أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (الشرق الأوسط)
عندما أطلق الشاعر الكبير حافظ إبراهيم بيته الخالد: «الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق»، لم ينطلق من فراغ وإنما كان وما زال بيته يعكس واقع الشعوب التي لم يبزغ نجم قيادييها لولا أنهم ترعرعوا في كنف أُم أحسنت تربيتهم وتشجيعهم. وهو أمر أكدته دراسة نشرت في «تقرير المرأة العربية والقيادة»، إذ تبين أن «67% من القيادات العربية النسائية اللواتي تمت مقابلتهن في إطار هذه الدراسة أكدن أن أمهاتهن كن صاحبات الأثر الإيجابي الأكبر في تقدم حياتهن المهنية».
وهذا البيت الشهير لا يعني بالضرورة أن المرأة يجب أن تكون أسيرة منزلها حتى تخرج لنا قياديي المجتمع، فما دامت لديها المقدرة على الموازنة بين أهدافها وواجباتها الأسرية فبها ونعمت. وقد أظهر التقرير، ولله الحمد، أن القياديات العربيات وضعن «القيم العائلية» في المرتبة الأولى في قائمة من 11 عنصرا.
وبمناسبة حلول ذكرى يوم المرأة العالمي (8 مارس «آذار») لم أجد أشمل من هذا التقرير الصادر عن «مؤسسة دبي للمرأة»، قبل ما يربو على عام، لأستشهد بأرقام فيه تستحق التأمل، منها أن حصة المرأة في المجالس البرلمانية العربية ما زالت متواضعة (9.1%) مقارنة بنحو 21% في كل من الأميركتين وأوروبا، ولو أننا ألغينا نسبة «الكوتة»، وهي الحصص المحددة للنساء بحكم القانون، لكشفنا النقاب عن صورة أدق لواقعنا الأليم. ومن المفارقات أن تمثيل المرأة في المناصب القيادية العربية ما زال محدودا مقارنة بالنسب المتزايدة من الخريجات في الجامعات العربيات التي بلغت نسبتها 70 في المائة عام 2007، وكانت النسبة لافتة في قطر، إذ تبين أن هناك خريجا واحدا فقط مقابل أربع خريجات!
والمفارقة الأخرى هي أننا من الشعوب التي قاوم كثير من أفرادها بضراوة تعليم الفتاة في سن مبكرة حتى فاتتنا قطارات البلدان المتحضرة، ثم اكتشفنا أننا ارتكبنا خطأ فادحا بحق المرأة بعد أن اكتشفنا أن أخت الرجال مثلها مثل الرجل في وظائف كثيرة وربما أفضل، أحيانا، وقد تتفوق عليه في بعض المهارات الشخصية كدقة الملاحظة، والتمكن من تنفيذ أكثر من مهمة في آن واحد، والموازنة المعقولة بين واجبات العمل والأسرة.
ولا بد أن ندرك كشعوب عربية أن طريق تمكين المرأة العربية من تبوؤ المناصب القيادية المناسبة لا يكون بالحملات الدعائية والمجتمعية فقط، بل بتعليم المرأة أفضل تعليم وحمايتها والحفاظ على قيمها العربية في العمل من أي محاولات لخدشها بالتحرش تارة أو بالتثبيط تارة أخرى حتى تثبت قدراتها بنفسها، ثم نصنع بذلك جيلا من القياديات العربيات اللاتي يحملن معنا راية التقدم بالمجتمع العربي نحو مصافّ الدول المتحضرة..