“فاروق عصام قاسم” يبلغ من العمر 29 سنة من العراق، وصل النرويج في عام 2015 كلاجئ. وقال لمراسل “تطبيق خبر” إن الفصل الأول من حياته انتهى في العراق بعد محاولة اغتيال في بغداد. ترك العرق على إثرها متجهاً إلى تركيا ثم إلى اليونان بحراً، ثم تنقل عبر العديد من البلدان وصولاً إلى النرويج. وأضاف “انتظرت الموافقة على طلب لجوئي مدة عام ونصف، تعلمت خلالها عدة مهارات، منها قص الشعر والطهي وإنتاج الافلام. كما كان للفلسفة من هذا الوقت الذي سماه “قاسم” بالذهبي.
أكمل “قاسم” قصته لمراسل “تطبيق خبّر”، مشيراً إلى أن الفصل الثاني من حياته بدأ مع استلامه قرار اللجوء الذي تم بموجبه الاعتراف به كلاجئ في النرويج. وأوضح أنه انتقل للعيش في العاصمة النرويجية أوسلوا وأسس مع صديقه هيج هورسبيرج منظمة Fakkeltog التي “لديها رؤية لتحسين مستقبل الأشخاص الهاربين. كان هذا حلمي دائمآ، لأنني دائماً ما سألت نفسي إذا كنت أريد أن أكون قادراً على العمل كما فعلت في العراق. أريد إحداث تغيير في المجتمع”.
وصل “قاسم” بسرده قصته إلى الفصل الثالث من حياته، وهو العمل وتأسيس الحياة، لافتاً إلى أنه كان “شيئاً جديداً تماماً بالنسبة لي، ومختلفاً تماماً عن نفس السياق في العراق”. وشرح لمراسل “تطبيق خبّر” البدايات، قائلاً، “بدأت من الصفر، لكنني استخدمت خبرتي وطريقة تفكيري والبنية والمنهجية التي اكتسبتها في عملي في العراق. إذ أنه من المهم عدم التقليل من قيمة إعادة استخدام المعرفة التي لديك، وغالباً ما يُنظر إلى مشاريعنا على أنها “خارج الصندوق”، ويبدو أنها تتميز بالإبداع والابتكار والدقة العالية”.
وأعطى هذا المؤثر الشاب العراقي الأصل عدة أمثلة على مشاريع منظمة Fakkeltog. فعلى سبيل المثال “قمنا بتطوير مشاريع ساعدت على تغيير المجتمع. منها حملة #jegervalgt ، التي عملنا من خلالها على تحفيز الجالية العربية في النرويج لاستخدام حق التصويت في الانتخابات البلدية والمحلية في عام 2019. وهي مبادرة ساهمت في زيادة نسبة الوافدين الجدد الذين يصوتون، وعلاوة على ذلك، لدينا أيضاً مشروع “SHE” الذي يستهدف النساء اللواتي يتحدثن العربية كلغتهن الأم، ويهدف إلى زيادة مشاركتهن في المجتمع”.
وأضاف أنهم يديرون أيضاً مشروع نقل يعملون فيه بالتعاون مع شركات النقل العام وبلديات المقاطعات على خلق المزيد من فرص العمل في مجال النقل. وأعطى مثالاً مشروع “Crossroads” الذي أنشأوا فيه عرضاً منخفض التكلفة للشباب الذين يحتاجون إلى مساعدة لتطوير مشاريعهم. وأضوح أنهم يقدمون فيه دورات وإرشادات فردية في شكل الشركة والتمويل والتسويق والاتصال والمبيعات والتمويل، مشيراً إلى أنه “في مشروعنا الأخير، “أكاديمية التنوع”، نهدف إلى تحفيز شباب الأقليات للمشاركة في العمليات الديمقراطية. وفي اليونان، نتعاون مع مكتب استقبال لما يسمى بالمهاجرين غير المسجلين والموجودين في البر الرئيسي في مدينة لافريو الساحلية، حيث نساهم في شراء الطعام والأدوية ونرتب الأنشطة والتعليم للأطفال، وفي موطني العراق أيضًا، كان لدينا أنشطة للنساء والأطفال في مركز النازحين داخلياً”.
أردف “فاروق قاسم” أن التحدي الأكبر بالنسبة له كان اللغة، لكنه استطاع تخطي هذا التحدي وعقد عدد كبير من الاجتماعات، حتى أنه في عام 2018 أجرى 109 اجتماعاً مع صناع القرار في مجال الأعمال والمؤسسات، على حد قوله. وقال إنه ذائما ما يؤكد على أنه لا توجد حواجز يجب كسرها، “وبإرادة ومعرفة ذهبت إلى اجتماعات معدة بالنصوص النرويجية والإنجليزية. كانت استجابة النرويجيين إيجابية وداعمة، وهم يقرّون بالعمل الجاد”.
ومنذ البداية، فهم أنه بدون التعاون والانفتاح لن يصل إلى أي مكان، مشيراً إلى أنه من أجل الحصول على نتائج، تحتاج لدراسة المشكلات والحلول الممكنة، أكاديميا”، بالأرقام والتقارير. ولفت إلى أنه يؤمن بالتعاون وبالتالي يتعاونون في المؤسسة مع عدد كبير من المنظمات والمهنيين، مبيناً أنهم يتلقون ما معدله 5 استفسارات يومياً من الأفراد الذين يحتاجون إلى مساعدة في حل التحديات الشخصية.
ولفت “قاسم” إلى أن كل هذه الجوانب تطلب الطاقة والقوة والثقة في عملهم الخاص، ليس أقلها المساعدة والدعم من أولئك الأكثر خبرة. وقال، “أنا محظوظ جداً لكوني جزءاً من مجتمع صغير يسمى Business Station الذي شاركت فيه عن الأكثر تأثيراً في النرويج في مجال الثقافة والمعرفة وهناك العديد من الأشخاص ذوي الخبرة الطويلة والواسعة في مختلف المجالات.
كما ذكر “قاسم” أن إحد البنوك النرويجية ينظم جائزة سكولديركلاب السنوية، ويمكن ترشيح الأشخاص والمنظمات الذين “يريدون المزيد، ويجرؤون أكثر ويحدثون فرقاً” في الفئات الثلاث التالية: “الغرض الخيري”، و”الثقافة الرياضية والرياضات الشعبية” و”الثقافة والمعرفة”.
وأوضح أن تم هذا العام تقسيم الجائزة بين إجمالي 30 فائزاً من الفئات الثلاث، فحصل كل منهم على 18000 كرونة نرويجية، بالنيابة عن منظمة Fakkeltog ، التي يترأسها “فاروق قاسم”. وأشار إلى أنه كان من الفائزين ال10 في فئة «الثقافة والمعرفة» لعام 2020، في Torchlight، حيث “نعمل لمساعدة الأشخاص الهاربين، ولتعزيز حق جميع الأشخاص في حرية الدين والمعتقد في جميع أنحاء العالم”.
بعد الفوز، فتح فاروق قاسم صفحة في فيسبوك، “وشاهدت عشرات الرسائل من الشعب النرويجي، الذي رشحني لهذا اللقب، وكنت الوحيد من بين المرشحين الذين لديهم خلفية كلاجئ من أصول عربية وعراقية”. وختم قائلا لمراسل “تطبيق خبّر”، “ساعدني من أجل الفرح”!