كييف، أوكرانيا، 4 ديسمبر 2013، وكالات –
فشل أمس البرلمان الأوكراني بحجب الثقة عن الحكومة التي تحملها المعارضة مسؤولية فشل الانضمام الى الإتحاد الأوروبي إضافة الى قمع المتظاهرين. ولم يؤيد سوى مئة وستة وثمانين نائبا مذكرة حجب الثقة التي اقترحتها ثلاث كتل معارضة فيما يتطلب اقرارها أكثر من مئتين وستة وعشرين صوتا.
وعقب التصويت إحتشد الالاف في ساحة الاستقلال التي شكلت قلب الثورة البرتقالية في عام الفين واربعة.وكان رئيس الوزراء الأوكراني مايكولا أزاروف Mykola Azarov إعتذر في وقت سابق أمام البرلمان عن إستخدام الشرطة للقوة ضد المتظاهرين، واصفاً تصاعد حدة الاحتجاجات في بلاده بأنها علامات عن انقلاب.وتعد موجة الإحتجاجات في اوكرانيا غير مسبوقة منذ الثورة البرتقالية التي قلبت النظام القائم آنذاك وحملت المؤيدين لاوروبا الى السلطة.
وخاطب بطل الملاكمة فيتالي كليتشكو احد قادة المعارضة المتظاهرين قائلا “ادعوكم الى عدم التراجع. نحتاج الى سلطة جديدة”. في وقت سابق تم رفض مذكرة لحجب الثقة عن رئيس الوزراء الاوكراني ميكولا ازاروف وحكومته في البرلمان، بعد ان اتهمتهم المعارضة بالمسؤولية الشخصية عن عنف الشرطة ضد المتظاهرين و”بيع اوكرانيا الى روسيا”.
قبل التصويت صرح النائب فولوديمير اولينيك المؤيد للسلطة مخاطبا المعارضة “انتم تريدون الاضطرابات واوكرانيا لا تحتاج اليكم. اوكرانيا تحتاج الى الاستقرار”. وخاطب ازاروف النواب قبل التصويت في جلسة طارئة للبرلمان وقدم اعتذاراته على عنف الشرطة تجاه المتظاهرين السبت الذي اسفر عن اصابة العشرات بجروح مؤكدا “ان رئيس الحكومة والحكومة آسفان على ذلك كثيرا”.
واضاف “سينجم عن ذلك قرارات حازمة وستجري تعديلات في الحكومة”.وكان ازاروف اعلن بالامس استقالة رئيس شرطة كييف. ويرأس رئيس الوزراء صباح الاربعاء جلسة للحكومة فيما ما زال المتظاهرون يحاصرون مقر الحكومة.
وحذر ازاروف الثلاثاء المتظاهرين من مسؤوليتهم “الجنائية” عن تصرفاتهم “غير الشرعية”.واعلنت وكالة انترفاكس عن توقيف ثلاثة متظاهرين الثلاثاء اتهموا باثارة الشغب الاحد امام مقار الرئاسة. ومذاك فرض طوق امني حول مقر الرئاسة شاركت فيه قوات مكافحة الشغب المسلحة بالخوذات والدروع. وصاحبت كلمة ازاروف بالروسية صيحات استهجان من نواب المعارضة بالرغم من وعده بمواصلة الية الانضمام الى اوروبا.
واعلن احد قادة المعارضة ارسيني ياتسينيوك المقرب من رئيسة الوزراء السابقة المسجونة حاليا يوليا تيموشنكو قبل التصويت “هذه الحكومة مسؤولة عن الضرب المبرح الذي تعرض له اطفال في ساحة الاستقلال. عار عليها! انها مسؤولة عن بيع اوكرانيا الى روسيا وتحطيم الامال في الانضمام الى اوروبا. يا للعار!”
ووصف فيتالي كليتشكو قرار الحكومة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر تعليق اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي كان يفترض توقيعه خلال قمة في فيلنيوس الاسبوع الماضي بانه “خيانة عظمى”.وتجمع حوالى مئة الف متظاهر الاحد في كييف فيما تجمع عشرات الالاف غيرهم في مدن اخرى من البلاد احتجاجا على تغيير موقف الحكومة.
على عكس احداث 2004 تعرض عدد من التظاهرات للقمع العنيف ما ادى الى جرح اكثر من 100 شخص من بينهم عناصر شرطة وطلاب وصحافيين. الثلاثاء دعا الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يوشتشينكو الذي حملته “الثورة البرتقالية” الى الحكم السلطة الى “فتح حوار” مع المتظاهرين في مقابلة مع تلفزيون دوجد الروسي.
وتابع محذرا “والا فقد يخرج الوضع عن السيطرة في الايام المقبلة”. وقرر الرئيس فيكتور يانوكوفيتش مغادرة اوكرانيا الثلاثاء في زيارة دولة الى الصين تستغرق ثلاثة ايام من المقرر ان يجرى خلالها توقيع اتفاقات اقتصادية. وقال يانوكوفيتش في مقابلة مع التلفزيون الاوكراني بالامس ان “الوضع في البلاد ليس ملائما للزيارات الى الخارج لكن ان عدلت عنها فان الاقتصاد الاوكراني هو الذي سيدفع الثمن”.
وتلي هذه الرحلة زيارة الى روسيا التي لعبت دورا حاسما لاقناع اوكرانيا بالعودة عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي والتوقيع معها على خارطة طريق للتعاون.وشرح الرئيس الاوكراني الاثنين من جديد اسباب قراره.وقال “بماذا ينفعنا الاتفاق ان كانوا يستقبلوننا ثم يقللون من شاننا؟ اعتقد ان علينا عدم الانصياع والدفاع عن مصالحنا”.
لكن المعارضة بدت مصممة على الاستمرار الثلاثاء. وقال اناتولي كريلوشين (65 عاما) الذي قدم قبل ثلاثة ايام من بيرديتشيف (غرب) “نحن هنا للقيام بثورة. سنبقى هنا حتى النصر، نحن لا نخاف من شيء” متهما الحكومة بانها “خانت الشعب”. ويتوجه الامين العام لمجلس اوروبا ثوربيورن ياغلاند مساء الثلاثاء الى اوكرانيا في محاولة ل”تخفيف حدة التوتر” و”النظر في امكانية الحوار” بين المعارضة والحكومة، وفق ما اعلن الناطق باسمه في ستراسبورغ.
وندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين بالتظاهرات معتبرا انها “مؤامرة مدبرة من الخارج اكثر منها ثورة”. من جهته اعتبر البيت الابيض انها “تظاهرات سلمية” تم قمعها بالقوة. وحذر الاقتصاديون من ان هذه الاحداث قد تفاقم الازمة الاقتصادية التي تشهدها اوكرانيا.
وارتفعت نسبة الفوائد على السندات الاوكرانية في الايام الاخيرة مع خوف المستثمرين من ان يؤدي احجام البلاد عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي الى احتمال تخلفها عن السداد.