رغم أن تشييدها لم يمر عليه سوى بضعة أشهر، إلا أن قنطرة تالوين التي خصّصت لها سلطات إقليم تارودانت مبلغاً مادياً يصل إلى 19 مليون درهم، وفق ما أشارت إليه مواقع إلكترونية جهوية، لم تصمد أمام السيول الأخيرة، وسقطت في الأيام الأولى للأمطار الغزيرة التي شهدها الجنوب المغربي.
بينما في الجانب الآخر، استطاعت قنطرة تعود إلى فترة الحماية الفرنسية للمغرب، مقاومة السيول والفيضانات حتى وهي ترتفع فوق وادي ارتفع منسوبه بشكل غير متوقع خلال الفترة الأخيرة، هي قنطرة واد الزات التي تربط بين مدينة مراكش وبلدة أيت أورير، ورغم أن الفيضانات الأخيرة حكمت على جماعات في منطقة الواد بالعزلة التامة، منها جماعة تغدوين، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة القنطرة "الفرنسية"، فمنذ عقود طويلة، وقنطرة واد الزات تضطلع بمهمة نقل المئات من الساكنة الراغبين في قطع هذا الوادي، فهي تسمح بمرور الشاحنات والناقلات، وسيارات الأجرة الكبيرة، وسيارات المواطنين، فضلاً عن أصحاب الدراجات النارية والعادية، وإن كان المحتل الفرنسي قد شيّد هذه القنطرة، لفائدته الخاصة لغرض إحكام قبضته على خيرات المغرب، فإن السلطات المغربية لم تقم بعد رحيله بإجراء إصلاحات كثيرة عليها، خاصة وأنها لا زالت لا تتوفر على سياج واقي، ولا تسّهل عملية تنقل الراجلين لغياب ممرات خاصة بهم.
قنطرة واد الزات ليست سوى مثالاً للشبكة الطرقية التي شيّدتها فرنسا بالمغرب قبل رحيلها رسميا سنة 1956، فلا زالت طرق الحماية تربط مجموعة من مناطق المغرب ببعضها البعض، وذلك دون أن يدفع ذلك الدولة المغربية على تحسين شبكتها الطرقية، وإصلاح ما تبقى من "طرق فرنسا" أو تشييد طرق جديدة، على الأقل بجودة طرق الإقامة العامة الفرنسية.
الطرق الفرنسية المشيّدة بالمغرب اندرجت في إطار التغلغل السلمي الذي انتهجه المقيم الفرنسي العام آنذاك الجنرال ليوطي، وذلك لتسهيل عملية نقل البضائع من وإلى موانئ المدن الأطلسية، لذلك بدأ مخطط رامياً إلى إنجاز حوالي 1400 كيلومتر من الطرق في فترة خمس سنوات، قبل أن يرتفع الرهان بعد تسع سنوات من دخول الحماية إلى المغرب، ويصير حوالي 2700 كيلومتر.