المسيحيين في سوريا والمستقبل
التقى وزير الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” والوفد المرافق البطاركة الثلاثة في سوريا أو مَن يمثلهم يوم الجمعة 3 من يناير/كانون الثاني عام (2025)، في أول زيارة رسمية فرنسية ألمانية مشتركة لدمشق، بعد سقوط نظام الأسد.
وقد استقبل البطريرك “يوحنا العاشر” بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وإلى جانبه البطريرك “يوسف العبسي” بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك وممثلي البطريرك “أفرام الثاني” بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وزير الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” والوفد المرافق في الدار البطريركية بدمشق.
وكشف مطران لـ”أخبار الآن” حصريًّا كواليس اللقاء حيث أبلغ البطاركة الثلاثة ومَن يمثلهم وزير الخارجية الفرنسي، بخوف عموم المسيحيين في سوريا من الوضع الحالي، ورغبتهم في الهجرة والسفر خارج البلد.
وأكد البطاركة عدم تلقي أي دعوة للمؤتمر أو الحوار الوطني، ولا علم لهم ببرنامجه ولا آلياته ولا مخرجاته، وهذا ما يزيد من مخاوفهم.
وقد قال مطران لـ”أخبار الآن”: لا ضمان لمستقبل السوريين ولا سيَّما أبناء الطائفة المسيحية سوى دستور يضمن حقوق المواطنة كافة، وهذا ما أكده البطاركة الثلاثة لوزير خارجية فرنسا.
وأكد البطاركة الثلاثة، تمثيلهم لعموم الطوائف المسيحية في سوريا، إلا أن أبًا في كنيسة اللاتين صرح لـ”أخبار الآن”، قائلًا: من المؤكد أنَّ البطاركة الثلاثة لا يمثلون كل المسيحيين في البلاد.
فيما صرح مطران في كنيسة السريان الأرثوذكس لأخبار الآن بشأن تمثيل المسيحيين في سوريا، قائلًا: البطاركة الثلاثة يمثلون الكنائس التقليدية التاريخية التي يمثل شعبها أكثر من ٨٠٪ من مسيحيي سوريا. وأضاف قائلًا: إن الكنائس الأخرى قد لا ترضى ضمنًا بهذا التمثيل، لكنها يجب أن تقبل به.
وفي هذا الصدد كان قد صرح البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، في لقاء على إحدى القنوات، أنَّ البطاركة الثلاثة هم من يمثلون المسيحيين في سوريا.
البطاركة وأحمد الشرع
كان قد أصدر البطاركة الثلاثة في 29 من ديسمبر/كانون الثاني عام (2024) بيانًا مشتركًا شمل أربعة محاور:
- المصالحة وذلك بإطلاق حوار وطني شامل.
- مناشدة العالم لرفع الحصار الاقتصادي.
- المشاركة في صياغة دستور جديد للبلاد.
- رجاء مستقبل مشرق لسوريا.
وختم البطاركة الثلاثة في سوريا بيانهم المشترك بقول: نحن رؤساء الكنائس المسيحية الحاضرة منذ ما يقارب ألفي عام، ندعو جميع أبناء سوريا وبناتها، في الداخل والخارج؛ للعمل يدًا بيد لتحقيق هذه الرؤية، وترجمتها على أرض الواقع، كما ندعو أبناءنا المسيحيين إلى عدم الانطواء والخوف، ونطالبهم بالمشاركة الفاعلة، انطلاقًا من روح الإنجيل؛ حتّى يكونوا شركاء في بناء سوريا الجديدة.
ونناشد المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب السوريين والسوريات في إعادة بناء وطنهم ضمن حدوده المعترف بها دوليًّا، ومنع أيّ تعدٍّ خارجي على السيادة الوطنية، ورفع العقوبات عنهم ليتسنّى لهم بحرية واستقلالية إعادة بناء وطنهم والعيش فيه.
من جهة أخرى التقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة “أحمد الشرع”، يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2024، عشية رأس السنة، وفدا من كبار ممثلي الطائفة المسيحية في العاصمة دمشق، وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن لقاء الشرع بوفد من الطائفة المسيحية في مدينة دمشق كان بالتزامن مع احتفالات الطائفة المسيحية بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة.
كما صرح أحد المطارنة لوسائل الإعلام عن كواليس اللقاء، قائلًا: نوقش في اللقاء هواجس الطائفة المسيحية عن مستقبل البلاد. وأضاف المطران: نقلنا إلى الشرع تطلعاتنا وقلقنا عن بناء سوريا المستقبلية، وقد قدم لنا وعودًا نأمل العمل على تحقيقها.
المخاوف المستقبلية والهجرة والرحيل
صرح الأب فراس لطفي رئيس طائفة اللاتين بدمشق ورئيس الدير الكبير في كنيسة الآباء الفرنسيسكان في باب توما، لـ”أخبار الآن”، قائلًا: إن عدد المسيحيين في سوريا كان قبل عام (2011) ما يقارب مليونين، حتى وصل عددهم اليوم داخل البلاد حسب إحصاء دقيق ما بين 400 ألف إلى 600 ألف، ولا يزال باب الهجرة مفتوحًا في ظل المخاوف المستقبلية.
وفي هذا الصدد دار الحديث بين البطاركة الثلاثة ووزير الخارجية الفرنسي، مؤكدين رغبة كثير من المسيحيين مغادرة البلاد في ظل غموض المستقبل، وضبابية الغد، إلا أن صياغة الدستور صياغة عادلة تضمن حق مواطنة الجميع من دون تمييز، هي الضامن الوحيد لمستقبل آمن.
فيما قالت الأم “آغنيس مريم للصليب” -رئيسة ديرمار يعقوب المقطّع لـ”بي بي سي“: إننا نتوجه إلى مجتمع نوع من المتطرف، رغم أن هناك كلام يطمئن، كما أشارت لنموذج هيئة تحرير الشام والذي وصفته بـ”المتطرف”.
ولم يُخفِ عدد من مطارنة الكنائس خوفهم وقلقهم من التعدي المندرج تحت “التصرفات الفردية”، فإن هذا أكثر ما يُقلق المسيحيين اليوم بشكل عام، ويظنون أن الدستور والقوانين الصارمة سيحميان الجميع في سوريا الغد المستقبل.
الطوائف المسيحية في سوريا
بحسب عدد من المطارنة، فإن عدد الطوائف المسيحية في سوريا يزيد عن عشر طوائف، وهي:
- الروم الأرثوذكس.
- السريان الأرثوذكس.
- الروم الملكيين الكاثوليك.
- الأرمن الأرثوذكس.
- الأرمن الكاثوليك.
- الموارنة.
- السريان الكاثوليك.
- اللاتين.
- الكلدان.
- الآشوريين.
- البروتستانت (وهم عامّة الإنجيليين والمعمدانيين والمشيخيين، والأرمن البروتستانت)، وقد يوجد أفراد من طوائف مسيحية أخرى، وهم قلة قليلة، يعد وجودهم في سوريا أفرادًا وليسو طوائف.
الخلاصة
يظن المسيحيون في سوريا أن الضامن الوحيد لمستقبل آمن هو صياغة دستور عادل يضمن حقوق مواطنة كاملة، كما أن المسيحيين يتطلعون بشغف إلى المشاركة في صياغة الدستور ولو بشكل عام في بناء الوطن الجديد.
وعلى الرغم من مغادرة عدد كبير منهم البلاد لكنهم بكل أسى وأسف يرونه الحل الأخير، ولا يزال خيار الهجرة والمغادرة متاحًا ولا سيَّما أمام الشباب المسيحي؛ فإن المخاوف المستقبلية لديهم أكبر، وقد قُدِّر عدد المسيحيين عام (2010) قرابة مليونين، أما اليوم فقد وصل عددهم داخليا ما بين 400 ألف إلى 600 ألف.
أكد البطاركة الثلاثة قلقهم من عدم دعوتهم إلى الحوار الوطني أو المشاركة في آلياته حتى الآن، ولذلك أشاروا مع وزير الخارجية الفرنسي، إلى أهمية دور فرنسا في الدفع نحو مشاركة المسيحيين مشاركة فاعلة.