سيف العدل يستمر في جهاد طروادة مع إنهيار محور إيران
في الوقت الذي بدأ المحور الطائفي الإيراني ينهار في مختلف أنحاء المنطقة، لم تظهر القيادة العامة لتنظيم القاعدة في طهران أي بصيرة استراتيجية.
ناهيك عن أي محاولة لإبعاد نفسها عن إيران، فقد ركزت كل جهود التنظيم على مشروع “جهاد طروادة” الذي يهدف إلى استخدام الجهاديين السنة لخدمة أهداف إيران.
وقد ظهرت تفاصيل كثيرة عن هذا المشروع المعيب من خلال ملف تعريفي لخالد بن سيف العدل في العدد الأخير من مجلة “صدى الملاحم” التابعة للقاعدة في اليمن، والذي يبدو أنه قادم من نفس الأسرة في طهران والتي كتبت سيناريو “جهاد طروادة”.
وفي هذه المقالة الحصرية لأخبار الآن، نقوم بتحليل دعاية القاعدة لاستخراج الحقائق الأكثر أهمية.
خالد سيف العدل: سفير جهاد طروادة في اليمن
صدر عن مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، العدد التاسع عشر من مجلة (صدى الملاحم)، وقد تناولت المجلة عددًا من المواضيع، إلا أن أبرز ما طرقته المجلة مقالةً نُشرت تحت عنوان: “شذى الريحان من سيرة خالد زيدان” للكاتب يُكنى بـ”أبي اليمان الصنعاني”، يتحدث فيها الكاتب عن دور خالد نجل سيف العدل داخل تنظيم القاعدة في اليمن، وقد أكدت المجلة حادثة الحريق التي توفي على إثرها هو ونجله سيف، والتي كانت قد نشرت تفاصيلها “أخبار الآن” في بشكلٍ حصري.
وقد أكدت المجلة عددًا من المعلومات والحقائق التي نشرتها وكشفتها “أخبار الآن” في وقت سابق، ومن ذلك المُسمى الحركي لـ”خالد” (أبو الُيسر)، خلافًا لما نشرته بعض وسائل الإعلام من كُنى وأسماء أخرى.
كما نشرت المجلة صورًا حصرية ولأول مرة لـ”خالد سيف العدل” مع نجلهِ (سيف)، وفي صدد الحديث عن سيرة المُكنى بـ(أبي اليُسر) فقد ذكرت المجلة أنّ خالد ولد في صنعاء عام 1996 وانتقل مع والده إلى الخرطوم وهو رضيع، خلافًا لما كان قد ذكره فاضل هارون المعروف بـ”أمين سر تنظيم القاعدة” في مذكراته، بأن خالدًا ولد عام 1995 في الخرطوم.
كما أكدت المجلة دور خالد سيف العدل في تطور ونشاط وتوسع إعلام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومن ذلك عودة مجلة صدى الملاحم مرة أخرى بعد التوقف لأعوام، مؤكدين حرص خالد على تطوير إعلام التنظيم.
خالد سيف العدل قائدًا في تنظيم القاعدة باليمن
كان العنوان الأبرز في مجلة (صدى الملاحم) المجلة الرسمية الصادرة عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وصفُ خالد نجل سيف العدل بـ”القائد“، تأكيدًا على دور خالد المؤثر والمهم داخل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، منذ أن وصل إلى مدينة المكلا أثناء سيطرة تنظيم القاعدة على المدينة قادمًا من طهران في رحلة عبرت إلى الصومال عودةً إلى المكلا برفقة ضباط إيرانيون، كما كشف ذلك مصادر قيادة في وقتٍ سابق لـ “أخبار الآن”“.
وقد كان خالد المُكنى بـ(أبي اليُسر) مقربًا لقائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الراحل خالد باطرفي، مُلازمًا له وصديقًا مقربًا منه، وذلك يأتي موضحًا مدى نفوذ وتأثير خالد على قيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
سبق وأن كشف تقرير استخباراتي لمليشيا الحوثي نُشر على قناة المسيرة عام 2021، مدى قرب المكنى بـ(أبي اليُسر المصري) من خالد باطرفي، واصفينه بـ “الرسول الخاص لباطرفي”، ومع ذلك لم يقم التقرير بكشف هوية خالد، وعلق حساب (أنباء جاسم) وهو يعود لـجهادي المخضرم، كان مرافقًا لما يعرف بقيادات الجيل الأول، قائلًا: تشعر أن الحوثيين وإيران ساعات بيحبوا يوصلوا رسائل لسيف العدل للضغط عليه والتهديد، المتغطي بالايرانيين عريان.
وقد كان لـ(خالد) دورًا مهمًا في تنفيذ أجندة إيران وبذلك حاول أن يقنع قيادات تنظيم القاعدة الشرعية والعسكرية والأمنية ولا سيّما أعضاء مجلس شورى التنظيم في اليمن، وصرح قيادي منشق من تنظيم القاعدة لـ”أخبار الآن“ في وقتٍ سابق محاولات ودور سيف العدل في إقناع قيادات تنظيم القاعدة في اليمن باستراتيجية أبيه في تحالف أو التخادم مع إيران، معتبرًا ذلك من أولويات المرحلة، وفقه الجهاد وسياسة شرعية، وقد قام بهذا الدور منذ أن وصل إلى اليمن، وقد كان ناطقًا بلسان أبيه.
سبق وأن أشار الصحفي اليمني عاصم الصبري، عن دور خالد نجل سيف العدل المؤثر والنافذ، داخل تنظيم القاعدة في اليمن، وكشفت مصادر أخرى أن خالد يحمل أيضًا مسؤولية التواصل بين فرع تنظيم القاعدة في اليمن والقيادة العامة وبقية الأفرع.
كما كشف تقرير فريق خبراء مجلس الأمن عن اليمن لعام 2023، دور خالد داخل التنظيم، وقد أشار التقرير لتنقلهِ بين مأرب وبعض المحافظات الجنوبية بين الفنية والأخرى، مثل شبوة وحضرموت والمهرة.
يصرح الباحث المصري ماهر فرغلي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، لـ”أخبار الآن” معلقًا على مقالة مجلة صدى الملاحم التي تحدثت عن سيرة (خالد سيف العدل)، قائلًا: إن مجلة صدى الملاحم أكدت دور خالد القيادي والمحوري والخطير والهام الذي قام به داخل تنظيم القاعدة في اليمن، تنفيذًا لأجندة طهران.
لم يكن خالد مجرد مهاجرًا عاديًا كما يحاول أن يروج لذلك أنصار التنظيم خلال الأشهر الماضية، ولم يكن فارًا من السجون الإيرانية فحسب، بل كا مرسلًا لمهمة خاصة وخطة رسمت في الأبواب المغلقة، داخل غرف الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية.
وقد أحدث تحولًا محوريًا في سير تنظيم القاعدة في اليمن، إعلاميًا وعسكريًا، وكان رسولًا مجتهدًا لتنفيذ أجندة طهران، وحقق ما أملاه عليه والده.
وأضاف فرغلي: دور إعلام القاعدة في اليمن مهم وله مكانة مهمة من بين كل أفرع التنظيم، لذلك كان حرص خالد سيف العدل في تطويل وتوجيه إعلام تنظيم القاعدة بما يتخادم مع طهران.
خــــالد والخـــلافات الداخلية
لقد حملت شخصية خالد المُكنى بـ”أبي اليُسر” العديد من التناقضات، وهو ما جعل الوسط الجهادي في حالة من الخلاف والاختلاف الدائم نحو دوره وشخصيتهِ، يصرح مصدر جهادي لـ”أخبار الآن“ أن خالد وعلى اعتبار أنه مهاجر إلى اليمن، ما الذي يدفع قيادة التنظيم لتقريبهِ وترقيته داخل التنظيم وتكليفهِ بمهام حساسة في التنظيم، هل فقط لأنه نجل سيف العدل؟
وقد أكد المصدر ما صرح بهِ سابقًا قيادي حضرمي منشق عن تنظيم القاعدة، سطحية خالد الفكرية وانعدام الخبرة العسكريّة والأمنيّة، قائلًا: كل هذه الهالة التي صنعت لخالد داخل التنظيم مع السطحية الفكرية و الضحالة العلمية وانعدام الخبرة العسكريّة والأمنيّة ما كانت إلا لتمرير دور خالد الخفي لإيران داخل تنظيم القاعدة في أرض اليمن، منذ اليوم الأول الذي وصل بهِ إلى مدينة المكلا.
وأضاف المصدر، قائلًا: إن شخصية خالد داخل التنظيم كانت غير مقبولة وغير مرضي عنها، إلا أن باطرفي فرض خالدًا على الجميع، بما في ذلك قيادات من الصف الأول والثاني داخل التنظيم، وقد حيد باطرفي كثيرا من الأسماء التي حاولت نقد تعطيل دور خالد.
وقد اعتبر المصدر ذلك خضوعًا من خالد باطرفي وإبراهيم البنا والذي أيضًا كان منذ اليوم اليوم الأول يحاول فرض خالد داخل التنظيم، إلى جانب محاولات باطرفي قبل مقتل الريمي التقرب وإرضاء سيف العدل المُقيم في طهران.
فقد حكى المصدر موقفًا ضمن عدد من المواقف التي وقف عليها في محاولاته لفتح خط تواصل مع سيف العدل، وقال المصدر: إن باطرفي كان دائما منذ عام 2016 يحاول توثيق وتعميق العلاقة بينه وبين سيف العدل بشكل خاص بعيدًا عن التنظيم عن طريق خالد، منذ قيادة وإمارة الريمي للتنظيم، وقبل أن يتبنى باطرفي استراتيجية سيف العدل في التقارب والتخادم مع طهران والحوثي في اليمن.
أما الخلاف فقد كان محتدمًا داخل التنظيم بين القيادات، وقد كان يتمحور الخلاف حول أمرين:
أولًا: شخصية خالد سيف العدل، الضحلة فكريًا وشرعيًا، والسطحيّة أمنيًا وعسكريًا، فإذا ما كان خالدًا بهذه السطحية والضحالة لما يرقى داخل التنظيم، ويكلف بمهام حساسة والرفيعة.
ثانيًا: دور خالد في الترويج للتقارب مع إيران ومليشيا الحوثي، وخلق المبررات الشرعية لذلك.
وللأمر الأول أو الثاني كان يعتبره قادة معتزلون ومنشقون عن التنظيم إختراقًا لقاعدة اليمن من طهران، وتحويلًا للمسار الذي كان عليه الوحيشي وبن لادن.
الخـــــــلاصة
مع الخلاف المحتدم تجاه شخص خالد سيف العدل داخل تنظيم القاعدة في اليمن، استطاع إبراهيم البنا وخالد باطرفي فرض المُكنى بـ(أبي اليسر المصري) داخل التنظيم وفي أعلى التنظيم، مسؤلًا مهمًا عن التواصل بين الأفرع، وقياديًا مهمًا في قيادة التنظيم في اليمن، ومسؤلًا عن مسار إعلام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
نفذ أجندة طهران خلال الأعوام الماضية تدرجيًا منذ أول يوم وصل بهِ إلى مدينة المكلا، تحت مبررات شرعية تارة بمسمى (السياسة الشرعية) وتارك تحت مسمى (فقه الجهاد والأولويات) كالببغاء يردد ما أملاه عليه والده.
توفي بظروف غامضة إثر حريق في منزلهِ، توفي خالد سيف العدل، وبقية النفوذ الإيرانية متمكنة من التنظيم متحكمة في مساره العام.