أخبار الآن | ايران – reuters
في محاولة يائسة لتحمل رسوم ابنتها الجامعية في الخارج، سحبت المعلمة الإيرانية المتقاعدة البالغة من العمر 58 عامًا مريم حسيني جميع مدخراتها من البنك لشراء دولارات أمريكية.
ذلك لم يكن كافيا مع استمرارها في الدراسة لثلاث سنوات ، تعود ابنتها إلى الوطن ، إلا أن مستقبلها معلّق الآن.
حكاية حسيني حول الفقر المتزايد أصبحت مألوفة بشكل متزايد بين الإيرانيين، الذين اشتروا منذ فترة طويلة الدولار الأمريكي لدعم أطفالهم ماليا.
وتقول حسيني “على ابنتي أن تدفن حلمها بالدراسة في الخارج وعليها أن تعود”.
وتُضيف حسيني:” لم أعد أستطيع تحمل الأعباء”.
كان سبب بؤس حسيني هو الانخفاض الحاد في الريال الإيراني إلى أضعف سعر له مقابل الدولار الأمريكي. لم يجعل انخفاض العملة الحياة أكثر تكلفة فحسب ، بل قد يختبر أيضًا قدرة إيران على دعم اقتصاد يعاني من العقوبات الأمريكية الشديدة وفيروس كورونا المستجد.
تم عرض الدولار مقابل 215 ألف ريال يوم الاثنين ، وفقًا لموقع Bonbast.com ، مقابل سعر رسمي قدره 42 ألف.
أجبر انخفاض العملة في الأسابيع الأخيرة البنك المركزي على التحرك، وضخ مئات الملايين من الدولارات في السوق لتحقيق الاستقرار في الريال. ووصف محافظ البنك المركزي عبد الناصر هماتي هذا التدخل بأنه قرار “حكيم محدد الهدف”، وأضاف أن البنك لديه احتياطيات وفيرة من النقد الأجنبي، دون أن يكشف عن حجمها.
غير أن اقتصاديين قالوا إن العجز في ميزان المعاملات الجارية والموازنة بفعل الأزمة الاقتصادية قد يتطلب السحب من هذه الاحتياطيات، الأمر الذي يضعف قدرة إيران على الحد من التضخم المتفشي.
قال غاربس إيراديان ، كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد التمويل الدولي: “ايران لديها احتياطيات محدودة من العملات الأجنبية لضخها في السوق ولن يتمكنوا من احتواء المزيد من الانخفاض في وجود عقوبات أمريكية وعزلة عن المجتمع الدولي”.
وفقد الريال ما يقرب من 70 في المائة من قيمته في أعقاب الانسحاب الأميركي في 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في 2015 مع ست قوى عالمية، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية عليها.
وكانت الحكومة قد سعت لتعويض ذلك من خلال التعامل بعدة أسعار للصرف الأجنبي، بهدف تخفيف العبء المالي عن المستوردين، ولكن الريال واصل مسيرة الهبوط في السوق الحرة حتى بعد التدخل الأخير من جانب البنك المركزي.
والانخفاض الأخير في قيمة العملة مدفوع بالمخاوف في الأساس، إذ جاء بعد أن حثت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طهران على الكف عن منعها من دخول موقعين نوويين سابقين تحوم حولهما الشبهات. كما يرجع جانب من هذا الانخفاض إلى تدهور اقتصادي أوسع نطاقاً بسبب فيروس كورونا.
وقال نيلز دي هوج، الاقتصادي بمؤسسة أتراديوس للتأمين على الائتمان: «العامل الجوهري بدرجة أكبر هو تحول ميزان المعاملات الجارية من فائض تقليدي إلى عجز صغير في 2020 بسبب انهيار إيرادات تصدير النفط». وقال إن التقديرات تشير إلى أن البنك المركزي ما زال لديه احتياطيات كافية لدعم الريال، لكنها تتآكل لأنها تسهم في تمويل العجز في الموازنة.
وتحت وطأة العقوبات، يقدر أن صادرات النفط تتراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل يومياً، انخفاضاً من أكثر من 2.5 مليون برميل في اليوم في أبريل (نيسان) 2018. ويقدر صندوق النقد الدولي أن إيران ستسحب ما يقارب 20 مليار دولار من احتياطياتها هذا العام، لتصل إلى 85.2 مليار دولار، كما سيسحب 16 مليار دولار أخرى في العام المقبل.
ونسبت وسائل إعلام إلى مسعود خنصري، رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة، قوله إن التقديرات تشير إلى أن العجز في ميزانية الدولة سيبلغ 10 مليارات دولار بحلول مارس (آذار) 2021.
وقال خنصري إن نمو العجز في الموازنة، ونمو المعروض النقدي، سيؤديان إلى ارتفاع التضخم، وانخفاض الريال، وتضاؤل القوة الشرائية.
وأصبحت قصة الفقر المتصاعد حكاية مألوفة بين الإيرانيين الذين أقبلوا على شراء العملة الأميركية لدعم أولادهم مالياً، أو لحماية مدخراتهم.
وقال متعامل يدعى سوروش في طهران، رفض ذكر اسمه بالكامل، إن الحكومة طلبت من الإيرانيين عدم التخلص من الريال بشراء العملات الأجنبية، وإن أغلب المتعاملين في مكاتب الصرافة بوسط طهران يرفضون بيع الدولار.
وأضاف: “عندما بدأ الدولار يزداد قيمة مقابل الريال، أقبل الناس على مكاتب الصرافة لبيع الدولار، لكن الهدوء يسود الآن”. غير أنه لا يكاد أحد يفلت من الصعوبات الاقتصادية. فمن نخبة الأعمال إلى العمال العاديين، تشعر الأغلبية بتأثير هبوط الريال.
وتتزايد مشكلات الشركات والأعمال مع ارتفاع الضرائب، وانخفاض الدعم الحكومي لأسعار السلع، وتقيد الأسواق الخارجية بالعقوبات، وصعوبة الحصول على العملة الصعبة اللازمة لإبرام التعاملات.
وقال صاحب مصنع للأثاث في مدينة رشت الشمالية: “أزمة العملة، والعقوبات التجارية، أصابتنا بالشلل. وهناك أيضاً نقص في المواد الخام”.
وأصبحت أسعار السلع الأساسية، مثل الخبز واللحوم والأرز، تزداد بصفة يومية. كما أصبحت اللحوم سلعة نادرة عند كثيرين، وبلغ سعرها 10 دولارات للكيلوغرام.
وتنشر وسائل الإعلام، بصفة منتظمة، أخبار الاستغناء عن العمالة، وإضرابات العمال الذين لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر، بما في ذلك عمال مصانع مملوكة للحكومة.
وقال رضا محمود زادة، الموظف الحكومي: “الحياة مكلفة جداً؛ مرتبي لا يكفي لسد الرمق، وكل يوم يمر نزداد فقراً”.
ويقول صندوق النقد الدولي إن أغلب الإيرانيين مقبلون على زيادات أخرى في الأسعار، إذ تشير التقديرات إلى أن معدل التضخم سيبلغ 34.2 في المائة هذا العام.
وتريد المؤسسة الحاكمة في إيران الحيلولة دون تجدد الاضطرابات التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بسبب المصاعب الاقتصادية، وانقلبت إلى احتجاجات سياسية طالب فيها المحتجون برحيل كبار المسؤولين.
كيف كانت طريق إيران لإطلاق أول الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء؟
ماذا فعلت إيران لإطلاق أولى الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء؟ وما هي أهدافها وكيف تم إطلاقها؟ وما هي المساعدات التي قُدمت لها، ومواصفات تلك الأقمار؟ لمعرفة المزيد تابعوا التقرير التاليتطوير سيمرغبدأت الجهود الإيرانية لبناء قدرة إطلاق الأقمار الاصطناعية بإنشاء وكالة الفضاء الإيرانية ISA في فبراير 2004.
مصدر الصورة: Getty images
للمزيد: