دبي, الإمارات العربية المتحدة, 28 أكتوبر ، الرياض ، هناء العمير –
المتابع للأعمال الدرامية الخليجية والمصرية يجد أن الهوة تزداد اتساعاً لصالح الدراما المصرية التي اكتسبت عافية ووهجاً خاصاً في السنوات الأخيرة، بل على عكس ما قد يظن البعض من أن الأحداث قد أثرت سلباً على الحركة الفنية، فالمشاهدة تثبت أن زخم الأحداث قد ألهب خيال كتاب السيناريو والمخرجين فأعطاهم طاقة جديدة، حتى أن المشاهد بدلاً من أن يستاء كما هو معتاد من قلة الأحداث في المسلسلات والتمطيط أصبحت بعض المسلسلات تحمل جرعة عالية جداً من الأحداث والشخصيات.
نظرة واحدة على الدراما المصرية لهذا العام نجد أنها تنوعت بين الدراما الرومانسية والدراما الأكشن كما في “اسم مؤقت” و”تحت الأرض” والدراما البوليسية والتشويق بل وقليل من الرعب كما في “نيران صديقة” والدراما الرومانسية كما في “آسيا” والدراما الاجتماعية والسياسية كما في “الداعية” و”ذات” وغيرها كثير بالطبع. جماليات الصورة اختلفت بالكامل والأداء والحوارات اختلفت، كما أن هناك بعض الأعمال التي تحمل البطولة الجماعية في محاولة لبحث عن بديل عن النجم الأوحد وحيث يسيطر بعض النجوم بشكل مكرر كل سنة في رمضان.
في المقابل، الدراما الخليجية وتشمل المحلية بالطبع، لا تزال تدور في دائرة العائلة فقط، والقضايا العائلية من زواج وطلاق، بل وحتى تناول هذه الموضوعات ظل بشكله التقليدي ولا شخصيات مختلفة.. كأننا لا نملك عوالم خارج نطاق الأسرة.
لا توجد قضايا عامة وكبيرة وعوالم مختلفة في الأعمال الخليجية، ولا يوجد في المجتمع غير من يعمل بالتجارة ونساء فارغات لا هم لهن سوى الحديث عن الماركات والغيرة على أزواجهن والزواج إن كن غير متزوجات. بالكاد نجد حدثاً مهماً في الحلقة وإن وجدنا فالشخصيات مكررة والحوارات طويلة ومملة؛ إما هذا وإما الخروج من هذا المأزق بمسلسلات تتناول حلقات مختلفة تنحو نحو الكوميديا أكثر من الدراما.
لا يوجد مسلسل خليجي متصل لا يعاني من هذه الإشكاليات. الشخصيات مسطحة جداً لا عمق ولا تصاعد درامي، لا امتداد زمني يتناول فترات مختلفة وكأننا مجتمعات جامدة لم تحدث بها تحولات وتطورات ولديها شخصيات مختلفة وقصص غريبة تستحق أن تروى. أما الأحداث فهي دائماً تأخذ منحنى تراجيدياً مأساوياً وكأن الحياة مجموعة من الأحزان المستمرة، مع أن هناك الآن نوعاً خاصاً من الأعمال التلفزيونية الغربية يسمى “Dramedy” وهو خليط من الكوميديا والدراما. وهو أقرب إلى الحياة حيث الأحزان والمواقف الخفيفة تتجاور. في الأعمال المصرية هناك دائماً روح النكتة والتي هي من صميم المجتمع المصري تكون حاضرة في العمل، أما الأعمال الخليجية فالمشاهد للأعمال الدرامية يعتقد أننا مجتمعات لا تجيد سوى الحزن، بل وتتفنن فيه.
في إطار التنافس العالي، يجب على الأعمال الخليجية أن تنهض بمستواها إن كانت تريد أن تحافظ على مشاهديها لأن المعروض حتى الآن ليس في صالحها على الإطلاق.