السوريون يعانون من برد الشتاء ويلجأون إلى حلول ضارة

معاناة السوريين لا تتوقف، فالتهجير على أشده والقصف مستعر على إدلب وريفها، والفقر تزداد هوته يوما تلو الآخر ويبتلع الكثير من العائلات التي لا تجد مأوى، وبرد الشتاء لا يرحم الكبير ولا الصغير، والبحث عن الدفء بات أزمة تعصف بالسوريين.

أسعار المدافئ أصبحت باهظة ومواد استخدامها كذلك، لاسيما بعد انقطاع الطرق من لبنان، وتتنوع خياراتهم بين المازوت وأنواع الخشب من سرو وتين وجوز وغيره، وصولاً إلى التمز وقشر الفستق الحلبي وغيره.
ويجد السوري نفسه أمام عشرات الخيارات، لكنها كلها مكلفة وأكثر من باهظة، وتغطية شهر من مصاريفها يتطلب جمع رواتب أشهر أو سنين من العمل.

كابوس الشتاء يؤرق السوريين.. مواطن يصف لأخبار الآن محاولات النجاة
خيارات وفيرة كثيرة يقابلها انعدام القدرة المادية، بينما يقف المواطن أمام فصل يبدو أنه سيكون قاسياً على أكثر من 90 في المئة من السوريين الذين تصنفهم الأمم المتحدة بأنهم تحت خط الفقر وفي قاعه.

واليوم يواجه سكان محافظة حلب شتاء قاسياً هذا العام في ظل النقص الحاد في الوقود، فالبطاقة الذكية إما أنها لم تعد تعمل، أو أنها تواجه خللا فرسائل الغاز تأخرت أكثر من ثلاثة أشهر، كما لم تُسلم مخصصات المازوت ويغيب عن الأسواق.

عمار مواطن سوري يسكن مع حلب، وهو أب لثلاثة أطفال أكبرهم بعمر الثامنة، يعاني من قلة الوقود، فلا يستطيع شراء ما يسمى المازوت الحر، بسبب ارتفاع سعره وينتظر على أمل أن تصله رسالة “البطاقة الغبية” كما أطلق عليها.

كابوس الشتاء يؤرق السوريين.. مواطن يصف لأخبار الآن محاولات النجاة

عمار يقول لأخبار الآن أن الحل الوحيد أمامه في هذه الأيام، هو الخروج ليلا لجميع أغصان شجر السر والصنوبر من الحدائق والشوراع، سرا وبحذر شديد خوفا من أن يراه أحد وتنسب له قضيه اتلاف الممتلكات العامة، في وقت تتجاهل فيه الحكومة السورية مطالب الشعب والعامة.

ويضيف أن حرق أغصان الأشجار والأخشاب وحتى الكرتون والبلاستيك يساهم بنوع من نشر التدفئة، إلا أن أضراره كثيرة خاصة على الجهاز التنفسي.

مبينا أن ابنه ذو الخمس سنوات بدأ يشعر بضيق في التنفس مع سعال مستمر، والجميع أشار إليه بالتوقف عن حرق النفايات والأشجار للتدفئة، إذ أنه لا يملك المال للذهاب بابنه إلى الطبيب لعلاجه، حلول أسهلها مر كما يقول لأحبار الآن.

كابوس الشتاء يؤرق السوريين.. مواطن يصف لأخبار الآن محاولات النجاة

أزمة الغاز والبنزين

بين الغلاء وغياب المازوت.. حطب الغابات الخيار الوحيد لمواجهة برد الشتاء حيث يزداد الوضع صعوبة مع تفشي الفقر وقلة الموارد، مما يجعل الحصول على وسائل تدفئة آمنة من أولويات المواطنين في العديد من المناطق.

أما في الريف والمناطق النائية، فالأمر أشد قسوة، حيث يجد السكان أنفسهم في عزلة تامة عن الدعم الحكومي، ما يضاعف معاناتهم في موسم الشتاء.

وتبدو الخيارات محدودة للغاية أمام الأهالي في هذا السياق، وسط فقدان الثقة في الجهات الحكومية التي لا تقدم حلولاً حقيقية للتخفيف من الأزمة.

كابوس الشتاء يؤرق السوريين.. مواطن يصف لأخبار الآن محاولات النجاة

طفل يصلح مدافئ قديمة (أ ف ب)

النزوح اللبناني يضاعف الأزمة

وعلى وقع أزمة النزوح اللبناني خاصة، والوضع السوري عموماً، تشهد البلاد أزمة شح هائل ونقص فادح في المحروقات بمختلف أنواعها، إذ شهدت مادة المازوت ارتفاعاً جنونياً في أسعارها مسجلة نحو 20 ألف ليرة سورية “نحو دولار ونصف دولار” لليتر الواحد.

وفي حين قارب سعر البرميل سعة 100 ليتر حدود 130 دولاراً، وهو ما يعادل مرتب نصف عام كامل للموظف السوري.

وإذا رغب أحد في أن يشغل مدفأة المازوت التقليدية ذات الاستهلاك المعتدل لمدة 10 ساعات يومياً وهو رقم أقل من مقبول إذا ما وزع على ساعات النهار فإنه سيستهلك خمسة ليترات مازوت في المدافئ العادية، أي 100 ألف ليرة سورية، مما يعني سبعة دولارات، وهو نصف المرتب الشهري لأجل يوم تشغيل واحد.

وأشهر الشتاء القاسية في سوريا هي تشرين الثاني وكانون الأول وكانون الثاني وشباط وآذار، أي خمسة أشهر، وبحسبة بسيطة سيكون الاستهلاك الأدنى 150 ليتراً شهرياً، ما مجموعه 750 ليتراً في الأشهر الباردة، وهذا يقود إلى رقم مدفوع حصيلته 15 مليون ليرة سورية (ألف دولار)، وهذا الرقم يحتاج جمعه إلى سنين طويلة في سوريا وأعمال إضافية كثيرة.