحتها الحقيقية، وهو أمر يثير قلقًا كبيرًا لأنها تعاني من ظروف طبية تتطلب رعاية روتينية”.
عقاب بسبب الهوية
وأكدت الناشطة الإيغورية أن السرعة والوحشية التي استجابت بها الحكومة الصينية لدعوتها بتطبيق مبدأ الذنب بالارتباط يجب أن تثبت أن الأويغور الذين يتحدثون عن الجرائم ضد الإنسانية هم دائمًا تحت أعين الحزب الشيوعي الصيني وأنهم يستخدمون هذه الممارسة القديمة والقاسية لمعاقبة الأقارب مع الإفلات من العقاب.
وشددت عباس على أن شقيقتها الطبيبة لا تشكل أي تهديد للصين ولا علاقة لها بأي انشطة سياسية، وبالتالي فإن اعتقالها الوحشي على الرغم من مشاكلها الصحية المزمنة باتهامات كاذبة يكشف بحسب المديرة التنفيذية لحملة من أجل الإيغور عن مدى السياسات القمعية الصينية التي تهدف إلى معاقبة الأويغور فقط على هويتهم وعلى نشاط أفراد أسرهم في الخارج.
تتابع: “إن احتجاز أختي هو عمل انتقامي واضح لدعوتي لحقوق الأويغور. لم تشارك هي نفسها في هذا النوع من المناصرة طوال حياتها. كانت طبيبة مخلصة قبل تقاعدها، وجدة مخلصة، واهتمت بوالدينا في شيخوختهما. كان هذا هو مركز عالمها، ولا يوجد سبب معقول على الإطلاق لاحتجازها”.
استمرار احتجاز شقيقتي يعزز تصميمي على فضح جرائم الحزب الشيوعي الصيني
“قمعهم يعزز نضالي”
وبينما تحاول السلطات الصينية الضغط على نشطاء الإيغور من خلال ممارسة أقصى درجات الانتهاكات بحق ذويهم، تؤكد عباس أن هذا القمع يعزز فقط تصميمها على محاربة الجرائم المروعة التي يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني ضد الإنسانية.
وتقول بنبرة مليئة بالتحدي، “إن معاناتنا تذكرنا بالثمن الذي يدفعه الإيغور لجرأتهم على السعي إلى العدالة. الطريقة الوحيدة للتعامل مع المتنمر هي الوقوف في وجههم ومحاسبتهم. رد فعلي على عداء بكين تجاه عائلتي هو العمل المستمر على فضح جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني. أنا أتجدد كل يوم بتذكر عيون أختي البريئة والإيغور الذين لا حصر لهم الذين يعانون. لن يبطئني شيء حتى يصبح شعبي حراً”.
ولفتت الناشطة روشان عباس إلى أنها لا تناضل من أجل حرية أختها وحقوق شعبها فحسب، بل وأيضاً من أجل رفع مستوى الوعي بالتهديد الأوسع المتمثل في عداء بكين المتزايد تجاه المنشقين التبتيين والصينيين، معتبرة أن تأثير هجمات الحزب الشيوعي الصيني واحتجاز أختها لم يسكتها، بل إنه يغذي التزامها بمحاسبة المسؤولين عن ذلك.
تضيف: “بصفتي مسلمة، أشعر بمسؤولية عميقة لمشاركة الحقيقة حول ما يحدث للمسلمين الأويغور وأفعال الحكومة الصينية في تجريم الإسلام. ومن هناك، يعود الأمر إلى ضمير وإيمان إخوتي وأخواتي المسلمين لتحديد أفضل طريقة للرد، لأن هذا في النهاية مسألة بينهم وبين الله”.
الإدانات لا تكفي
وخلال حديثها مع أخبار الآن تطرقت المديرة التنفيذية لحملة من أجل الإيغور إلى التدابير التي يجب على المجتمع الدولي أن يتخذها لوقف الجرائم الصينية، مشيرة إلى أنه على الرغم من الإدانات التي تطلقها دول عديدة في العالم، تواصل الصين ممارساتها ضد الإيغور دون هوادة.
وأكدت على ضرورة أن تكون الأولوية الفورية هي المطالبة بالإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين ظلماً في منطقة الأويغور، مطالبة حكومات العالم والهيئات الدولية بأن تتخذ إجراءات ملموسة لدعم إطلاق سراح هؤلاء السجناء، الذين احتُجز العديد منهم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وتعرضوا للتعذيب الشديد، وفُصلوا عن عائلاتهم لمجرد ممارستهم لعقيدتهم أو التعبير عن هويتهم الثقافية.
واختتمت الناشطة روشان عباس تصريحاتها بالإشارة إلى أن أكثر من اثنتي عشرة دولة رسمياً اعترفت بالفظائع في منطقة الأويغور باعتبارها إبادة جماعية، فضلا عن اعتراف الأمم المتحدة بها باعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
وشددت على أنه من الأهمية بمكان ضمان سلامة الأويغور الذين يسعون إلى اللجوء ومقاومة أي ضغوط من الحكومة الصينية لترحيلهم إلى منطقتهم، حيث يواجهون اضطهادًا شديدًا وربما سجنًا.