أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (غرفة الأخبار)
لا يتوانى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استغلال أية فرصة لرتشسيخ نفوذه المتعاظم في سوريا، ليجعلها منطلقاً لمخططاته التوسعية نحو العالم
جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه لاعباً أساسياً في سوريا بشكل عام والحرب فيها بشكل خاص.
منذ وقت مبكر قرر بوتين نشر قوة جوية للحيلولة دون سقوط النظام السوري. وما أن استقر وضْع بشار الأسد، حتى استخدمت روسيا قوتها الجوية في مساعدة هذا النظام على استعادة أراض من أيدي المعارضة المسلحة. وباتت إدلب آخر الساحات الرئيسية لهذه المعارك.
كان لـ بوتين، ومن ورائه روسيا العميقة، منذ البداية رؤية واضحة لما يريده في سوريا وكانوا جميعاً على استعداد كاف للمضيّ قُدماً في تنفيذ رؤيتهم.
وقد تسببت حملة جوية اشتركت فيها الطائرات الروسية والسورية في تهجير السكان وتدمير المستشفيات وغيرها من المرافق العامة، وهكذا أصبح اللجوء، بمعنى من المعاني، “سلاحاً” – يُرسّخ للتشريد والارتباك داخل سوريا ويصدّر ضغوطاً روسية على كاهل تركيا ومن ورائها الاتحاد الأوروبي.
لماذا تدعم روسيا الرئيس الأسد؟
سوريا حليف روسي قديم منذ زمن الاتحاد السوفياتي، وتحتفظ روسيا بقاعدة بحرية صغيرة في سوريا، وقد أصبح لها منذ تدخلها في الحرب السورية قاعدة جوية ومنشآت أخرى.
وتمثّل سوريا أحد مواقع النفوذ الخارجية القليلة المتبقية لموسكو. على أن التحالف بين الرئيس بوتين ونظيره السوري ليس قائماً على التاريخ فحسب وإنما أيضاً على الجغرافيا السياسية الصعبة.
وعلاوة على ذلك فإن وجود روسيا في سوريا يعتبر نواة لتوسّع روسي في المنطقة. ولقد هيّأ هذا الوجود الفرصة أمام روسيا لمغازلة تركيا -الحليف البارز في حلف شمال الأطلسي (ناتو)- في فرصة سانحة لإضعاف جبهة التحالف الأطلسي.
كيف يرسخ بوتين للنفوذ الروسي؟
يرى بوتين في انهيار الاتحاد السوفياتي مأساة كبرى، ويرى أنه من الضروري أن تستعيد روسيا مكانتها كلاعب أساسي على الساحة العالمية، وقد وجد بوتين في سوريا إحدى الوسائل التي تمكن بلاده من استعادة تلك المكانة.
إن بشائر عودة الدّب الروسي تظهر في أكثر من مكان. ولبوتين يدٌ مؤثرة في ليبيا، حيث تدعم قوات الجنرال حفتر ضد حكومة السراج.
كما أن روسيا داعمٌ أساسي للنظام الفنزويلي. ولا تكفّ روسيا عن لعب دور القوة العظمى في محيطها، وتمضي بلا هوادة في تحقيق مصالحها في جورجيا وأوكرانيا.
هل يمكن للغرب أن يتصدى لذلك الزحف الروسي؟
في مضمار عسكري ضيق النطاق، يحدث الشيء الكثير. وتشهد قوات الناتو تطويراً وتعيد ترتيب نفسها من أجل هذا العالم الجديد الذي يشهد تجدداً للتنافس بين القوى الكبرى.
وتنتشر المزيد من القوات الأمريكية الآن في أوروبا وتُجرى المناورات بوتيرة ونطاق متزايد بشكل ملحوظ.
لكنّ هذه المشكلة ليست عسكرية عند التحقيق، وإنما هي دبلوماسية وسياسية.
انفتاح فرنسي على روسيا
ثمة فراغ في القيادة يعايشه الغرب.
ويتبنى العديد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية موقفاً معارضاً بشدة لأنشطة موسكو، بينما يبدي الرئيس ترامب قدراً ملحوظاً من الثقة في الرئيس بوتين.
وفي ظل حالة عدم اليقين السياسية، لا يمكن اعتبار ألمانيا حاملةً للواء الغربي، كما لا يمكن اعتبار المملكة المتحدة حاملة لهذا اللواء في ظل انشغالها بالخروج من متاهة بريكست. فمَن إذن يحمل هذا اللواء؟
لقد مهدّت فرنسا الطريق لعودة الارتباط بموسكو. وقد وضع الرئيس إيمانويل ماكرون هذه العودة إلى موسكو بين أولويات سياسته الخارجية.
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي، قال الرئيس الفرنسي إن أوروبا بحاجة إلى استعادة نفسها كقوة استراتيجية. وأكد أن ثمة حاجة إلى “سياسة أوروبية تجاه روسيا .. لا سياسة أوروبية عابرة للأطلسي”.
وبينما يسود شعورٌ بأن مساعي فرنسا في هذا الصدد قد تضرّ بالتماسك الغربي وتعكر أجواءه – فإن موسكو تنظر بعين الرضا إلى تلك المساعي الفرنسية.
وما لم يحدث تغيّر أساسي على صعيد موقف الرئيس بوتين من الغرب، فإنه من غير المرجح أن نشهد أي شكل من أشكال التقارب بين روسيا والغرب، على الأقل في الآونة الراهنة.
مصدر الصورة: REUTERS
اقرأ المزيد: