حسين فرج الله كعب، المعروف بين أهالي الأحواز بـ “أبو عرفان”، هو معلم وباحث في التاريخ وناشط ثقافي عربي من مدينة شعيبية في الأحواز. كان حسين من أبرز الباحثين في مجال التاريخ العيلامي، حيث قام بدراسات متعمقة حول التشابهات بين حياة العيلاميين وحياة العرب الحاليين في الأحواز.

في أبريل 2019، اجتاحت المنطقة فيضانات غير مسبوقة، وبدلاً من أن يتراجع مثلما فعل الكثيرون، انضم حسين مع مجموعة من المثقفين والشباب إلى جهود حثيثة لحماية الأراضي والمنازل من آثار الفيضانات. كانت هذه الفيضانات جزءًا من خطة مدروسة من قبل النظام الإيراني بهدف تهجير السكان العرب من أراضيهم. خلال هذه الأزمة، كان حسين وزملاؤه يعملون على بناء السدود، بينما كان الحرس الثوري الإيراني يتسلل خلفهم ليجمع معلومات عن النشطاء الثقافيين.

في يوليو 2019، واثناء المداهمات الأمنية التي استهدفت نشطاء المنطقة، داهمت القوات الإيرانية منزل حسين. قاموا بتفتيش المكان ومصادرة العديد من كتبه وأبحاثه. لم يكن أمامه خيار سوى مواجهة الموقف بشجاعة، فتم اعتقاله مع عدد من زملائه وأُخذ إلى سجن شيبان في الأحواز.

كانت أيام التحقيق في السجن قاسية للغاية. تعرض حسين لتعذيب جسدي ونفسي مكثف على يد قوات الأمن. ورغم هذه الظروف، فقد استمر في التمسك بمبادئه ورفض الخضوع لتهديدات النظام. بعد عدة شهور من الاحتجاز دون محاكمة، أضرب عن الطعام احتجاجًا على سوء معاملته وعدم وجود محامٍ يدافع عنه. بعد خمسة أشهر من الاعتقال، تم الإفراج عنه بكفالة كبيرة بلغت 500 مليون تومان، لكنه لم يتوقف عن نشاطه الثقافي والبحثي.

ومع استمرار الضغوط الأمنية عليه، ظل حسين ناشطًا ثقافيًا، يحث الشباب على البحث في تاريخهم وهويتهم رغم المخاطر. ولكن في 4 مايو 2024، أصدر النظام الإيراني حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات ضد حسين بتهم أمنية. كان الحكم بمثابة صدمة له ولعائلته، لكنه لم يشعر بالندم على ما قام به. فقد كان يعلم أن دوره في تعزيز الثقافة العربية وحماية الهوية كان أهم من أي عقوبة قد يتعرض لها.

اليوم، لا يزال حسين يعيش تحت تهديد مستمر من الأجهزة الأمنية الإيرانية، التي تسعى لإسكاته وتقييد نشاطه الثقافي. لكنه يظل مصرًا على الاستمرار في نضاله من أجل حقوق الشعب العربي في الأحواز، رافضًا أي محاولة لتصفية صوته الثقافي أو السياسي

عرب إيران: الأقلية المنسية بين القومية والطائفية

الأحواز، تلك الأرض العربية التي يعيش فيها الملايين من السكان العرب، يعانون من إهمال شديد وتهميش متعمد في محاولاتهم للحفاظ على هويتهم وثقافتهم. بينما تُقدّر الإحصائيات الرسمية عدد العرب في إيران بحوالي 2% من السكان، منها الأحواز والبلوش. وفي الوقت الذي تتجاهل فيه إيران معاناة هذه الأقليات، تركز جهودها على سياسات توسعية إقليمية، متجاهلة أبسط حقوق شعوبها داخل حدودها.

أخبار الآن التقت، وتحدثت مع أصحاب شهادات من عرب الأحواز ومن الأقلية البلوشية حول مشاعرهم تجاه الوضع الراهن في إيران. تلك الشهادات تؤكد على أن هؤلاء يشعرون بأنهم يُستغلون في صراعات إقليمية لا علاقة لهم بها، مُطالبين إيران بأن تركز على إصلاحاتها الداخلية بدلاً من الانخراط في الحروب الخارجية التي تؤثر سلباً على حياتهم.

قمع الهوية والحقوق الثقافية في إيران

“أنا عربي من الأحواز، وأشعر يومياً وكأن هويتي تُمحى تدريجياً”.. معركة يومية يخوضها محمود للحفاظ على لغته وثقافته. كلمات بسيطة بدأ بها حديثه معنا، ولكنها تحمل في طياتها آلاماً عميقة تمثل مشاعر الآلاف من العرب الذين يعيشون في إيران.

يقول: “في مدرستي، لم يُسمح لنا بتعلم لغتنا الأم، اللغة العربية. كل شيء كان بالفارسية – الكتب، التاريخ، وحتى الأغاني المدرسية”، تلك المحاولات شملت تغيير أسماء المدن والقرى العربية إلى أسماء فارسية، وهو أمر يشعر به السكان كإجراء يهدف إلى اقتلاع جذورهم”.

“التغيير شمل كل المدن والقرى والمناطق والجبال والأنهار والأرياف. على سبيل المثال:

الأحواز إلى خوزستان
المحمرة إلى خرمشهر
الفلاحية إلى شادگان
معشور إلى ماهشهر
الخفاجية إلى سوسنگرد
ميسان إلى دشت آزادگان
قنيطرة إلى دزفول
جزيرة صلبوخ إلى جزيرة مينو

هذه التغييرات في أسماء المدن والقرى العربية تعكس، بحسب السكان المحليين، محاولات لطمس الهوية العربية وفرض الطابع الفارسي، مما يزيد من شعورهم بالتهميش الثقافي والسياسي”.

محمود وأحمد: هويات مفقودة وأحلام محطمة في وجه التمييز.. قصص من قلب إيران

“على الرغم من هذه السياسات، فإن التمسك بالهوية يظل مصدراً للقوة بالنسبة لهذه المجتمعات. “لكننا لم نستسلم. كنت أعود إلى البيت وأطلب من جدي أن يعلمني كتابة العربية، فهو الوحيد الذي كان يحتفظ بكتب قديمة من أيام كان يمكن فيها للغة العربية أن تكون جزءًا من حياتنا اليومية”، يضيف المواطن، معبرًا عن الأمل في الحفاظ على الإرث الثقافي مهما كانت التحديات”.

إلى جانب المعاناة الثقافية، يعاني عرب الأحواز من ظلم اقتصادي واجتماعي متجذر. يقول أحمد، شاب عربي من الأحواز: “عندما أنظر إلى حياتي، لا أستطيع أن أقول إنني أشعر أن حقوقنا كعرب تُحترم. والدي كان مزارعاً، لكن الحكومة صادرت جزءاً كبيراً من أرضه بحجة أنها ملك للدولة. لم يعطوه حتى تعويضاً مناسباً”، مشيراً إلى نهب الأراضي واستغلالها لمصلحة المشاريع التي لا يستفيد منها العرب في المنطقة.

محمود وأحمد: هويات مفقودة وأحلام محطمة في وجه التمييز.. قصص من قلب إيران

استغلال في الحروب الإقليمية: معاناة الشباب الأحوازي

تشير الشهادات إلى أن عرب الأحواز غالباً ما يُستغلون في النزاعات التي لا تعنيهم. يقول سعيد أحد أبناء الأحواز لأخبار الآن: “أنا لا أفهم لماذا يجب علينا كعرب أن نكون جزءاً من حروب إيران في المنطقة. هذه الحروب لا تخصنا، كلما أسمع عن إرسال شباب من الأحواز إلى جبهات القتال، أشعر بالألم. أنا أعرف شبابًا من قريتي أُجبروا على الانضمام للميليشيات واليوم، عائلته تبكي عليه كل يوم لأنه لم يعد”.

بينما يعاني العرب في الأحواز والبلوش من انتهاك حقوقهم الأساسية، يظل لديهم أولويات واضحة تتعلق بالحقوق الثقافية والإنسانية. “لدينا أولويات واضحة، لكنها تبدو كأحلام بعيدة المنال. نحن نريد أن نتعلم لغتنا، أن نرى أطفالنا يدرسون التاريخ العربي”، يقول سعيد، مشيراً إلى القمع الذي يتعرضون له حتى في أبسط حقوقهم. وحين طالبوا بحقوقهم الأساسية، مثل توفير المياه، كان رد الحكومة القمع والتجاهل. “عندما خرجنا للاحتجاج على نقص المياه قبل سنوات، قوبلت بالقمع. صديقي علي أُصيب في الاحتجاجات، وقضى شهوراً في السجن فقط لأنه طالب بحقه في الماء”.

وأوضح سعيد أنّ الهوية الثقافية لا تتعلق فقط باللغة أو الحقوق السياسية، بل تشمل أيضًا العادات والتقاليد. يقول: “أشعر بأننا نحارب يومياً للحفاظ على هويتنا، أذكر عندما كنت صغيرًا، كنا نجتمع في المناسبات ونغني الأغاني الشعبية، لكنها اليوم مرفوضة”.

عبد الرحمن، شاب بلوشي، تحدث لـ”أخبار الآن” عن معاناة شعبه تحت نظام إيران الذي يمارس التمييز والظلم الممنهج، مشيراً إلى حرمانهم من أبسط الحقوق كالحصول على الهوية والتعليم والعمل، ومشدداً على أهمية النضال لتحقيق الكرامة والمساواة رغم العقبات.

يقول: “أنا من أبناء الشعب البلوشي، وعشت حياتي في إيران، حيث كان كل يوم مليئاً بالصعوبات والظلم. منذ أن كنت صغيراً، شعرت بأنني مواطن من الدرجة الثانية في بلدي. لم أكن أملك حتى بطاقة هوية، وهو أمر يعكس ببساطة كيف أن حقوقنا الأساسية مغتصبة. لم نكن نتمتع بالحق في التعليم المناسب، أو الحصول على عمل شريف، بل وحتى أبسط الأمور مثل الماء الصالح للشرب والكهرباء كانت نادرة”.

محمود وأحمد: هويات مفقودة وأحلام محطمة في وجه التمييز.. قصص من قلب إيران

وأضاف: “كبرت وأنا أرى أبناء شعبي يعانون من التهميش والإقصاء، ونحن لا نملك سوى القليل من الحقوق التي تعتبر بديهية في أي مكان آخر. في الوقت ذاته، كان النظام الإيراني يواصل سياسة استغلال المجموعات الوكيلة لإشعال الحروب في المنطقة. وكانت هناك دائماً مخاوف بيننا، نحن البلوش، من أن هذه الحروب قد تصل إلى أرضنا، مما يجعلنا نعيش في حالة من القلق المستمر. كانت الأعين دائماً على ما يحدث في الخارج، وقلوبنا تخشى أن نكون ضحايا لصراعات لا نملك فيها أي يد”.

والأسوأ من ذلك، أن النظام الإيراني بدلاً من أن يحاول إيجاد حلول للمشاكل التي نواجهها يومياً، كان يستخدم وسائل الإعلام التي يسيطر عليها لتشويه صورتنا. كانوا يصوروننا وكأننا لصوص أو مهربين أو حتى قتلة، في محاولة لتحويل الرأي العام ضدنا. وكأننا لا نستحق الحياة الكريمة مثل بقية المواطنين الإيرانيين.

لكنني، مثل العديد من أبناء شعبي، أدركت أنه لا بد لنا من الوقوف ضد هذه السياسات الظالمة. يجب علينا أن نتمسك بحقوقنا وأن نطالب بالمساواة في جميع جوانب الحياة. من حقنا أن نعيش بكرامة وأن نحصل على فرص تعليمية وصحية كأي مواطن آخر. على الرغم من التحديات، لن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا، لأننا نؤمن أن التغيير يبدأ منا.

جميل أحمد، مواطن بلوشي، تحدث لأخبار الآن عن التمييز والظلم الذي يعاني منه الشعب البلوشي في إيران، واصفًا شعورهم وكأنهم تحت “استعمار داخلي” وسط تجاهل هويتهم وحقوقهم الأساسية، ومشدداً على أهمية التنمية واحترام ثقافتهم لتحقيق العدالة.

قال: “نعيش تحت تأثير سياسات إيران التي وضعتنا في موقف صعب. شعورنا بالتمييز والضغط أصبح جزءًا من حياتنا اليومية. هويتنا الوطنية والثقافية والدينية تم تجاهلها بشكل تام. نشعر وكأننا تحت وطأة استعمار داخلي، حيث يُعتبر المجتمع البلوشي أقل من غيره”.

“وعندما نتحدث عن الحروب الإقليمية التي تشارك فيها إيران، فإننا نرى أنها لا تعني لنا شيئًا. فقد تم حرماننا من حقوقنا الأساسية، ومع ذلك نُطلب منا المشاركة في صراعات لا نرى منها فائدة، بل تزيد من معاناتنا”.

“إذا نظرنا إلى أولوياتنا كبلوش، فسنجد أن المطالب الأساسية هي القضاء على التمييز ضدنا، والعمل على التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى احترام هويتنا ولغتنا وثقافتنا. هذه مطالب بسيطة، ولكن للأسف الحكومة لم تظهر حتى الآن إرادة حقيقية لتحقيقها .شعورنا في إيران هو أننا لا نُعامل كمواطنين كاملين، بل نحن مواطنون من الدرجة الثالثة، مجرد أرقام منسية في هذا البلد”.

الصراع على الهوية والحقوق الأساسية: سياسات إيران الممنهجة

أخبار الآن تحدثت مع حسن راضي، مدير المركز الأحوازي للدراسات الاستراتيجية الذي أوضح عن السياسات الإيرانية الممنهجة ضد الشعب الأحوازي، مشيراً إلى محاولات طمس الهوية العربية وتدمير البيئة، وحرمان الأحوازيين من حقوقهم الأساسية، معتبراً أن هذه السياسات تسعى إلى تغيير ديموغرافيتهم واستغلال ثرواتهم بشكل عنصري.

يقول: “السياسات الإيرانية تؤثر سلبًا على المجتمع الأحوازي في كل مناحي الحياة. تحاول إيران طمس الهوية الأحوازية بمنع التدريس باللغة العربية ومحاربة الثقافة الأحوازية العربية، وتروج لفكرة أن الأحوازيين ليسوا عربًا، بل “عرب اللسان” فقط، بهدف فصلهم عن الأمة العربية”.

“تعاني الأحواز من تمييز عنصري واضح، حيث يُنظر إلى الأحوازي كمواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة. فرص العمل تُمنح للأقاليم الفارسية، مما يضطر الكفاءات الأحوازية للهجرة إلى العمق الإيراني، ما يؤدي إلى اندماج قسري في المجتمع الفارسي”.

“تدمير البيئة جزء من سياسة ممنهجة، حيث تسببت السدود في جفاف الأنهار، مما أدى إلى عجز الفلاحين والصيادين عن العمل. جفاف الأهوار بحجة التنقيب عن النفط أجبر الأهالي على النزوح، بهدف تغيير التركيبة السكانية للأحواز”.

“إيران تمنع الأحوازيين من تسمية أبنائهم بأسماء عربية أصيلة وتفرض أسماء فارسية أو ترتبط بالمذهب الشيعي، ضمن جهودها لمحاربة الهوية الثقافية والدينية للأحوازيين. الشعب الأحوازي يرى النظام الإيراني عدوًا يسلب حقوقه ويستغل موارده، وينتظر فرصة تاريخية لاستعادة حقوقه”.

عبد الستار البلوشي، أحد أبناء الشعب البلوشي، يتحدث عن معاناة مجتمعه من التهميش والتمييز الممنهج في إيران، حيث تُنتهك حقوقهم الأساسية، ويُحرمون من أبسط الخدمات، بينما تستخدم الحكومة الإعلام لتشويه صورتهم بدلاً من معالجة مشاكلهم.

يقول: “أنا من أبناء الشعب البلوشي في إيران، وعشت طوال حياتي في ظل سياسات تهميش واستهتار من قبل الحكومة. شعور التمييز هو ما نشعر به جميعًا هنا؛ تتم معاملتنا دائمًا وكأننا مواطنون من الدرجة الثانية. حقوقنا الأساسية تُنتهك بشكل يومي، وليس فقط الحقوق الأساسية التي من المفترض أن يتمتع بها كل إنسان، بل حتى أبسط احتياجاتنا تُحرمنا منها الدولة. ليس لدينا هوية رسمية، ولا تعليم كافٍ، ولا فرص عمل، ولا خدمات صحية على مستوى لائق. لا يوجد لدينا مياه صالحة للشرب، ولا كهرباء بشكل مستمر، ولا حتى بنية تحتية للنقل تليق بنا كإنسان. هذه المعاناة لا تقتصر على مجرد الحرمان، بل ترسخ فينا شعور دائم بعدم المساواة”.

محمود وأحمد: هويات مفقودة وأحلام محطمة في وجه التمييز.. قصص من قلب إيران

“وفي الوقت ذاته، إيران تتبع سياسات تزيد من توتر الوضع الإقليمي، فهي تعتمد على الجماعات الوكيلة لتوسيع النزاعات والحروب في المنطقة. هذا الوضع لا يقتصر على القلق العام، بل أصبح يهددنا بشكل مباشر. تزداد احتمالية أن تصل هذه الحروب إلى أرضنا، ونجد أنفسنا في قلب هذه النزاعات التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل. من جانب آخر، النظام الإيراني لا يهتم إلا بالبقاء، ويعتمد على استمرارية الأزمات الداخلية والإقليمية لتمسكه بالسلطة. في هذه الظروف، يجب علينا كأبناء هذا الشعب أن نتجنب أن نكون جزءًا من هذه الحروب التي لا ناقة لنا فيها، ونركز على الحفاظ على حقوقنا ومصالحنا المشتركة”.

“أهم شيء بالنسبة لنا هو الحصول على حقوق متساوية. أن نتمتع بالحقوق الأساسية التي يجب أن يحصل عليها أي مواطن في أي دولة: الحق في الحصول على شهادة هوية، الحق في التعليم الجيد، الحق في الخدمات الصحية، الحق في النقل العام، وكل ما هو أساسي للعيش الكريم. لكن على عكس ما يجب أن يحدث، نجد أن الحكومة الإيرانية بدلاً من أن توفر لنا هذه الاحتياجات، تستخدم وسائل الإعلام التي تسيطر عليها لتشويه سمعتنا. يروجون عنا أننا مهربون أو مجرمون أو قتلة، بينما نحن فقط نبحث عن حياة كريمة ومساواة كبقية المواطنين”.

أخبار الآن التقت بالناشط الأحوازي كميل أبو شوكة الذي أوضح أنّ الأحوازيين والبلوش يعانون من سياسات إيرانية ممنهجة تهدف إلى السيطرة الأمنية والاقتصادية والثقافية، حيث يُحرم السكان الأصليون من فرص العمل والتنمية، بينما تستفيد الأقلية المستوطنة، في ظل قمع أي تحركات ثقافية أو تاريخية واستغلال ثروات الأقاليم دون تحسين ظروف سكانها.

الأحوازيون والبلوش: ظلم السياسات الاقتصادية في ظل قمع إيران

وصرّح كميل، أحد النشطاء الأحوازيين، بأن”الأحوازيون والبلوش هم أكثر الشعوب داخل إيران تأثرًا بسياسات النظام القمعية”، موضحاً أن السيطرة الأمنية في إقليمي الأحواز وبلوشستان تمارسها أجهزة الاستخبارات والحرس الثوري، مما يجعل سكان هذه المناطق محرومين من حقوقهم الأساسية.

وأوضح كميل أن النظام الإيراني يعتمد سياسة ممنهجة لفرض السيطرة الأمنية وتوطين المستوطنين في هذه المناطق، حيث قال: “النظام يمنح المستوطنين أكثر من 70% من فرص العمل في الأحواز، رغم أنهم يمثلون أقلية. أما في بلوشستان، فإن المستوطنين الذين يشكلون أقل من 10% من السكان يسيطرون على 80% من الوظائف”.

ورغم غنى إقليم الأحواز بالنفط والغاز، حيث يشكل “70-80% من اقتصاد إيران”، إلا أن سكانه يعيشون في فقر مدقع، بحسب كميل، الذي أضاف: “النظام الإيراني يمارس تجفيفًا متعمدًا للأراضي والأنهار في الأحواز، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة السكان”.

أما البلوش، الذين يتمتع إقليمهم بثروات طبيعية وموقع استراتيجي على البحر، فهم محرومون من الاستفادة منها، مما يُبقيهم في دائرة الفقر والتهميش.

ورغم أن الدستور الإيراني يدّعي المساواة بين جميع المواطنين، إلا أن الواقع مختلف تمامًا. يضيف كميل:”في برامجهم التلفزيونية يتم إهانة العرب علنًا، ولا يتم احترام الهوية الثقافية للأحوازيين. وبعد 45 عامًا، تم تعيين محافظ عربي في الأحواز لأول مرة، لكنه مجرد أداة بيد الحرس الثوري”.

وعن احتمالات تغيير النظام، قال كميل:”هناك تخوف كبير من أن يؤدي إسقاط النظام الحالي إلى استبداله بنظام فارسي جديد يعيد إنتاج الظلم والتمييز”.
وأضاف أن الأحوازيين والبلوش يطالبون بحقوق ثقافية وسياسية واقتصادية، بما في ذلك الحكم الذاتي والمشاركة في السلطة، مع تأكيدهم على رفض أي نظام فاشي جديد قد يُكرّس القمع.

واختتم كميل حديثه بالدعوة إلى دعم غربي وسياسي وإعلامي لهذه الشعوب لضمان حصولهم على حقوقهم ومشاركتهم في مستقبل إيران، مشيرًا إلى أن “أي عملية لإسقاط النظام الإيراني دون توفير دعم حقيقي للأحوازيين والبلوش قد تنقلهم من دائرة ظلم إلى دائرة أخرى أكثر قسوة”.

في النهاية، تكشف قضية الأحواز والبلوش عن تناقضات السياسات الإيرانية، حيث تنشغل طهران بتأجيج الصراعات وتوسيع نفوذها الإقليمي في المنطقة، بينما تهمل حقوق الأقليات داخل حدودها. في ظل هذه السياسات، تستمر معاناة الأحواز والبلوش، الذين يكافحون للحفاظ على هويتهم وحقوقهم المعيشية الأساسية، لتبقى قضيتهم شاهداً على تجاهل النظام لمعاناة شعبه في سبيل تحقيق أطماعه الخارجية.

ملحوظة:

جميع أسماء المواطنين الواردة في هذا التقرير، هي مستعارة بناء على رغبتهم وحفاظاً على سلامتهم