أخبار الآن | لندن – بريطانيا ( وكالات )
أدى العثور على قنبلة تزن 500 كيلوغرام إلى إغلاق مطار لندن سيتي الاثنين، لكن هل تعلم أن القنابل العتيقة والذخائر غير المنفجرة، التي تعود لحروب سابقة وأخرى حديثة، تسبب ضررا لمدن في أكثر من 80 دولة حول العالم.
وفي هذا الاطار، اضطر الركاب المسافرون عبر مطار لندن سيتي في بريطانيا الاثنين إلى البحث عن خطط بديلة، بعد العثور على قنبلة تزن 500 كيلوغرام، بالقرب من نهر التايمز، تعود للحرب العالمية الثانية.
هذا الأمر يسببب إزعاجا بالتأكيد، لكن رغم ذلك فقد تجنب هؤلاء المسافرون نتائج أكثر ضررا، فوفقا لإحصاءات الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، فإن عدد ضحايا القنابل والأجسام غير المنفجرة من مخلفات الحروب، والتي تعرف بـ يو إكس إوز UXOs، يتجاوز 20 ألف شخص سنويا.
وعلى الرغم من حقيقة أن الأغلبية العظمى من حالات الوفيات تحدث في دول تأثرت بحروب حديثة، فإن الخطر بالنسبة للدول الأكثر استقرارا لا يجب إغفاله.
في عام 2015، قدرت دراسة عدد المواقع المحتملة لقنابل تعود للحرب العالمية الثانية في بريطانيا بنحو 21 ألف موقع.
وخلال ذلك العام نفسه عثر على تسع قنابل في لندن.
وخلال الحرب العالمية الثانية، استهدفت لندن وحدها بـ 17 ألف طن من القنابل، خلال الغارات الجوية الألمانية.
نالت لندن نصيب الأسد من الغارات الجوية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية
لكن المشكلة لا تقتصر على بريطانيا وحدها، حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 82 دولة وإقليم على الأقل تحوي ذخائر غير منفجرة، ويتعرض مواطنيها للموت بشكل يومي بسبب ذلك.
ويشكل تحديد مواقع مخلفات الحروب غير المنفجرة تحديا كبيرا، خاصة في الدول التي لا تمتلك موارد مالية، أو خبرة كافية للتعامل مع تلك المشكلة.
ومن أبرز أمثلة تلك الدول لاوس.
فيما بين عامي 1964 و1973 تعرضت تلك البلد لقصف عنيف، من جانب الولايات المتحدة، وذلك ضمن حرب أوسع في الهند الصينية.
وتشير السجلات العسكرية الأمريكية إلى أن نحو مليوني طن من المتفجرات أسقطت على ذلك البلد، بما فيها 270 مليون قنبلة صغيرة، انتشرت من ذخائر عنقودية.
ووفقا لمنظمات دولية، فإن 80 مليون من هذه القنابل لم تنفجر.
وبعد مرور أربعين عاما على انتهاء هذا النزاع، لا تزال تلك القنابل تقتل وتشوه الناس هناك.
ويقدر مسح أجرته المنظمة الاستشارية المعنية بالألغام Mines Advisory Group عدد الضحايا بين عامي 1974 و 2008 بنحو 40 ألف شخص، وعدد الضحايا اليومي بنحو 300 شخص على مدار العقد الماضي، و40 في المئة من بين تلك الحالات أطفال، يتعثرون في تلك المتفجرات.
وفي دولة أنغولا الأفريقية، تشير التقديرات إلى وجود نحو 20 مليون لغم أرضي، نتيجة الحرب الأهلية التي شهدها البلد بين عامي 1975 و2002، ما منع تلك الدولة من الاستفادة من أراض واسعة صالحة للزراعة، لأنها غير آمنة بسبب انتشار الألغام.
في 31 من أكتوبر/ تشرين الثاني من عام 2017، أمرت السلطات الألمانية بأكبر عملية إجلاء، منذ الحرب العالمية الثانية، حينما عُثر على قنبلة بريطانية تزن 1800 كيلوغراما، في موقع بناء في مدينة فرانكفورت.
واضطُر أكثر من 70 ألف شخص لإخلاء منطقة، بمساحة 1.5 كيلومتر.
وقبل يومين من تلك الحادثة، أجلى أكثر من 20 ألف شخص من مدينة كوبلنتس الألمانية أيضا، بسبب جسم كبير غير منفجر، عثر عليه عمال بناء.
وفقا للسلطات الألمانية ودراسات مسحية لمخلفات الحروب، فإن نحو 2000 طن من المتفجرات تكتشف في الآراضي الألمانية كل عام.
وبينما أسقطت ألمانيا نحو 74 ألف طن من المتفجرات فوق بريطانيا، فإن رد قوات الحلفاء كان أقوى بكثير.
وتشير تقديرات مؤسسة سميثسونيان، ومقرها الولايات المتحدة، إلى أن الـ 2.7 مليون قنبلة، التي أسقطتها قوات الحلفاء فوق أوربا، استهدف نصفها ألمانيا، لكن واحدة من 10 من تلك القنابل لم تنفجر.
ويمكن أن تصبح مخلفات الحروب أكثر خطورة مع مرور الوقت، لأن التفاعلات الميكانيكية والكيميائية تجعلها أقل استقرارا.
ومنذ عام 2000، قتل 11 فنيا في انفجارات عرضية في ألمانيا.
كانت فرنسا وبلجيكا في قلب الجبهة الغربية، من الحرب العالمية الأولى، بين عامي 1914 و1918، وهي المنطقة التي تحملت العبئ الأكبر من الـ 1.45 مليون قذيفة التي أطلقت خلال تلك الحرب.
ووفقا للحكومة الفرنسية، فإن أكثر من 600 فني متخصص في تفكيك القنابل قتلوا في هذه المنطقة، منذ عام 1946.
ونفذت بلجيكا خطة تعويضات، عن مخلفات الحروب غير المنفجرة، خلال السنوات الماضية. ودفعت أكثر من 140 ألف دولار، كتعويضات عن أضرار لحقت بمعدات المزارعين، بسبب "بقايا أجسام" متنوعة.
في يوغسلافيا السابقة، خلفت الحرب الأهلية في التسعينيات من القرن الماضي إرثا قاتلا.
البوسنة على سبيل المثال حازت على لقب حزين، وهو "أكثر دولة تحوي ألغاما أرضية في أوربا".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن 80 ألف جسم على الأقل من مخلفات الحروب، أغلبها ألغام أرضية، لا تزال مخبأة في آراضي البوسنة.
وتقول أرقام رسمية إن أكثر من 1500 شخص قتلوا أو أصيبوا، في حوادث في البوسنة، منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1995.
في عام 2016، حينما كانت شعبية لعبة "بوكيمون غو" في أوجها، أعربت منظمة خيرية عن قلقها، من أن محبي هذه اللعبة سوف يتجهوا إلى مناطق الألغام.
في كولومبيا، وضعت اتفاقية للسلام بين الحكومة وحركة فارك المسلحة نهاية لحرب أهلية، استمرت لخمسة عقود، وأسفرت عن مقتل نحو 220 ألف شخص.
لكن تطهير كولومبيا من الألغام لا يزال مهمة صعبة، حيث إنه منذ التسعينيات من القرن الماضي، قتل وأصيب أكثر من 11 ألف شخص، بسب الألغام الأرضية، ويمثل ذلك ثاني أعلى معدل في العالم بعد دولة أفغانستان.
وعلى الرغم من الجهود الأخيرة، إلا أنه لا يزال 507 من بين الـ 1120 بلدة ومنطقة في البلاد، يشتبه في أنها تحوي ألغاما.
عانت أفغانستان من الحروب على مدار أكثر من ثلاثة عقود، منذ عام 1979، ولذلك فإن آراضيها تتناثر فيها مخلفات الحروب.
وتجري جهود دولية لتطهير البلد من مخلفات الحروب، منذ عام 1988، لكن إحدى المنظمات الأهلية المنخرطة في تلك العملية، وتسمى هالو تراست، تقدِّر أن مساحة 570 كيلومترا مربعا من ذلك البلد لا تزال ملوثة بمخلفات الحروب.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن 23500 قتيل ومصاب بسبب بمخلفات الحروب سجلوا في أفغانستان، بين عامي 1979 و2015.
اقرأ أيضاً :