أخبار الآن | حصري – ازمير – جنان موسى
لم يبدأْ نهارُ المهربِ السوري أبي محمد على ما يُرام ، . بوساطة حاسوبِه يطَّلعُ على ارتفاع الأمواج مستعينًا بتطبيق مخصصٍ لذلك. التطبيقُ يظهرُ المعلومات بالألوان: الأخضرُ يعني أن عُلُوَّ الموجِ أقلُّ من عشَرة سنتميتراتٍ، وهذا بمنزلةِ إذن لأبي محمد لتهريب الناسِ من تركيا إلى اليونان بحرًا . أما اللونانِ الأزرقُ، والأرجواني فهما تحذيران من خطرٍ شديدٍ على الركاب إذ إن الموجَ يبلغُ حوالى ثلاثين سنتميترا، وهذا كفيلٌ بمنع أبي محمد، كما حدثَ اليوم، من إرسال القواربِ المطاطيةِ المحملةَ بالبشر عبرَ بحرِ إيجة.
– اقرأ أيضاً: مراسلة أخبار الآن: اغلب المهاجرين السوريين ينظمون رحلاتهم عبر الفيسبوك
قبلَ تبدلِ الطقس، نجح أبو محمد في تهريب البشرِ إلى أوروبامن دون انقطاع . هذا الفيديو أُرسلَ إليه من مهاجرين وصلوا بأمانٍ إلى اليونان. مدينة إزميرَ التركيةُ تعدُّ لكثيرين بوابةَ أوروبا الرئيسةَ لقربها من اليونان. شوارعُ إزمير تآلفتْ مع السوريين الهاربين من الحرب ، وكذلك الفقراءِ من الدول النامية الذين يحاولون الوصولَ إلى أوروبا.
قربَ ساحةِ بصمني يعيشُ معظمُ المهربين السوريين والأتراك. يصعبُ التصويرُ هنا علنًا ، فهم يكرهونَ الصَّحفيين لأن الدعايةَ السيئةَ تَضُرُّ بالتهريب غيرِ الشرعيِّ الذي يمارسونه، والذي يعودُ عليهم بقراية ملياريِّ دولارٍ سنويًا. قبلَ انطلاق المهاجرين في رحلة البحرِ الخطيرة، يتخذون من فنادقِ إزمير الرخيصةِ أو منازلَ آمنةٍ كهذه، وقد صُوِّرتْ سرًا ، مقرًا لهم منتظرين الضوءَ الأخضرَ من المهرب. في هذه الاثناء يشتري المهاجرون سُتراتِ النجاةِ من الغرق والمنتشرةَ في إزمير
كثيرًا.
– اقرأ أيضاً: فيديو صادم لسوريين يصارعون عاصفة بحرية للوصول الى أوروبا
زرنا أحدَ المحالِّ سرًا ، تحدثَ البائعُ عن أنواع الستراتِ المختلفةِ، والتي لا يقي بعضُها من الغرق إلا ساعةً واحدةً فقط ، بعد غرقِ المركب. أما طريقةُ دفعِ ثمن الرحلة ، فالمهاجرون يسلمون المبلغَ المستحقَ في مكاتبِ تأمينٍ مخصصةٍ لذلك في إزمير، كهذا المكتبِ مثلا. لا يستطيعُ المهربُ أن يأخذَ مستحقاتِه إلا بعد وصول المهاجرِ إلى اليونان، وإرسالِه رقمًا سريًا لا يعرفُه
سوى مكتبِ التأمين. لكنَّ أساليبَ الاحتيالِ على المهاجرين كثيرةٌ ومتنوعة . أبو محمد يعترفُ بأن بعضَ المهربين لا يكترثون بحياة البشر، ولا يهتمونَ إلا بالمال .
السوريون ليسوا الوحيدين الذين يحاولون الوصولَ إلى أوروبا. هذا الرجلُ مثلا من جيبوتي ، يجتهدُ في تعلم بعضِ الجمل العربية التي قد تفيدُه إن وصل إلى ألمانيا. أبو محمد يخبرُني أن كثيرًا من المغاربة جاؤوا إلى إزمير، وغادروها إلى أوروبا،
وأن أحدَهم ترك جوازَ سفرِه عند أبي محمد السنةَ الماضية. عندما يتحسنُ الطقسُ، ينقلُ المهربون المهاجرين بسيارات الأجرةِ علنًا إلى نقطة التقاءٍ محددة. ومن هناك يتوجهون إلى القوارب. لا يريدُ أبو محمد الاستمرارَ في عمله مهربًا، بل سينضمُ يومًا إلى قوافلِ اللاجئين المهاجرين إلى اليونان ثم إلى ألمانيا، حيثُ يعيشُ أحدُ إخوتِه.
– اقرأ أيضاً: التركيبة السكانية في سوريا مهددة بالإنهيار بسبب تنامي ظاهرة الهجرة