يقول علماء إن تجربة “مشارفة الموت” حقيقة أكثر من الحقيقة ذاتها وأن من عاشوا هذه التجربة الفريدة تغيرت شخصياتهم تماماً وأصبحوا أكثر سعادة ولا يهابون الموت.
وتعكف مجموعة علماء من بلجيكا، بقيادة د. ستيفن لوريز، رئيس مجموعة علم الغيبوبة بالمستشفى الجامعة في مدينة لياج، على إجراء المزيد من الدراسات حول “مشارفة الموت” وهي تجربة أثبتت دراسات سيكولوجية أن ذكراها تظل عالقة وبوضوح شديد بخلاف كافة الذكريات الشخصية الأخرى.
وقام العلماء بمقارنة ذكريات شخصية أخرى كالزواج والولادة، إلا أن مشارفة الموت تجربة “غنية وتظل عالقة بوضوح شديد، ليست كأي ذكرى أخرى أو كأي حدث حقيقي وحتى مع مرور زمن طويل عليها.. وكان الأمر بمثابة دهشة لنا”، بحسب لويز.
وأضاف: “أحيانا يجد (المرضى) صعوبة شديدة في وصفها.”
وتابع العالم الذي أصدر أواخر الشهر الماضي دراسة علمية عن تجربة مشارفة الموت: “الإحساس بها حقيقي أكثر من الحقيقة ذاتها، لافتاً إلى مصدرها الفيزيولوجيا البشرية، وليس العالم الروحي، مضيفاً: إنها ناجمة عن اختلال وظائف المخ .”
واتفق كافة من عادوا من رحلة الدار الآخرة على رواية واحدة وهي تجربة مغادرة الجسد، ورؤية نور ساطع أو المرور عبر نفق مظلم، بحسب الدراسة التي أعدها العالم البلجيكي.
ومن بين التجارب تلك التي خاضها ريموند بعد إصابته بنوبة قلبية: “شعرت كأنه تمّ “شفطي” من جسدي وأنا أمر بنفق حالك الظلام بسرعة لا يمكن تخيلها لأننا لم نخبرها من قبل.. حتى رأيت نوراً في نهايته وكان عبارة عن فتاة.. قاومت لشدة خوفي في البداية لكني استسلمت في النهاية.”
ويعتبر جراح الأعصاب، أيبن ألكسندر، من أبرز من خاضوا تجربة “مشارفة الموت” ليعود العالم الذي عرف بإلحاده رجلاً مختلفاً يؤمن بالروحانيات، فبعد تمسكه بأن “الرحلة” مبعثها الدماغ، عاد لينفي بأنها مجرد هلوسة، خاصة وأن أجزاء المخ المسؤولة عن هذا توفيت لدى “موته المؤقت.”
وهو ما يعارضه لوريز بالتأكيد بأنه لا يمكن خوض التجربة دون نشاط الدماغ، مشيرا إلى أنه في حالات مرضى الغيبوبة تراجعت وظائف المخ إلى أدنى درجة، إلا أنه يظل على قيد الحياة.
وتعرف جمعية علم النفس الأمريكية. تجربة مشارفة الموت على أنها: أحداث نفسية عميقة مع وقائع غامضة تتجاوز نطاق معرفة البشر، تحدث عادة للأفراد يوشكون على الاحتضار أو في حالات الخطر البدني أو العاطفي الشديد.”
وأشار لوريز إلى محدودية الدراسات التي أجروها نظراً لاقتصارها على مرضى مصابين بالغيبوبة وطالب العلماء بدراسة الظاهرة التي خاضها الكثيرون ولا يمكن للمختصين تجاهلها.
لافتا إلى مخاوف أبداها بعض من عادوا من رحلة الموت وهي استمرار تجربة يقظتهم حتى ما بعد الموت الفعلي مضيفاً: “منذ القدم يخاف البشر دفنهم أحياء.. الناس يتخوفون من التبرع بالأعضاء واحتمال مشاهدة انتزاعها من أجسادهم.”