ما موقف الائتلاف الوطني السوري من هيئة تحرير الشام؟
مشهد وصف بالغريب،، يعيد إلى الأذهان أحداث العراق عام 2003 عندما اختفى الجيش العراقي بليلة وضحاها،، حلب ثاني أكبر مدن سوريا، تنهار بسرعة رهيبة أمام فصائل المعارضة السورية، المتمثلة بهيئة تحرير الشام والقوات المتحالفة معها.
فوسط انسحاب الجيش السوري وعناصره من الحواجز على الطرقات في ريف حلب الغربي، إلى هروبهم من الكليات والمطارات العسكرية، وحتى الأفرع الأمنية، وقصر المحافظة، وأفرع الاستخبارات وضعت الكثير علامات الاستفهام التي تحتاج إلى أجوبة.
وفي ظل التقدم الكبير والمتسارع لهذه الفصائل التي ظهرت بهيئة الجيش المتماسك، المدجج بأحدث الأسلحة والتقنيات، وامتلاكه لطائرات مسيرة قيل أنها مصنوعة محليا، يتبادر إلى الأذهان سؤال واحد.
هل ستخضع هيئة تحرير الشام للائتلاف الوطني السوري؟
في البداية يجب أن نلقي الضوء على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهو ائتلاف لمجموعات المعارضة السورية. تأسس بعد عدة أشهر من بداية الثورة التي قامت ضد النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد عام 2011.
تشكل الائتلاف في قطر نوفمبر 2012.
يتكون الائتلاف من 63 مقعدا، يمثلون 12 مكونا وهي:
- مجالس تمثيل المحافظات
- الملجس التركماني
- المجلس الوطني الكردي
- الإخوان المسلمون
- التيار الوطني السوري
- تيار المستقبل الوطني
- المنظنة الأثورية الديمقراطية
- شخصيات مستقلة
- التمثيل العسكري
- رابطة المستقلين الكرد السوريين
- مجلس القبائل والعشائر السورية
- مجالس محلية للشمال السوري
الدول الداعمة
يلقى الائتلاف دعما من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، قبل أن تعيد الاعتراف بالحكومة السورية وتدعوها لحضور جلسات القمة.
أصدرت الولايات المتحدة بيانا صحافيا في 11 نوفمبر 2012 تهنئ فيه الممثلين عن الشعب السوري على تشكيل الائتلاف.
هيئة تحرير الشام
عقب اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى نزاع مسلح بعد عام 2011، تشكلت العديد من التنظيمات المسلحة التي جرى هزيمتها أو تفكيكها أو دمجها مع فصائل أخرى.
وعلى رأس تلك الجماعات تأتي هيئة تحرير الشام، والتي مرت بأربع مراحل منذ نشأتها.
المرحلة الأولى (2012-2013)
أول تلك المراحل هي التأسيس، إذ تشكلت في عام 2012، بتمويل من تنظيم داعش، وكانت تعرف حينها باسم جبهة النصرة.
المرحلة الثانية (2013-2016)
خلال الأعوام التي تلت وتحديدا في الفترة بين عامي 2013 و2016، انفصلت الجماعة عن داعش وأعلن زعيمها أبو محمد الجولاني الولاء لتنظيم القاعدة.
المرحلة الثالثة (2016-2017)
وبعدها بعام شهدت الجماعة تحولات جذرية في توجهاتها، إذ انفصلت أيديولوجيا عن تنظيم القاعدة وحصرت نفسها في تنفيذ عمليات داخل الحدود السورية.
المرحلة الثالثة (2016-2017)
واتبعت الجماعة، التي باتت تعرف بجبهة فتح الشام، استراتيجية تعتمد على هزيمة الفصائل الأخرى في إدلب، بهدف المحافظة على نفوذها، إلى أن باتت تسيطر على معظم مناطق المدينة.
المرحلة الرابعة (2017- إلى الآن)
ومنذ عام 2017، اندمجت الجماعة، مع فصائل جديدة وأصبحت تعرف باسمها الحالي، فيما تركز نشاطها بشكل أساسي على السيطرة المحلية والحكم.
وفي قائمة الدول والكيانات التي تصنف هيئة تحرير الشام تنظيما إرهابيا، تأتي الأمم المتحدة والولايات المتحدة وكندا.
من هو أبو محمد الجولاني؟
تتباين التقارير حول اسمه الحقيقي، وتاريخ ومكان ميلاده، وسيرته، وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإنه ولد بين عامي 1975 و1979، فيما تفيد تقارير الإنتربول أنه ولد عام 1975.
وبحسب مقابلته مع شبكة بي بي إس الأمريكية فإن اسمه الحقيقي أحمد حسين الشرع، وأما لقبه الذي يشير إلى مرتفعات الجولان فإنه يعكس روابط عائلته بتلك المنطقة.
وقال في تلك المقابلة إنه ولد في عام 1982 في العاصمة السعودية الرياض حيث عمل والده مهندسًا للنفط حتى عام 1989، وفي ذلك العام عادت عائلة الجولاني إلى سوريا، حيث نشأ وعاش في حي المزة بدمشق.
وكانت تقارير صحفية قالت إنه درس الطب في دمشق لمدة عامين، قبل أن يترك سنته الدراسية الثالثة للانضمام إلى تنظيم القاعدة المتشدد في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003.
ويُعتقد أنه ارتقى بسرعة في صفوف المنظمة الجهادية، حتى أصبح من المقربين لأبو مصعب الزرقاوي، ثم انتقل إلى لبنان في عام 2006 بعد مقتل الزرقاوي حيث قيل إنه أشرف على تدريب الجماعة المسلحة اللبنانية جند الشام، ويُعتقد أنه سافر بعد ذلك إلى العراق مرة أخرى، حيث سُجن من قبل القوات الأمريكية لفترة من الوقت، وانضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بعد إطلاق سراحه عام 2008.
ووفقا لمراقبين فقد عاد الجولاني إلى موطنه سوريا في أغسطس/ آب من عام 2011 حيث قام بإنشاء فرع لتنظيم القاعدة للانضمام إلى القتال ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
ولدى توليه قيادة جبهة النصرة، ذكرت مؤسسة كويليام البحثية البريطانية أن الجولاني لديه “خبرة في العراق”، مما يجعل قيادته لجبهة النصرة “غير متنازع عليها”. كما جاء في التقرير أن التفاصيل المتعلقة بالجولاني “سر محفوظ بعناية، لدرجة أن معظم أعضاء جبهة النصرة لا يعرفون زعيمهم”.
وبرز الجولاني خلال فترة نشاطه في العراق تحت إشراف أبو مصعب الزرقاوي، مؤسس تنظيم القاعدة في العراق حيث لعب دورًا محوريًا في تسهيل العمليات عبر الحدود، مستفيدًا من أصوله السورية ليكون حلقة وصل بين المقاتلين الأجانب والمتمردين المحليين الذين نفذوا هجمات وعمليات انتحارية.
وفي عام 2010، اعتقلته القوات الأمريكية في العراق واحتجزته في معسكر بوكا، الذي اشتهر بكونه مكانًا خصبًا لتطور الأيديولوجيات المتطرفة.
وعززت هذه الفترة اتصالاته بشبكات الجهاديين، بما في ذلك قادة تنظيم (داعش) المستقبليين، وقد أمضى عدة سنوات في السجون العسكرية الأمريكية.
وهكذا تتضارب التقارير حول كل ما يتعلق بالجولاني إلا أنه من المؤكد أن سنوات الجولاني الأولى تزامنت مع حكم نظام البعث في سوريا في فترة تم فيها كبح أي معارضة سياسية حقيقية وشهدت مواجهات بين الحكومة والمتمردين الإسلاميين.
ردع العدوان
انطلقت عملية ردع العدوان من إدلب تحت إشراف الجولاني رئيس هيئة تحرير الشام الذي قاد تحولات جذرية من خلال تحالفات مع الفصائل المحلية، وإعادة هيكلة المجلس العسكري تحت مسمى غرفة الفتح المبين، وتضم هذه الغرفة أكثر من 26 فصيلاً، في مقدمتها فتح الشام، ولواء الحق، وأنصار الدين، وجيش السنة، إضافة إلى فصائل من الجبهة الوطنية للتحرير مثل الجيش الحر وصقور الشام.
ورغم التمدد الحاصل على الأرض إلا أن المواجهات لم تنتهي بعد كما أن هذه الفصائل الكثيرة، داخل هذا الكيان ربما لا تكون على رأي واحد أو تحترم قيادة واحدة واحتمالات نشوب صراعات داخلية بينها أمر واردخاصة في حال وقوع هزائم أو خسائر من طرف على حساب آخر.
هل ستخضع الهيئة للمعارضة؟
رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة قال في رد على هذا السؤال خلال مؤتمر صحفي في اسطنبول: إن الائتلاف الوطني أؤتمن على تطلعات الشعب السوري في الحرية والعدالة، وتحقيق الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة، لايمكن للائتلاف أن يخون هذه الأمانة،، وبالتالي فهو ملتزم بقرارات الأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة وتنفيذها بكافة السبل والامكانيات.
لكن أشار إلى أن المعطيات على الأرض تتغير الآن، والأولوية لمتابعة التطورات في ظل الحاجة الماسة للاحتياجات الإنسانية والخدمات بكل القطاعات وهذه الحالة ولدت أنظمة مؤقتة لحلها.
وتابع : “تم الاتفاق على مجموعة من القواعد والاخلاقيات من خلال الالتزام بحقوق الإنسان وإجراءات وآليات العمل التي تصون كرامة المواطنين وتحفظ حقوقهم، ونحن كممثل سياسي وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن نتواصل مع الجميع على الأرض والإدارات المحلية لنتأكد أن فصائل الجيش الوطني تلتزم بالمعايير والاخلاقيات وأن الفصائل الأحرى تلتزم بهذه الإجراءات أيضا.
مشددا على أن الملجس لن يتهاون في الإشارة إلى الفصائل التي تمارس الإرهاب على المواطنين السوريين أو نتهك حقوقهم.