مصر تسعى لإقرار قانون ينظم أوضاع اللاجئين

منذ بداية الأزمة السورية لجأ عدد كبير من السوريين إلى مصر، وجلهم سجلوا في المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومع أن مصر لا يوجد لها مخيمات أو تطفي على السوريين صفة لاجئ وتعتبرهم ضيوفا إلان أنه في الآونة الأخيرة، يوجد توجه لسن قانون ينظم أوضاع السوريين واللاجئين عموما.

فينتظر السوريون في مصر مآلات مشروع قانون اللجوء الجديد الذي بدأ البرلمان المصري مناقشته مؤخراً، فيما كشفت الصحف الرسمية تفاصيله الأولية.

ومن المقرر أن يطرح القانون للنقاش في جلسة عامة بمجلس النواب قريباً تمهيداً لإصداره، وفي حال اعتماد هذا التشريع، ستصبح مصر رابع دولة عربية تصدر قانوناً ينظم شؤون اللاجئين.

قانون اللجوء المصري الجديد.. لاجئ سوري يكشف عن قلقه من مآلات المشروع

مصير مجهول

علي أبو خالد مواطن سوري مقيم في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة يقول لأخبار الآن “أنا مقيم في مصر منذ عام 2013 وأولادي ولدوا في مصر وتعلموا فيها منذ أكثر من 10 سنوات، وكانت الأوضاع جيدة بالنسبة للمصريين وللسوريين على حد سواء، ولكن منذ سنوات أصبح هناك نوع من التضييق وعدم الشفافية بالقرارات التي تخص اللاجئين.

وأوضح لأخبار الآن: أنه مسجل في المفوضية السامية منذ سنوات، وينتظر دوره كغيره من السوريين في نقله إلى أمريكا أو أستراليا أو كندا أو أي دولة أوربية، ولكن مع هذا القانون لا يعرف ما سيكون مصيره هل سيتحتم عليه البقاء في مصر أم لا، مع العلم أنه لم يستطع الخروج من مصر منذ تاريخ وصوله.

قانون اللجوء المصري الجديد.. لاجئ سوري يكشف عن قلقه من مآلات المشروع

نحو 9 ملايين لاجئ

ويعيش في مصر بحسب الإحصائيات الرسمية نحو 9 ملايين لاجئ، بينما تقول المفوضية السامية للاجئين إن عدد اللاجئين المسجلين لديها نحو 800 ألف شخص، وينحدر اللاجئون من 62 جنسية مختلفة في مقدمتهم السودانيون ثم السوريون.

واحتلت مصر المرتبة الثالثة عالميا بين الدول الأكثر استقبالا لطلبات اللجوء الجديدة في عام 2023، مما انعكس على مواعيد المفوضية الممنوحة لطالبي اللجوء التي باتت متأخرة بشكل ملحوظ.

ووافقت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، على مشروع القانون المقدم من الحكومة، بإصدار قانون ينظم لجوء الأجانب إلى البلاد.

قانون اللجوء المصري؟

يتألف قانون اللجوء المزمع إقراره في مصر من 39 مادة وهو تشريع جديد يهدف إلى تنظيم أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم داخل البلاد.

ويهدف إلى تنظيم أوضاع اللاجئين في مصر، بما يضمن وضع إطار قانوني لحقوقهم والتزاماتهم طبقا للاتفاقيات الدولية والدستور.

يمنح المشروع الأولوية للفئات الأكثر احتياجا، كذوي الإعاقة والمسنين والنساء الحوامل وضحايا الاتجار بالبشر، مع ضمان حماية الأمن القومي والنظام العام في أثناء دراسة طلبات اللجوء.

يتضمن مشروع القانون إجراءات لتنظيم تقديم طلبات اللجوء، وتحديد مواعيد البت فيها، ومنح اللاجئين وثائق تثبت وضعهم ووثائق سفر بشروط محددة. كما ينص على حقوق اللاجئين مثل الدراسة والعمل، مع الالتزام بتسديد مستحقات الدولة عن الخدمات.

يمنع القانون تسليم اللاجئين إلى دول قد تعرضهم للخطر، ويحدد حالات انتهاء أو إسقاط صفة اللجوء. ويهدف المشروع لتوفير حياة كريمة للاجئين مع الحفاظ على التوازن بين حقوقهم واحتياجات الدولة الأمنية والاقتصادية.

قانون اللجوء المصري الجديد.. لاجئ سوري يكشف عن قلقه من مآلات المشروع

ووفقاً للمكتب الإعلامي لمجلس النواب، فإن مشروع القانون يفرق بين اللاجئ وطالب اللجوء، فالأول هو كل أجنبي وجد خارج الدولة التي يحمل جنسيتها أو خارج دولة إقامته المعتادة بسبب معقول مبني على خوف جدي له ما يبرره من التعرض للاضطهاد، ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف الجدي أن يستظل بحماية تلك الدولة.

أما طالب اللجوء، فهو كل أجنبي تقدم بطلب إلى اللجنة المختصة لاكتساب وصف لاجئ وفق أحكام قانون اللجوء ولم يتم الفصل في طلبه.

اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين

يتضمن القانون إنشاء “اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين” التابعة لرئيس مجلس الوزراء، والتي ستكون الجهة المسؤولة عن كافة شؤون اللاجئين، بما في ذلك الفصل في طلبات اللجوء والتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لضمان تقديم الدعم والرعاية اللازمة، بعد أن كانت المفوضية هي المسؤول المباشر عن هذه الإجراءات.

وفي حال تطبيق القانون فإن عملية تقديم اللجوء ستجري عبر هذه اللجنة التي يُقدَّم الطلب إليها، وتفصل اللجنة في الطلب خلال ستة أشهر إذا كان الدخول إلى البلاد بشكل شرعي (عبر المنافذ الحدودية الرسيمة)، وخلال سنة إذا كان الدخول غير شرعي.

كما حدد القانون حالات لرفض طلب اللجوء، مثل ارتكاب جرائم ضد السلام أو الإنسانية، أو الأعمال التي تمس الأمن القومي أو النظام العام.

ويمكن إسقاط صفة اللاجئ في حالات معينة، مثل الحصول على الصفة بناءً على غش أو ارتكاب أعمال تتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة.

قانون اللجوء المصري الجديد.. لاجئ سوري يكشف عن قلقه من مآلات المشروع

لجوء المفوضية

في السابق، كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي الجهة المسؤولة عن تسجيل وتحديد وضع اللاجئين في مصر، وذلك بناءً على مذكرة التفاهم الموقعة مع الحكومة المصرية عام 1981. وكان طالبو اللجوء يتوجهون إلى مقار المفوضية ويتقدمون بطلب لجوؤهم هناك ويحصلون في حال الموافقة على وثيقة تمكنهم من تسوية وضعهم القانوني في مصر.

وبحسب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري اللواء أحمد العوضي، فإن مصر منضمة لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 والبروتوكول الاختياري لعام 1967.

ولفت العوضي في تصريحات صحفية إلى بروتوكول تعاون وقعته مصر مع المفوضية والذي ينظم اللجوء إلى مصر، وتتحمل بمقتضاه المفوضية التكلفة المالية الخاصة باللاجئين، الذين تمنحهم تلك الصفة.

لكن مع إقرار القانون الجديد، ستنتقل هذه الصلاحيات إلى اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، مما يعني أن الحكومة المصرية ستتولى بشكل مباشر إدارة ملف اللجوء داخل البلاد، عبر اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتنسق اللجنة في عملها أيضا مع المنظمات والجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، ومع الجهات الإدارية في الدولة بهدف تقديم مختلف أساليب الدعم والرعاية والخدمات للاجئين.

هذا التحول يهدف، بحسب المسؤولين المصريين، إلى توفير إطار قانوني محلي ينظم شؤون اللاجئين، مع مراعاة التزامات مصر الدولية.

ومع ذلك، أثار مشروع القانون بعض التحفظات من قبل منظمات حقوقية، أعربت عن قلقها من أن بعض نصوصه التي قد تتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية، وتغفل عن بعض جوانب الحماية الأساسية للاجئين.

تكاليف الإقامة

القانون الجديد يقدم تسهيلات كبيرة، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن تفاصيل آليات قبول الطلبات والجنسيات المستفيدة ما زالت غير واضحة حتى الآن، ومن المنتظر أن تتضح مع إصدار اللوائح التنفيذية قريباً.

كما أن مشروع القانون يثير مخاوف من توسيع صلاحيات السلطات لاتخاذ إجراءات ربما تضيف قيوداً إضافية على اللاجئين بحسب مراقبين.

مبدين قلقهم من زيادة التعقيد الإداري وزمن معالجة طلبات اللجوء نتيجة إنشاء لجان جديدة، بالإضافة إلى ذلك، إمكانية منع إصدار وثائق السفر لأسباب أمنية يمكن أن تعيق حرية التنقل، حيث يعاني اللاجئون المسجلون حالياً من صعوبات في السفر دون إغلاق ملفاتهم بشكل نهائي.

وفيما يتعلق بالتكاليف المالية، ربما تزيد تكاليف إقامة اللاجئين بشكل كبير إذا تم تنفيذ مشروع القانون، حيث أن كلفة إقامة اللجوء الحالية تبلغ نحو 200 جنيه، في حين تصل كلفة الإقامة الدراسية إلى 150 دولاراً أمريكياً للوالدين في حال كان أحد الأبناء يدرس. والقانون الجديد قد يحمل اللاجئين رسوماً إضافية مقابل الخدمات المقدمة، خاصة في حال عدم توفر دعم دولي كاف.

يُعد مشروع قانون اللجوء الجديد من الناحية النظرية تطوراً تشريعياً مهماً لتنظيم أوضاع اللاجئين داخل البلاد، حيث يهدف إلى وضع إطار قانوني واضح لتحديد حقوقهم وواجباتهم، مع مراعاة المتطلبات الوطنية. ومع انتقال مسؤولية إدارة ملف اللاجئين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، سيترتب على ذلك تغيرات في آليات التسجيل وتنظيم الإقامة والخدمات.