أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة
إيران بدأت بالفعل في تهريب النفط الخام، قبل أن تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ.
يبدو الأمر وكأنه قصة من قصص القراصنة، لكن عالم التجارة الدولية الذي كان عادة محاطًا بأسطول من السفن الشبح في الأسابيع الأخيرة، يسبب عدة ضغوطات ومتاعب في السياسة الخارجية الأمريكية.
إيران واحدة من أكبر موردي النفط في العالم، ووفقا للسجلات الرسمية، فإن البلاد صدرت حوالي 1.8 مليون برميل من النفط يوميا في الشهر الماضي، بانخفاض طفيف عن مستوى شهر آب/أغسطس، وبنسبة 40 بالمئة أقل من وقت الذروة والتي بلغت حوالي 3 ملايين برميل في شهر نيسان/أبريل الماضي.
من المرجح أن تنخفض الصادرات النفطية في الأسابيع المقبلة، حيث من المقرر أن تدخل العقوبات الأمريكية -والتي تهدف إلى إجبار طهران على التفاوض حول اتفاقية نووية جديدة – حيز التنفيذ الشهر المقبل. ففي حال نُفذت بالكامل وتم الالتزام بها، فإن العقوبات ستخفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر.
في المقابل يبدو أن الحكومة الإيرانية قد توصلت بالفعل إلى طرق مبتكرة حول تلك الجهود من خلال نقل ملايين البراميل من النفط الخام بطريقة خبيثة، فقد لاحظ مراقبو حركة ناقلات النفط العالمية تطورا جديدا مثيرا للفضول في الشهر الماضي، حيث قام حوالي 10 ناقلات يُعرف بحملها نفطًا إيرانيًا بإيقاف أجهزة الإرسال والاستقبال والمصممة لتتبع تحركاتها عبر نظام تحديد المواقع العالمي في ظروف غامضة.
بموجب القانون الدولي يعرف باسم الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر، يجب على قادة السفن ترك المرسلات المستجيبة – المعروفة باسم نظام التعريف الأوتوماتيكي أو AIS – تعمل في جميع الأوقات ولكن في بعض الأحيان، فإن السفن التي ترغب في التحرك دون أي قدر من التدقيق ستقوم بإيقافها، وحتى الآن لا يبدو المجتمع الدولي مهتمًا للغاية بوقفها.
أصبحت إيران مؤخرًا محورًا لهذا التكتيك ورحلة سفينة واحدة، تدعى داينو1، هي مثال جيد على كيفية عملها.
في 4 أيلول/سبتمبر، تظهر بيانات AIS أن ناقلة النفط العملاقة التقطت مليوني برميل من النفط الإيراني في جزيرة “خرج” ، وهي محطة تعبئة ضخمة في وسط الخليج العربي. ومن هناك، شقَّت السفينة طريقها عبر مضيق هرمز إلى المحيط الهندي، حيث غابت السفينة منذ 15 سبتمبر، لتعود للظهور على الشبكة بعد أكثر من عشرة أيام في حين مرّت عبر ممرات الشحن المزدحمة بالقرب من العاصمة الماليزية كوالالمبور، وأبقت مستقبلها يعمل أثناء قيامها بزيارة إلى مركز الشحن في سنغافورة في اليوم التالي، تاريخ 27 سبتمبر، ثم اختفت مرة أخرى لأكثر من أسبوع، قبل الظهور مرة أخرى قبالة سواحل تايوان يوم 5 أكتوبر، ثم ساد الظلام لبضعة أيام أخرى قبل تسجيل الخروج من ساحل كوريا الجنوبية وتسليم حمولتها في ميناء داليان الصيني في 13 أكتوبر.
ليست داينو1 “سفينة الأشباح” الوحيدة مثلما وصفها الخبراء، ويبدو أن رحلة رفع الحاجب جزء من محاولة مستهدفة للتهرب من العقوبات القادمة.
يقول ديفيد أديزنيك، مدير الأبحاث في مؤسسة أبحاث الأمن القومي والتي تتخذ من واشنطن العاصمة مقراً لها: “ما زلنا في حيرة من خلال دوافعهم الدقيقة، ولكن بشكل عام، فإن الأمر يتعلق بالمال”.
دفع تهديد إيران بالانسحاب من سوق النفط إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة، لذا فإن نشر أسطول من الناقلات يسمح لقادة طهران بأن يأخذوا حصتهم من الكعكة ليأكلوها عن طريق بيع النفط بنفس القدر الذي كانوا يحظون به في السوق.
سمير مدني، الشريك المؤسس لشركة TankerTrackers.com ، وهي الشريكة في تأسيس شركة مراقبة السفن يقول: “في إيران يفعلون ذلك أكثر لأنهم يعتقدون بحقيقة الأخبار المتناقلة عن أن الصادرات ستتراجع بشدة”، “هذا يساعد في تعزيز سعر النفط، إنهم لا يريدون أن تذهب أوبك إلى إنتاج أعلى”. مع أن أوبك كمنظمة الدول المصدرة للبترول إيران عضو فيها.
في الأيام الثلاثة عشر الأولى من أكتوبر، حسب TankerTrackers فإن إيران صدّرت بمتوسط 2.2 مليون برميل في اليوم، وهذا يمثل زيادة بنسبة 10 بالمئة عما كانت الشركة تراه في سبتمبر، ومئات الآلاف من البراميل أكثر مما تم الإبلاغ عنه في الأرقام الرسمية من منظمة أوبك.
ويقدر أن الأرقام الرسمية في بعض الأحيان تستحوذ على حوالي 20 بالمئة فقط من حركة ناقلات النفط في حين الـ 80 بالمئة الأخرى هي مطاردة القط والفأر التي تنطوي على صور الأقمار الصناعية.
هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها إيران مثل هذه الحيل، كانت آخر السفن الشبح الإيرانية تتقاطع في البحار إلى هذا الحد بين عامي 2011 و 2015، عندما فرضت الإدارة الأمريكية السابقة عقوبات على النفط الإيراني قبل توقيع الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الإدارة الحالية في البيت الأبيض.
ولا يذهب النفط الإيراني المهرب لإشباع شهية الصين للوقود، سوريا تقوم أيضا بإرشاد مشغلي الناقلات إلى إغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بهم قبل وصولهم.
رسميا، هناك عقوبات أمريكية على بيع النفط إلى سوريا، لكن إيران شحنت ما يصل إلى 60 ألف برميل يوميا إلى سوريا في آب/أغسطس الماضي، بقيمة تصل إلى 150 مليون دولار، حسبما تقول TankerTrackers.
“السفن الشبح” ليست النوع الوحيد من الذرائع التي تلعب حاليا في سوق النفط، يلاحظ زيادة ملحوظة في كمية البراميل التي تخزنها إيران في ناقلات غير نشطة، فهذه طريقة جديدة لكي يقوم النظام بإخراج النفط من دفاتره الرسمية، إلى أن يتمكن من العثور على مشترٍ في المستقبل، ففي آخر يوم من شهر أيلول/سبتمبر، شهدت الأقمار الصناعية 10 ملايين برميل قابعة في ست ناقلات عملاقة عائمة على الشاطئ في جزيرة “خارج”، ولم يتحركوا لعدة أيام.
هذا هو أكثر من 10 بالمئة من كل النفط الذي يستهلكه العالم كل يوم، فقط يتجول، ويبحث عن مشترٍ – ربما يكون شخصًا يرغب في القيام بأعمال تجارية حتى بعد فرض العقوبات الأمريكية الشهر المقبل، حيث يبدو الأمر وكأنه ممارسة من قبل إيران من خلال إخفاء هوية ناقلاتها بعد 4 تشرين الثاني، وهي تمارسه الآن بالفعل.
في كانون الثاني/يناير، أحرقت ناقلة النفط الإيرانية “سانشي” وغرقت في المياه على بعد 300 كيلومتر شرق شنغهاي بعد اصطدامها بسفينة شحن، كانت السانشي تحمل حوالي مليون برميل من المكثفات في ذلك الوقت، وجميع أعضاء الطاقم البالغ عددهم 32 مفقودين ويفترض أنهم ماتوا. وقال أديسنيك إن جهود الإنقاذ تعوقها حقيقة أن سانشي لم تبث إشارة AIS لمدة تسع ساعات على الأقل قبل التصادم.
من المرجح أن تتكرر المآسي مثل السانشي طالما أن المجتمع الدولي على استعداد للتغاضي عن ذريعة النقل البحري، فلدى طهران حافز على الاستمرار في القيام بذلك، فالأنظمة الاستبدادية غير معروفة بقدرتها على مواجهة الحقيقة بطريقة سريعة.
للمزيد: