أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (خاص)
تريليون دولار، اجمالي الناتج المحلي السنوي لعشرات الدول مجتمعة، وهو أيضا تقدير الأمم المتحدة لحجم تجارة المخدرات حول العالم عام ألفين وسبعة عشر، مع أن الخبراء يؤكدون أن المبلغ أكثر من ذلك بكثير؛ نظراً إلى السرية المحيطة بتجارة المخدرات. يبدو الأمر مُغرياً للغاية مع هكذا مبلغ من اثني عشر صفرا! مغريا لا بالنسبة فقط إلى عصابات المافيا والجريمة المنظمة، بل بالنسبة إلى الحكومات أيضا.
في بدايات السبعينيات، عززت كوريا الشمالية زارعة الخشخاش، مصدر الأفيون، الذي يُعد أكثر المخدرات الطبيعية رواجا وانتشارا؛ لا لاستخداماته المحظورة فحسب، وإنما لضرورته الطبية والصيدلانية: فهو المخدر الأول في العمليات الجراحية، ومشتقاته هي المكون الرئيس لأدوية تسكين الآلام المبرحة والمزمنة. والطلب عليه في تزايد مستمر.
في بداية التسعينيات، وتوقف الدعم السوفيتي لكوريا الشيوعية؛ إثر تفكك الإتحاد السوفيتي، بدأت كوريا في تنويع مصادر دخلها من العملة الصعبة، فزادت من إنتاجها للمخدرات الطبيعية كالأفيون، أو الكيمائية مثل الميث أمفيتامين ومنشّطات أخرى، والاكستاسي والام دي ام ايه. ليس ذلك فحسب، بل إن نشاطات كوريا الشمالية اللاشرعية امتدت لتشمل – على سبيل المثال لا الحصر – تهريب الآثار والممنوعات الأخرى في حقائب ديبلوماسية، وتقليد البضائع المختلفة على نطاق واسع يشمل السجائر، والمنتجات الصيدلانية، والساعات والأحذية، وغيرها الكثير. فضلاً عن ما يُسمى بالسوبر دولار الذي يقول خبراءٌ إنها عُملة مزورة للدولار الأمريكي يصعب بل يكاد يستحيل كشفها.
مخدرات في حقائب ديبلوماسية!
أكثر من أن تحصى هي المرات التي اعتُقل فيها ديبلوماسيون كُور في منافذ دول مختلفة، اعتُقلوا وبحوزتهم كميّات مهولة من المخدرات، ولكن اللافت في الأمر هو تزايد الإعتقالات في منافذ دول إسلامية وعربية: باكستان التي شهدت – فضلا عن توقيفات متعددة في المطارات – مداهمةً لمنزل ديبلوماسي كوري في مدينة إسلام آباد نهاية عام ألفين وسبعة عشر، المداهمة أسفرت عن ضبط آلافٍ من قناني الكحوليات المختلفة مُعدة للبيع والتوزيع. مصر وتركيا أيضا شهدتا عمليات اعتقال وضبط لكميات كبيرة من المخدرات بحوزة ديبلوماسيين كُور على مدى السنوات الماضية، وفقاً لتقارير إخبارية متعددة أكدت أن بيونج يانج أمرت ديبلوماسيّيها بنقل وترويج المخدرات، وأعدّتهم لذلك، وأن مصاريف البعثات الديبلوماسية كانت تُغطى بجزءٍ من أرباح المخدرات.
حكومة بيونج يانغ دعمت صناعة المخدرات الكيميائية بقوة، عبر مختبرات متطورة يخرج منها مُخدرا الميث أمفيتامين والكراك وأنواع شتى من المخدرات ذات الجودة والنقاء العاليين. وأصبح الميث الكوري ذا اللون الأزرق معروفا في الأسواق بنقاءه وسعره المرتفع، ومعروف أيضاً بآثاره المُدمرة التي تظهر أسرع بكثير من بقية أصناف الميث المتداولة بين المدمنين.
مدينتا تشونج چين و هيوچام الكورييتين يُعتقد أنهما موئل لمصانع المخدرات، وفقاً لمنشور في صحيفة القانون الصيني الدورية، التي أكدت أن المقاطعات الصينية المحاذية للحدود الكورية أمْست مناطق منكوبة! ما يؤكد أن بيونغ يانغ لا تستهدف فقط الدول الإسلامية، بل وصل خرابُها ومنتجاتها المُدمرة إلى الصين الشيوعية.
قانون أمريكي ضد أنشطة الغرفة السرية
في ظل العُزلة التجارية المفروضة عليها إثر أنشطتها الإرهابية، لم تتورع إدارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون عن المزاحمة في سوق المخدرات وغيرها من الأسواق اللاشرعية، كتجارة السلاح وغسيل الأموال، وسوى ذلك كثير. لكن زادت تلك العمليات عن حدها ما حدا ببارك أوباما – رئيس الولايات المتحدة السابق – إلى إصدار قانون خاص للحد من تلك العمليات. القانون جاء بالرغم من الديبلوماسية الأمريكية المتساهلة نسبيا مع كوريا الشمالية في عهد أوباما، ما يؤكد خطورة هذه النشاطات المنصوص عليها في الأمر التنفيذي رقم 13551 الذي جرّم أي تعاونٍ من قبل أي جهة كانت مع كوريا الشمالية في مجالات غسيل الأموال؛ تزوير العملات والبضائع؛ عمليات تهريب الأموال الضخمة؛ وأي أنشطة أخرى من شأنها دعم كوريا الشمالية.
ماهي الغرفة 39؟
مليارات الدولارت الواردة من أنشطة مختلفة هي بالتأكيد بحاجة إلى إدارة من أقسام مختلفة لإدراتها، هذا هو دور الغرفة 39: إدراة سرية للغاية في حكومة بيونج يانغ، وتسمى أيضا لجنة الإقتصاد الثانية التي تقتصر وظيفتها على الإشراف على أنشطة حكومة بيونغ يانج السرية اللاشرعية تحت غطاء العمل الديبلوماسي الشرعي؛ ما مكنّها من فتح سبعة عشر مكتب تمثيل خارجي لها حتى العام 2010.
الغرفة التي أُنشئت في بداية السبعينيات، تخضع لإشراف الزعيم الكوري كيم جونج أون المباشر، وتسخّرُ عدداً من الشركات الكورية الكبرى مظلةً لأنشطتها التي قٌدرت بـ 25 إلى 50 في المئة من مُجمل إقتصاد البلد. ولا يقتصر دور اللجنة على إدارة الأموال المتحصلة من الأنشطة اللاشرعية، بل مدّت أيديها إلى مُقدرات الشعب الكوري فاستحوذت على كثير من القطاعات الإقتصادية الرئيسة في البلاد من بينها التنجيم، والتصدير، والصناعات العسكرية، والصناعات الثقيلة لتضيف إلى دخلها مليارات أخرى، ملياراتٌ مخصصةٌ لا للشعب، وإنما للزعيم وأسرته وزمرته.