27 يوليو ، وسع صدرك
مدهشة هي إرادة الإنسان وإنجازاته عبر التاريخ عندما يتعلق الأمر بالحرب والدمار, فبات من المسلمات أن الحروب هي أحد أهم الأسباب في تطور البشر العلمي والتقني, فخلال الحربين الأولى والثانية وضع البشر خرائط للبحار وقاموا بتطوير علوم الطيران ووسائل الإتصال وتبادل المعلومات وعلوم الصواريخ والغزو الفضائي, بل في الواقع كل ما نتمتع به من تقنية وتطور علمي اليوم هو نتاج بشكل مباشر أو غير مباشر لتلك الحروب!. سنتحدث اليوم عن أحدى الآلات العسكرية المخيفة التي طورها المعسكر النازي أثناء الحرب العالمية الثانية وهي دبابة “جوستاف الثقيلة Schwerer Gustav” ولتأخذوا نظرة سريعة على هذا الوحش المخيف شاهدوا الصورة التالية من أرشيف الحرب.
تم صناعة دبابتين عملاقتين من هذا النوع وصنعتا لهدف رئيسي واحد, وهو تحطيم القلعة الرئيسية الحصينة في تحصينات خط ماجينو الفرنسية والتي أوقفت تقدم القوات النازية تجاه الأراضي الفرنسية, ولكي تحقق هذا الهدف توجب على صانعي هذه الدبابات جعلها قادرة على إطلاق ذخيرة قادرة على إختراق 7 أمتار من الخرسانة المسلحة أو متر كامل من الفولاذ المضاد للمدفعية وكل ذلك من دون الدخول ضمن مجال المدفعية الفرنسية وبالفعل تطلق دبابة جوستاف الثقيلة ذخيرتها بفاعلية, حيث يمكنها إطلاق قذائف يصل وزن الواحدة إلى 7 أطنان إلى مدى يقارب الـ 45 كلم وهو مدى أبعد من المجال المدفعي الفرنسي. أما بالنسبة للمواصفات الخارقة لتلك الدبابات فإن وزن الدبابة الواحدة يصل لـ 1350 طنا وكان طول الدبابة الواحدة يصل إلى 47 مترا وبإرتفاع يقارب الـ 12 مترا “إرتفاع مبنى بـ 4 طوابق”. الصورة التالية لمقارنة لحجم جوستاف الثقيلة مع الدبابات التقليدية.
تعتبر جوستاف الثقيلة أضخم سلاح مدفعية ودبابات أستخدم على لإطلاق, وكانت فترة إستعمال هذا السلاح 13 يوما فقط, وأطلقت خلال خدمتها 48 قذيفة فقط لتدمر الحاجز الفرنسي بالكامل, بينما أطلقت خلال فترة تجربتها 250 قذيفة, وكانت تحتاج إلى 250 شخصا لتجميعها في 3 أيام, بالإضافة إلى 2500 شخص ليقوموا بوضع المسار الحديدي الذي ستسير عليه, بالإضافة إلى كتيبتين من الجنود لحمايتها.
تم تصنيع ذخيرة خاصة بهذه الدبابة, عيار الذخير المستخدمة هو 800 ملم وهو حجم عملاق يقارب حجم بعض الدبابات الصغيرة. في الصورة التالية مقارنة بين قذيفة من عيار 800 ملم مع دبابة T-34-85 السوفيتية.
لم تشارك هذه الدبابات العملاقة في معارك أخرى, فقد تم نقلها على حدود مدينة لينينجراد الروسية لتشارك في المعارك هناك, لكن المعركة ألغيت وبقيت هذه الأسلحة الثقيلة هناك لسنتين, ثم أعيد تفكيكها وإرجاعها لقاعدتها إلى أن قام الجيش النازي بتدميرها عام 1945 كي لا يستولي عليها الأعداء عند إنتهاء الحرب.