أخبار الآن | برلين – ألمانيا (يمنى الدمشقي)
تعرضت ألمانيا في الأيام الأخيرة إلى سلسلة من حوادث الإرهاب والعنف زعزعت الأمن فيها وتسببت بتخوف كبير من تصاعد هذه الأحداث، لاسيما أن أغلب مرتكبي هذه الحوادث هم لاجئون من جنسيات مختلفة.
حوادث إرهابية متعددة
أبرزها تلك الحوادث كان اغتصاب ابنة مسؤول ألماني ثم قتلها ورميها في النهر، وقيام لاجئة مغربية بالاعتداء على شرطي ألماني وطعنه ليتبين فيما بعد أن الفتاة على علاقة بداعش، كما تعرض معبد للسيخ في مدينة إيسن لتفجير بعبوة ناسفة من قبل جماعة مقربة من داعش، إضافة إلى الحادثة الأشهر من قيام لاجئ أفغاني بالهجوم بالبلطة على ركاب أحد القطارات ما تسبب بهلع كبير في ولاية بافاريا، وأحدثت جريمة قتل امرأة بساطور على يد لاجئ سوري صخباً كبيراً في الشارع الألماني، أما مدينة أنسباخ فشهدت عملية إرهابية راح ضحيتها 12 شخصاً إذ قام أحد اللاجئين بتفجير نفسه، أما الهجوم الإرهابي الأكبر فهو قيام تونسي بقيادة شاحنة كبيرة في برلين واقتحام الاحتفال ودهس ما يزيد عن عشرين شخصاً، ليأتي بعدها حادثة الاعتداء بالحرق على مشرد في أحد محطات القطار من قبل لاجئين سوريين ولاجئ ليبي، ولا تنتهي كل هذه الحوادث بالمشاجرة الجماعية للاجئين سوريين التي حدثت في أحد الباصات وأسفرت عن إصابة طفلة فيها، وأكدت الحكومة الألمانية أن أغلب منفذي هذه الجرائم هم على صلة مع داعش، الذي باتت الخشية من انتشاره في ألمانيا تراود الكثير من أبنائها.
وعلى الرغم من أن هذه الحوادث هي تصرفات فردية طائشة لمجموعة من اللاجئين لا يمكن أن يمثلوا الملايين منهم، إلا أن هناك تخوفاً حقيقياً من أن تسيء هذه الشريحة الصغيرة إلى عدد كبير من طالبي اللجوء في ألمانيا.
قلق كبير لدى اللاجئين من القرارات المنتظرة بحقهم
وفي هذا الصدد يقول "سليمان العبد الله" صحفي سوري مقيم في ألمانيا في حديث خاص لأخبار الآن: "طبعاً هذه الاعتداءات تندرج في إطار الجرائم الجنائية وهي مدانة من قبل الجميع لاجئين ومواطنين، والنقطة التي أراها خاطئة في هذا الشأن هو ما يطرح في الإعلام الألماني عن قابلية القادمين مثلاً من دول كسوريا أو العراق لارتكاب جرائم أكثر من المواطنين، أرى أن الإجرام لا جنسية له، ارتكاب الجرائم ليست عادة جلبها اللاجئون معهم من بلادهم."
وأضاف: "أرى أن تخوف اللاجئين من تغير القوانين ليس في محله، فمن لا يرتكب الجرائم في دولة يسودها القانون كألمانيا لا يجب عليه أن يخشى العقاب، ما يتم الحديث عنه حالياً يندرج في مجال تقليل إمكانية ارتكاب "الخطرين" للهجمات وتحسين مراقبة الأماكن العامة بالكاميرات وتسهيل ترحيل مرتكب الجرائم الجنائية."
وختم حديثه: "كصحفي سوري أنا قلق حول كيفية التعاطي الإعلامي مع هذه الحوادث، ما هي الطريقة المثلى في التعامل مع هذه الجرائم اجتماعياً، هل ينبغي نشرها والإشارة لجنسيات مرتكبيها، هل الحل يكمن في التكتم عليها، هل فعلاً نساهم كأفراد وكصحفيين في تعميق الشرخ بين الألمان واللاجئين بالحديث عنها، في المقابل ألن يفقد الناس ثقتهم في وسائل الإعلام ويتهمونها بإخفاء الآثار السلبية لوصول مئات الآلاف من القادمين الجدد للبلاد إذا تم تجاهل مثل هذه الحوادث".
أما "حمزة الحسيني" وهو لاجئ سوري مقيم في ألمانيا فلم يخفِ تخوفه من القرارات التعسفية التي قد تطبق عليهم وقال: "هناك ظلم لشريحة واسعة من اللاجئين إذا ما تم تقييمهم من خلال هذه العينة الصغيرة من مرتكبي الجنايات، ونحن نطالب بمعاقبة كل من تثبت عليه إحدى هذه الجرائم".
في حين أفصحت "سناء" لاجئة سورية عن تخوفها الحقيقي من الخروج وحدها بعد هذه الأحداث وأضافت: "بت أخشى من أي ردة فعل من قبل عنصريين تجاهي لاسيما أني محجبة".
صحيفة بيلد الألمانية تدعو اللاجئين إلى "انتفاضة الشرفاء"
من جهة أخرى فإن صحيفة "بيلد" الألمانية كانت قد نشرت ولأول مرة مقالاً باللغة العربية داعية فيه إلى ما يسمى "انتفاضة الشرفاء" مطالبة اللاجئين بالدعوة إلى وقف العنف والتبليغ عن كل من يشك في أنه قد يقوم بمثل هذه الأعمال، معتبرة أن ذلك من باب الواجب ورد الجميل للبلد الذي احتضنهم، واعتبرت الصحيفة أن القتل والحرق والطعن هي ثقافة داعشية حملها المهاجرون معهم وإن لم تتم معالجتها فألمانيا في خطر كبير.
وجاء في نص الصحيفة: "نحن في مواجهة ظاهرة عنف تكاد تكون غريبة علينا يعود مصدرها بشكل واضح الى الشرق الأوسط".
لكن "رند صباغ" وهي صحفية سورية مقيمة في ألمانيا، كان لها رأي خاص بشأن ما تعرضت له ألمانيا في الأيام الأخيرة وما نشرته صحيفة بيلد حيث قالت في حديث خاص: "إن هذه النظرة إلى اللاجئين باعتباهم جماعة واحدة فيه جهل وعنصرية، نحن مجموعات من البشر متباينة بالعلم والعقائد والأديان ومن غير المنطقي أن يتحمل كل هؤلاء ذنب جناية فردية، أما توظيف الإعلام خطابه لمصطلح "لاجئين" في كل حدث وإلقاء الضوء عليه دون مسؤولية أخلاقية، سينتج خطاب كراهية متزايد ضدهم".
وأضافت رند مستنكرة على ما ورد في صحيفة "بيلد" من أن هذه الجرائم دخيلة على المجتمع الألماني: "هذه الاعتداءات قديمة قدم التاريخ وباعتراف بعض أصدقائي الألمان، أما من اتهم اللاجئين بأنهم حملوا ثقافة الحرق من داعش فإن الكثير من مراكز اللجوء تعرضت لحرق من قبل نازيين لكن التعاطي الإعلامي معها لم يكن على المستوى الذي تعاطوا فيه مع الجنايات الأخرى".
وتابعت رند "نحن أيضاً نطالب بوقفة من قبل الألمان الشرفاء، إذ أن عام 2015 شهد 1037 اعتداء على لاجئين، فيما سجل 900 اعتداء في عام 2016".
يقول "كريستيان" وهو مواطن ألماني في حديث خاص: "بت أشك في تكرار هذه الحوادث ونسبتها للاجئين خاصة قبل الانتخابات السياسية التي قد تشهدها البلاد، نحن كنا مع احتضان اللاجئين وسنبقى، وعلى الرغم من استنكاري الكبير لها، إلا أني احتككت مع الكثير من اللاجئين ومن المجحف القول بأن هذه الفئة هي الوحيدة المسؤولة عما حدث، فكما في المجتمع الألماني هناك أشخاص سيئون فإننا يجب أن نستوعب أن هذا الحشد الكبير من اللاجئين بينهم سيئون أيضاً، وسنبقى مطالبين بمحاسبتهم".