اوكرانيا ، 26 فبراير ، 2014 ، وكالات –
تتواصل المشاورات السياسية اليوم الاربعاء في اوكرانيا سعيا لتشكيل حكومة انتقالية تـَطرح تشكيلتها على البرلمان للمصادقة عليها بعد عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في نهاية الاسبوع الماضي.
وفي مؤشر الى صعوبة التوصل الى تسوية، ارجأ البرلمان الى الخميس تشكيل الحكومة الذي كان مقررا الثلاثاء وقال الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف متوجها للبرلمان “يجب اتخاذ القرار الخميس لا يمكن الانتظار اكثر”.
من جانب اخر سعى دبلوماسيون غربيون الثلاثاء الى منع حدوث انهيار اقتصادي في اوكرانيا في الوقت الذي تعهدت روسيا بعدم التدخل في هذا البلد الذي يعاني من الفوضى بعد الاطاحة بالرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش.
وفي اطار مساعي التهدئة، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره البريطاني وليام هيغ الثلاثاء انه يجب الا يُنظر الى اوكرانيا على انها ساحة حرب بين الشرق والغرب.
وقال كيري عقب لقائه هيغ في مبنى وزارة الخارجية الاميركية بواشنطن “هذه ليست منافسة، وليست مواجهة بين الغرب والشرق”، مؤكدا ان “هذا الامر يتعلق بشعب اوكرانيا وخياره للمستقبل”.
من ناحيته، اكد هيغ ان اوكرانيا “بلد يحتاج الى مساعدة مالية من العديد من المصادر بما فيها روسيا. فالامر لا يتعلق بالابتعاد عن روسيا، بل بتمكين (الاوكرانيين) من تحقيق خياراتهم”.
ومن المقرر ان يصل مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز الى العاصمة الاوكرانية الثلاثاء. وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون التقت في كييف الرئيس الموقت الموالي للغرب اولكسندر تورتشينوف وعددا من اعضاء البرلمان الذي دعا الثلاثاء الى محاكمة يانوكوفيتش امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وتعتبر زيارة اشتون جزءا من المحادثات الحثيثة التي تجري وراء ابواب مغلقة بين دبلوماسيين اوروبيين وروس واميركيين حول اوكرانيا التي طلبت مساعدة قدرها 35 مليار دولار (25 مليار يورو) لتجنب افلاس البلد الذي قال الرئيس الموقت انه يواجه خطر الانقسام.
وصرحت اشتون للصحافيين في كييف “نقدم الدعم وليس التدخل في مستقبل” اوكرانيا، وسط مخاوف من سعي القسم الشرقي الموالي لروسيا الى الانفصال بعد ان تولت ادارة موالية للغرب السلطة عقب اشهر من الاحتجاجات.
كما اكدت “اهمية العلاقات القوية بين اوكرانيا وروسيا واهمية الحفاظ على تلك العلاقات”.
وردت روسيا بغضب في البداية على التغيرات السياسية المتسارعة في اوكرانيا والتي عجلت فيها الاشتباكات الدامية في كييف الاسبوع الماضي والتي قتل فيها نحو 100 شخص، متهمة القيادة الجديدة بشن “عصيان مسلح”.
الا ان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف سعى الثلاثاء الى تخفيف حدة الخطاب الروسي وقال انه يجب عدم اجبار اوكرانيا على الاختيار ما بين روسيا والغرب.
وقال لافروف عقب محادثات مع وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن “لقد اكدنا موقفنا المبدئي بعدم التدخل في شؤون اوكرانيا الداخلية”. واضاف “يهمنا ان تكون اوكرانيا جزءا من العائلة الاوروبية بكل معنى الكلمة .. من الخطير اجبار اوكرانيا على الاختيار”.
وجاءت اشتباكات الاسبوع الماضي لتتوج اكثر من ثلاثة اشهر من الاحتجاجات المستمرة ضد حكم يانوكوفيتش بسبب رفضه في تشرين الثاني/نوفمبر توقيع اتفاق تاريخي مع الاتحاد الاوروبي لحساب علاقاته الوثيقة مع روسيا.
ومن بين الشخصيات التي برزت خلال الاحتجاجات بطل الملاكمة السابق واحد قادة المعارضة الاوكرانية فيتالي كليتشكو.
والثلاثاء اعلن كليتشكو انه سيكون مرشحا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 25 ايار/مايو، بعد وقت قصير من اعلان المفوضية الانتخابية رسميا بدء الحملة الانتخابية. وامام المرشحين حتى 30 اذار/مارس لتسجيل اسمائهم، وحتى الان لم يعلن سوى محافظ خاركيف (شرق) الموالي لروسيا ترشحه.
ورغم ان البرلمان الاوكراني الذي تسيطر عليه المعارضة اجل الثلاثاء تشكيل الحكومة حتى الخميس، الا انه صوت لصالح تقديم طلب للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة يانوكوفيتش بتهمة “القتل الجماعي” للمتظاهرين. الا ان يانوكوفيتش متوار منذ محاولته المفترضة الهروب من البلاد السبت من طريق مدينة دونيتسك الشرقية.
وستواجه الحكومة الجديدة مهمة صعبة تتمثل في الحفاظ على الاستقرار المالي ووحدة اراضي اوكرانيا قبل انتخابات ايار/مايو وسط مخاوف من توجهات انفصالية في مناطق تتحدث الروسية في شرق وجنوب البلاد.
وتمركزت مدرعتان الثلاثاء في مدينة سيباستوبول الموالية لروسيا في جنوب اوكرانيا، حيث تظاهر نحو 500 شخص مطالبين بتعيين مواطن روسي عمدة للمدينة.
وفي سيمفيروبول كبرى مدن شبه جزيرة القرم تظاهر نحو 500 شخص من الموالين لروسيا الثلاثاء امام البرلمان المحلي مطالبين بمزيد من الحكم الذاتي.
والاثنين، انتقدت الخارجية الروسية القيادة الاوكرانية الجديدة بشدة وقالت انها “بدأت على طريق قمع من لا يتفقون معها في مختلف مناطق اوكرانيا باستخدام طرق ديكتاتورية واحيانا ارهابية”.
كما اعرب اخرون في دول غربية عن مخاوف من انقسام اوكرانيا الى معسكرين احدهما موال لروسيا والاخر موال للاتحاد الاوروبي. وقال الاثنين وزير خارجية اليونان ايفانجلوس فنيزيلوس الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي “يجب ان نتجنب وقوع حرب اهلية، وانهيار مالي واقتصادي في البلاد، وعلينا ان ننظم مؤتمرا دوليا لتجنب افلاس اوكرانيا”.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان “على الجميع القيام بمحاولة لمساعدة اوكرانيا على الخروج من ازمتها” وطلب “الا توضع روسيا في كفة والاتحاد الاوروبي في كفة أخرى”.
ويثير استياء روسيا من التغيرات في اوكرانيا مخاوف من ان لا تفي بوعدها بمنح جارتها مساعدات بقيمة 35 مليار دولار تقريبا اعلنتها في كانون الاول/ديسمبر.
وصرح وزير المالية الاوكراني الموقت يوري كولوبوف ان “حجم المساعدة المقررة لاوكرانيا قد يصل الى 35 مليار دولار” بنهاية العام المقبل، داعيا الى عقد مؤتمر دولي للمانحين.
ولم تعرض اشتون من ناحيتها اي التزامات ملموسة بتقديم مساعدات اقتصادية لاوكرانيا الثلاثاء واكتفت بالقول ان صندوق النقد الدولي “حريص جدا” على عقد لقاء مع الحكومة المستقبلية.
اوكرانيا في انتظار حكومة انتقالية
تتواصل المشاورات السياسية الاربعاء في اوكرانيا سعيا لتشكيل حكومة انتقالية تطرح تشكيلتها على البرلمان للمصادقة عليها بعد عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في نهاية الاسبوع الماضي.
وفي مؤشر الى صعوبة التوصل الى تسوية، ارجأ البرلمان الى الخميس تشكيل الحكومة الذي كان مقررا الثلاثاء وقال الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف متوجها للبرلمان “يجب اتخاذ القرار الخميس لا يمكن الانتظار اكثر”.
والشخصيات التي ترد اسماؤها بشكل متكرر لمنصب رئيس الوزراء هم المصرفي وزعيم الحركة الاحتجاجية ارسيني ياتسينيوك والثري المعارض بيترو بوروشنكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو. غير ان تيموشنكو اعلنت من قبل انها غير مهتمة بالمنصب وتستعد للتوجه الى المانيا لتلقي العلاج.
اما بطل العالم السابق للملاكمة فيتالي كليتشكو الذي اصبح من قادة الاحتجاجات فاعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المبكرة في 25 ايار/مايو. كذلك اعلن حاكم منطقة خاركيف الموالي لروسيا ميخايلو دوبكين ترشيحه للرئاسة.
وانطلقت الحملة الانتخابية الثلاثاء وامام المرشحين مهلة حتى 30 اذار/مارس لتقديم ترشيحاتهم. وسعى الغربيون والروس الثلاثاء لخفض التوتر بشان اوكرانيا حيث تكافح السلطات الانتقالية لانقاذ البلاد من الافلاس والتصدي للنزعات الانفصالية في الجنوب والشرق.
وبعدما طعنت موسكو الاثنين في شرعية القيادات الجديدة في اوكرانيا مشككة في امكانية “التعامل” مع حكومة منبثقة عن “تمرد”، عادت موسكو وخففت من حدة لهجتها.
واذ اعرب وزير الخارجية سيرغي لافروف عن معارضته لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، قال انه “سيكون من الخطير وغير المثمر ارغام اوكرانيا على الاختيار اما ان تكونوا معنا او ان تكونوا ضدنا “.
وفي واشنطن ادلى وزير الخارجية جون كيري بموقف مماثل قائلا “ان المسالة ليست لعبة .. الامر يتعلق بشعب اوكرانيا وبخيارات مستقبل للاوكرانيين”.
من جهتها قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون “اننا نعرض الدعم وليس التدخل” في وقت وصل مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز بعد ظهر السبت الى كييف.
وكانت روسيا اعلنت في كانون الاول/ديسمبر عن قرض بقيمة 15 مليار دولار لم تصرف منه سوى 3 مليارات حتى الان، وتخفيض كبير في اسعار الغاز لاوكرانيا غير انه من المستبعد ان تواصل تسديد باقي القرض على ضوء التوتر بين العاصمتين.
وبحسب وزير المال في الحكومة الانتقالية الاوكرانية يوري كولوبوف فان كييف بحاجة الى 35 مليار دولار على سنتين وهو يعول على عقد مؤتمر للمانحين الغربيين، العرض الذي لقي استجابة من الاوروبيين.
من جهة اخرى دعا الرئيس بالوكالة الى “وضع حد فورا للمظاهر الانفصالية الخطيرة” بدون ان يذكر حالات محددة. وفي سيباستوبول وسيمفيروبول في شبه جزيرة القرم الموالية لروسيا، جرت تظاهرات تاييد لموسكو الثلاثاء شارك فيها مئات الاشخاص.
ولا يخفي الغربيون منذ عدة ايام مخاوفهم على وحدة اراضي اوكرانيا وهم يخشون ان تكون ازمة الاشهر الماضية عمقت الهوة بين الشرق الناطق بالروسية والمؤيد لروسيا الذي يمثل الغالبية في البلاد، والغرب القومي الناطق بالاوكرانية.
من جهة اخرى صوت البرلمان الاوكراني بغالبية كبيرة على قرار يطلب من محكمة الجنائية الدولية ملاحقة الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش في سياق تحقيق بتهمة ارتكاب “جرائم بحق الانسانية”.