زادت فرنسا تحركاتها لإبعاد المهاجرين المتطرفين المقيمين بشكل غير قانوني على أراضيها ومكافحة التهديد الإرهابي، وشمل ذلك جهوداً دبلوماسية وتعزيز تأمين الحدود وسلسلة توقيفات.
وقررت الحكومة تسريع حلّ الملف لإبعاد المهاجرين المتطرفين المقيمين بشكل غير قانوني على أراضيها والتحرك على كلّ الجبهات عقب حصول ثلاث هجمات خلال شهر واحد، بين نهاية أيلول/سبتمبر ونهاية تشرين الأول/أكتوبر. جرى الهجوم الأول أمام المقار القديمة لمجلة “شارلي إيبدو”، والثاني في كونفلان سانت أونورين والثالث في كنيسة السيدة العذراء في مدينة نيس.
في هذا السياق بدأ وزير الداخلية جيرالد دارمانان جولة الجمعة تشمل خاصة دولاً من المغرب العربي مع تركيز على موضوع “مكافحة الإرهاب والهجرة غير القانونية”، وفق ما أفادت أوساطه.
انطلقت جولته صباح الجمعة في روما حيث صرح أن المعركة “ضدّ الإرهاب هي معركة نخوضها ضدّ ايديولوجيا”، ودعا إلى “معركة ثقافيّة ضدّ هذه الايديولوجيا وتمويلها ومكان تواجدها ومَن يدعمها في الخارج”.
وتوجه دارمانان في اليوم نفسه إلى تونس التي نقل إليها رغبة بلاده في ترحيل نحو عشرين مواطناً تونسياً يُشتبه في أنّهم متطرّفون.
وقال وزير الداخليّة التونسي توفيق شرف الدين إثر لقائه الوزير الفرنسي، “تحدّثنا في خطورة ظاهرة الإرهاب، وهو تحدّ يواجهه العالم بأسره… يجب أن يكون هناك تعاون دولي”.
وفي ما يتعلّق بعمليّات ترحيل محتملة لتونسيّين من فرنسا، أوضح شرف الدين أنّ “كلّ من يثبت أنّه تونسيّ مرحّب به في بلده، والمسألة تخضع إلى نصّ قانوني، والفصل 25 من الدستور يمنع أصلاً رفض قبول عودة التونسي إلى بلده”.
ويتحدث الوزير منذ أسابيع عن وجود قائمة تشمل 231 أجنبياً مقيمين بطريقة غير قانونيّة في فرنسا وملاحقين بشبهات تطرّف. وينتمي سبعون بالمئة منهم إلى أربع دول، ثلاث منها من المغرب العربي، فضلاً عن روسيا التي يزورها دارمانان “في الأيّام المقبلة”، وفق أوساط الوزير.
وأوضحت المصادر نفسها أنّ هناك نحو ستّين تونسياً في وضعيّة إقامة غير قانونيّة في فرنسا، 20 منهم عرضة للترحيل الفوري عقب استنفادهم كلّ الإجراءات، قائلةً إنّ هناك عدداً مقارباً من المغاربة والروس وآخر أقلّ من الجزائريين.
وأكّد الوزير الفرنسي أنّ هناك “تعاوناً جيّداً لضمان عدم إطلاقهم بدون رقابة”.
ووصل دارمانان بعد ظهر السبت إلى الجزائر في زيارة تمتد يومين يلتقي خلالها نظيره كمال بالجدود ووزير الخارجيّة صبري بوقادوم، ويتوجّه إثر ذلك إلى المغرب.
وأفادت أوساط الوزير أن من بين الأهداف هو منح تراخيص قنصلية لترحيل المعنيين في ظل القيود المفروضة على الحدود بسبب فيروس كورونا المستجد.
26 ترحيلاً
وتواجد جيرالد دارمانان إلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارة الخميس لنقطة على الحدود الفرنسية الإسبانية جاءت لإظهار الرغبة في إبعاد المهاجرين المتطرفين المقيمين بشكل غير قانوني على أراضيها و”تعزيز” مكافحة الهجرة غير القانونية وشبكات تهريب البشر “التي يتزايد ارتباط كثير منها بشبكات إرهابية”.
وأعلن ماكرون مضاعفة عديد قوات الأمن المنتشرة عند الحدود الفرنسية، من 2400 إلى 4800.
وقال مدير حرس الحدود في المكان إنّ قوات الأمن أوقفت منذ بداية العام نحو 30 شخصاً مصنفين على انّهم يهددون الأمن الوطني.
وأوضحت وزارة الداخلية الفرنسية أنه جرى حتى الآن ترحيل 26 من بين الأجانب الـ231 الذين تحدث عنهم دارمانان. كما يوجد “أكثر من مئة” في مراكز الاحتجاز الإداري التي يوضع فيها المقيمون بشكل غير قانوني في انتظار ترحيلهم.
ورغم صعوبة إجراء عمليات الترحيل حالياً، طلب وزير الداخلية من محافظي المناطق الاحتفاظ بجميع هؤلاء في مراكز الاحتجاز.
وأقرت وزارة الداخلية أنه “توجد صعوبة متزايدة” لإجراء الترحيلات “أولاً بسبب كوفيد-19 وغلق الحدود. كما يجب على البلدان الأصلية قبول ترحيلهم، ويتطلب ذلك وقتاً. ويمكن أيضاً لهؤلاء الأشخاص أن يقدموا طعوناً إدارية. يمنع القانون الدولي ترحيلهم إلى دول تشهد حروباً على غرار سوريا وليبيا”.
من جهته أكد حسن نداو المسؤول في جمعية “ريفوجي كوسي” التي تقوم بأنشطة في عدة مراكز احتجاز إداري، أنه “من الواضح أن الأولوية تمنح لإيداع هؤلاء الأشخاص (في المراكز)”.
ونبّهت سيلين غويو من جمعية “أسفام” من احتمال استعمال التهديد الأمني كمسوّغ “لتسهيل ترحيل عدد أكبر من الناس”.