أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (واشنطن بوست)

أجرت صحيفة واشنطن بوست حوارا مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء التحضير للمؤتمر الاقتصادي الذي يجري في شرم الشيخ، عبر "لالي ويموث" مساعدة رئيس تحرير الصحيفة الأمريكية، وتحدثت معه عن علاقات مصر المتوترة مع واشنطن، وكيفية هزيمة تنظيم داعش ومخاوفه وآماله لبلاده مصر.

وجاء نص الحوار كالتالي:

السيسي: هل تذكرين آخر مرة تقابلنا فيها يوم أغسطس 2013، ماذا قلت؟

ويموث: نعم، قلت أنك تشعر بأن الولايات المتحدة الأمريكية ولت ظهرها لمصر، ما رأيك الآن؟

السيسي: أعتقد أن لدينا مشكلة في التواصل، وسوء الفهم، يبدو أننا لا نستطيع إيصال صوتنا بشكل واضح كما يجب أن يكون، لكن المخاطر المحيطة بالمنطقة أصبحت واضحة الآن، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية تتابع عن كثب كيف يهددها الإرهاب.

ماذا تفعل أمريكا في رأيك؟

السيسي: دعم مصر، دعم الإرادة الشعبية للمصريين.

هل تعني أن أمريكا يجب أن تقف بجانبك؟

السيسي: السيسي يعكس الإرادة الشعبية للمصريين.

عطَّل الرئيس أوباما إرسال طائرات لمصر حتى يدفعها نحو الديموقراطية، ما رأيك؟

السيسي: أريد فقط أن أسألك، من الطرف الذي يلجأ للعنف في مصر؟ هؤلاء لم يرغبوا في المشاركة البنَّاءة في الديمقراطية بعد 30 يونيو.

ويموث: هل تعني الإخوان المسلمين؟

السيسي: يهز رأسه موافقًا: لقد اختاروا مواجهة الدولة والصدام معها، هل رأيتم مصر تتخذ أية إجراءات ضد أي شخص في سيناء عدا أولئك الذين يحملون السلاح، ويهددون بقتل ويقتلون بالفعل أفراد الجيش، والشرطة. وحتى المدنيين الأبرياء لم يسلموا منهم. 

نحن نواجه عنفًا في سيناء، وعلى حدودنا الغربية مع ليبيا وداخل مصر أيضا في المناطق السكنية. وفي ليبيا يتم إرسال أسلحة ومقاتلين أجانب لمصر ويهددوا أمنها القومي.. من الذي يحطم ويفجر الشبكات الكهربائية، ويضع القنابل في محطات الأتوبيس والقطار؟ من الذي يقتل المدنيين في الشوارع؟

وما هي الإجابة لكل ذلك؟

السيسي: المتطرفون.

هل تعني المتطرفين مثل جماعة الإخوان المسلمين؟

السيسي: هذه الجماعة هي الأم لأيديولوجية المتطرفين، والأب الروحي لكل المنظمات الإرهابية، هي جماعة ممتدة في جميع أنحاء العالم. 

هل "جماعة الإخوان" هي الأب الروحي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"؟

السيسي: جميع المتطرفين منبثقون من نبع واحد، لذلك الخطاب الديني يحتاج لإصلاح. 

في الأول من يناير الماضي ألقيت خطابا عن الإصلاح الديني، ما تعليقك؟ 

السيسي: كانت هذه هي الحقيقة، الخطاب الديني هو أساس مشكلة، فالناس تلجأ للعنف عندما يتبنوا أفكارا دينية خاطئة، والخطاب الديني يحتوي على أفكار معينة تدعم الأفكار المختلطة عن الدين إذا تبنّاها الناس.

هل ترى أن تغيير الخطاب الديني يساعد في منع الناس من أن يصبحوا متطرفين؟

السيسي: نعم هو جزء من المشكلة لكن هناك حلول أخرى مثل القضاء على الفقر، والجهل، وتعزيز الوعي الثقافي، وضمان جودة التعليم. 

هل اشترت مصر الأسلحة من روسيا؟

السيسي: نحو 50% من معدات القوات المسلحة المصرية بالفعل معدات روسية، نحن بحاجة إلى أن تفهم واشنطن أن هناك فراغ إستراتيجي في هذه المنطقة، فهناك دول تعاني التفكك والانقسام، وانهيار الأمن، إذن كيف سأحمي بلادي؟

ما هي إجابتك على سؤالي ؟

السيسي: هذا يتطلب أن يساعد ويساند الجميع مصر، دعيني أخبرك أنه بالأمس فقط اختطف الإرهابيون في ليبيا المجاورة 8 من عمال البترول وذبحوهم، نحن نواجه تحديات ومخاطر كبيرة للغاية.. والآن ماذا ينبغي على أمريكا أن تفعل؟ إنكم تتفرَّجون فقط.

هل تشعر بأن هناك فراغا استراتيجيا للقيادة الأمريكية؟

السيسي: لم أقل ذلك. 

لكن هل تشعر بذلك؟

في مصر نحن 90 مليون نسمة، إذا فشلت وسقطت مصر فستنحدر المنطقة بأسرها إلى دوامة الفوضى التي ستكون مصدر خطر لكافة دول المنطقة، ومعها إسرائيل، ويصل ذلك أوروبا أيضًا. 

هل تتفق معي على أنه لا يجب على إيران امتلاك سلاح نووي، وكيف تري التهديد الإيراني؟

السيسي: نفهم أن الرئيس أوباما منغمس في إجراءات عديدة لمعالجة هذا الأمر، يجب أن نمهله وقتا، وفي هذا الحين يجب علينا أن نتفَّهم القلق الإسرائيلي أيضا. 

ماذا عن العلاقات المصرية بإسرائيل، وكيف هي الآن؟ 

السيسي: نحن نحترم معاهدة السلام مع إسرائيل منذ يوم توقيعها، وهناك أمثلة تعكس حجم الثقة بين الطرفين، مثل أن المعاهدة لا تسمح للقوات المصرية بالتواجد في المناطق الحدودية بين البلدين في وسط وشرق سيناء، لكن الإسرائيليين لم يرفضوا القوات المصرية في هذه المناطق وتفهمت المطلب جيدا، وهذا يعني أن الجو العدائي تقلَّص بوجود سلام بين مصر وإسرائيل. يمكن لهذا أن يحدث مع الدول العربية الأخرى إذا توصلنا لحل. 

هل تتحدَّث كثيرًا مع بنيامين نتنياهو؟

السيسي: نعم أحادثه كثيرًا، أريد فقط أن أطمئنه إلى أن تحقيق السلام مع الفلسطينيين سيكون اتفاقًا تاريخيًا له ولإسرائيل، وإلى أننا مستعدون للمساعدة في التوصل إلى هذا السلام. 

تم اعتقال العديد من نشطاء حقوق الإنسان في مصر، حتى الذين دعموك، كيف يمكنك أن تخلق بيئة أكثر انفتاحًا هنا؟

السيسي: إننا نؤيد تمامًا حرية التجمُّع، لكن التوازن الأمن وحرية التعبير في الدول التي تخوض ظروفًا مثل ظروفنا مطلوب، لكننا أيضا نفعل كل ما يلزم لنضمن ألا يوجد أبرياء محتجزون، ففي الأسبوع الماضي فقط، تم الإفراج عن 120 سجينًا، لدينا هنا قانون للتظاهر، هذا القانون لا يمنع التظاهر، بل ينظمه. 

وفقا للقانون فإن المتظاهرين بحاجة إلى الحصول على تصريح من وزارة الداخلية، هذه ليست حرية تعبير!

السيسي: لم يٌرفض طلبا واحد للتظاهر. 

أبرز النشطاء العلمانيين في مصر، مثل أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 إبريل، في السجون، وذلك على الرغم من إعلانهم لتأييدك في البداية، كما أنهم أيدوا الجيش في 30 يونيو..

السيسي: لسنا ضد النشطاء العلمانيين، ولا ضد المحتجين، ولا ضد الشباب الذين يجهرون بآرائهم، لكن من المهم للغاية ألَّا يتم انتهاك القانون.

لكن الناس تتمتع بحقها في الحريات بشكل كامل يجعلهم يقولون ما يريدون.

السيسي: هناك فرقٌ حين تريد استعادة مؤسسات الدولة بعد أربعة أعوام من الظروف الصعبة، فضلا عن سيطرة الحالة الثورية على المزاج العام، هل تعرفي كم تحتاج هذه البلد لتأمين احتياجات 90 مليون إنسان يوميا؟ 130 مليون دولار من الدعم والإعانات…

من أين يمكن توفير هذه الأموال لتأمين هذه الاحتياجات؟ من سيأتي للاستثمار في هذه البلد إذا لم تكُن مستقرة؟ لدينا معدَّل هائل من البطالة بـ 13%.

هل تعتقد أن الحكومة الأمريكية لا تفهم احتياجات مصر؟

لا يمكنكم فهم الصورة الحقيقية لما يجري هنا في بلادنا، نحن دولةٌ نامية، متعثرة اقتصاديا، أنتم تنظرون إلى مصر بعيون أمريكية، لقد تطوَّرت الديمقراطية في بلادنا على مدي 200 عام، لذلك أعطونا فقط فرصةً للتقدُّم وتطوير بلادنا، إذا استعجلنا الأمور فإن دولةً كدولتنا ستنهار. 

لقد ذكرت كلمة «انهيار» مرتين حتى الآن، هل أنت قلق ؟

السيسي: بكل تأكيد

لا يذكرها أحدٌ غيرك

السيسي: هل تعرفين لماذا؟ لأنهم يضعون ثقتهم الكاملة في السيسي. لكنني مجرًّد إنسان، لا أستطيع أن أفعل كل شيء. عندما انهارت الصومال ماذا فعلا أمريكا لها؟؟ هل تريدون لمصر أن تصبح دولةً فاشلة وتغسلون أيديكم منها بعد ذلك؟

تفيد التقارير إن الشرطة تمثل مشكلة كبري في مصر، وقد علمت أنك لست راضيا عنها؟ 

السيسي: نعم هذا صحيح.. ولذلك أنشأت الشرطة المصرية الآن إدارةً لحقوق الإنسان، من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان.

لكن مازال هناك الآلاف في السجون بلا إجراءات قضائية عادلة، وبلا محاكمات!

السيسي: أفراد الشرطة أمام القانون ويخضعون للمسألة، لا أحد هنا يعتقل بدون محاكمة وذلك يتم بإجراءات قانونية سليمة. 

هل ترى أي أمل في اشتراك جماعة الإخوان المسلمين مرةً أخرى في الحياة السياسية؟

السيسي: هؤلاء حولوا حياة المصريين إلى جحيم….هل تعتقدين أن مصر ستصبح مثل "طالبان" وتٌدمر فيها الأهرامات؟ كان الإخوان ليذهبوا إلى معابد الفراعنة ليهدموها.

لكنك كنت تتحدَّث إلى الرئيس السابق محمد مرسي كثيرًا، أليس كذلك؟

السيسي: كنت أنصحه، لكنها كانت طريقة تفكيره، ألم يكن عاما واحدا كافي بشكل كبير لتعرفوا أن هؤلاء الناس كانوا يتبنُّون أيديولوجية مدمِّرة وأفكارا هدامة للوطن؟ الغربيون يعتقدون أن الإسلام السياسي لم يحظَ بفرصة حقيقة وكافية لينخرطوا في الحياة السياسية وهذا غير صحيح، لذلك هم اتجهوا للعنف، وفي نهاية المطاف وصلنا لهذا الإرهاب. هؤلاء لديهم أيديولوجية السعي وراء السلطة ولكنهم لن يتركوها. 

عن من تتحدث؟ تقصد حماس والإخوان؟

هذا وصفٌ عام للإسلام السياسي، هؤلاء يسعون لفرض رؤيتهم وتأسيس دولة إسلامية كبرى، يعتبرون أنفسهم الحقيقة المطلقة، لذا فعلي الجميع أن يسمع ويطيع، وإذا اختلفت معهم يقتلوك. 

هل أدهشتك مشاهد الذبح التي تقوم بها «داعش»، وهل يمكن هزيمتها؟

السيسي: لم تكُن مفاجأة بالنسبة لي، أنا أعرفهم مثل راحة كفّي، نعم بالتأكيد يمكن هزيمتها فهؤلاء أفكارهم ضد الطبيعة وضد كل شيء. 

لكن مرسي عيَّنك وزيرًا للدفاع، ولماذا اختارك تحديدا؟

السيسي: أنه القدر، كان يعلم أنني متدين وملتزم بديني، فظن أنني قد أكون حاملا لنفس أفكاره ومعتقدات جماعته، لكنني أحاول أن أكون مسلما حقيقيا يحترم الحريات ويحترم حرية الآخر في اعتناق ديانتهم، أو حتى أن لا يكونوا مؤمنين بالله، أنا أحترم كل هؤلاء. 

بعض الخبراء العسكريين يقولون أن هزيمة داعش لن تحدث سوي بقوات برية، هل تعتقد ذلك؟

السيسي: بالفعل القوات العراقية على الأرض الآن، ومن البديهي أن الجيش الأمريكي يحتاج إلى قوات على الأرض لتنفيذ مهمته، هذا جانب مهم في طريقة إنجاح المهمة. 

ماذا عن المؤتمر الاقتصادي، تأمُل هذا الأسبوع في أن تجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي؟

السيسي: نحاول عن طريق الاستقرار جعل مصر جاذبة للاستثمارات، ونعمل على إصدار تشريعيات جديدة لخلق بيئة مواتية للاستثمارات. 

هل ترغب في أن تفعل واشنطن المزيد لأجل بلادك؟

السيسي: نعم.. فأمريكا دولةٌ قوية.. كثيرا ما أقول إن القوة تحمل معها المسئولية.

لكن البيت الأبيض في انتظار إشارة فيما يتعلَّق بحقوق الإنسان. 

السيسي: هذا هو السبب في الإفراج عن صحفيي الجزيرة. 

لماذا يحبك الناس. 

السيسي: لأنهم يعلمون أني أحبهم بصدق.