حذّر رئيس وزراء أثيوبيا أبيي أحمد الإثنين قادة إقليم تيغراي المتمرّدين الذين فرّوا إثر سيطرة قوات أديس أبابا على عاصمة الإقليم الانفصالي ميكيلي بعد قتال استمرّ أكثر من ثلاثة أسابيع من أنّهم في مرمى نيران الجيش، في تهديد ردّ عليه زعيم الانفصاليين بالقول إنّ المعارك لا تزال مستمرّة.
وقال رئيس إقليم تيغراي ديبريتسيون جبريمايكل لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إنّه مصمّم على البقاء في المنطقة لمواجهة “الغزاة”، مؤكّداً أنّ “القتال مستمرّ”، وذلك بعد يومين من إعلان أبيي النصر العسكري على قوات جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الذي كان يدير هذه المنطقة الواقعة في شمال البلاد بعد أن هيمن على السلطة في أديس أبابا على مدى ثلاثة عقود.
واتّهم الزعيم الانفصالي رئيس الوزراء بأنّه “يحاول خداع المجتمع الدولي بإيهامه بأنّ كلّ شيء قد انتهى”.
وكان أبيي الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2019، أرسل الجيش إلى تيغراي في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر بهدف استبدال السلطات المحلية التابعة لـ”جبهة تحرير شعب تيغراي” بـ”هيئات شرعية”، بعد أن تحدّت الجبهة على مدى أشهر سلطة الحكومة المركزية.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الاثنين رئيس الوزراء الاثيوبي إلى “وقف تام للمعارك” والسماح “للطواقم الإنسانية بدخول” اقليم تيغراي “من دون معوقات”.
وكتب بومبيو على تويتر بعد مشاورات هاتفية مع أبيي “من الضروري حل النزاع القائم وإبقاء إثيوبيا على طريق الديموقراطية”.
وكان أبيي اعلن مساء السبت أن الجيش حقّق أحد أهدافه الرئيسية عبر السيطرة على ميكيلي، عاصمة الإقليم حيث كان يتحصّن القادة المتمرّدون، وأنه “تتم مطاردتهم” حالياً لتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء.
والإثنين أجاب أبيي على مدى قرابة أربع ساعات على أسئلة النواب.
وقال مخاطباً قادة جبهة تحرير شعب تيغراي، “أريد أن يسمعوني: نرى منذ مساء أمس (الأحد)، قرابة منتصف الليل، من غرفة الأزمة اضطراباً في المنطقة الممتدة من هغاري سلام إلى أبيي أدي”، وهما محلتان واقعتان على بعد نحو خمسين كلم نحو غرب ميكيلي.
أضاف “لم نهاجمهم ليلاً لأنهم أخذوا معهم زوجاتهم وأطفالهم وجنودنا الأسرى”، محذّراً من أن “ذلك لن يستمرّ”.
ويجعل التعتيم شبه الكامل على تيغراي منذ بدء النزاع، التحقق المستقل من المعلومات التي يقدّمها كلا المعسكران، صعباً.
وليس هناك حتى الآن حصيلة دقيقة للنزاع الذي استمرّ قرابة أربعة أسابيع، لكنّ مجموعة الأزمات الدولية تحدثت الجمعة عن “آلاف القتلى في المعارك” بينهم “الكثير من المدنيين”. وفرّ أكثر من 43 ألف إثيوبي من إقليم تيغراي إلى السودان المجاور.
وأعرب المجتمع الدولي مراراً عن قلقه حيال تداعيات العملية العسكرية على المدنيين، وتحدثت الأمم المتحدة عن احتمال حصول “جرائم حرب”، لكنّ أبيي أكّد الاثنين أن الجيش لم يوقع أي ضحية في صفوف المدنيين أثناء عملية استعادة السيطرة على ميكيلي ومدن أخرى في تيغراي.
وأكد رئيس الوزراء أن “ميكيلي لنا”، “لن ندمّرها” مشيراً إلى أنّه “لم يصب أي شخص بجروح أثناء العملية على ميكيلي”.
ونفى تصريحات سلطات تيغراي بشأن ضربات جوية تسبّبت بمقتل كثير من المدنيين، مؤكّداً أن “99% (من المقذوفات) أصابت أهدافها و99% لم تتسبّب بأضرار جانبية”.
وقال “عندما يكون لدينا شكّ، لا نقصف، خصوصاً أثناء الليل، لأننا لا نريد أن نقتل أطفالاً، إنهم أطفالنا”.
وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد أن مستشفيات ميكيلي مكتظة بفعل تدفّق الجرحى، بعد 24 ساعة على إعلان استعادة المدينة، من دون تحديد ما إذا كان هؤلاء عسكريين أو مدنيين.
وأعربت المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان، وهي هيئة مستقلة إدارياً إلا أن مديرها يعيّنه رئيس الوزراء، الاثنين عن “قلقها الشديد”، بعد ملاحظة عمليات مراقبة تجريها قوات الأمن مبنية على الأصل العرقي “على الرّغم من (عدم وجود) أي إطار قانوني يسمح بالتنميط العرقي”.
وشدّد أبيي الاثنين على أن اللاجئين في السودان يمكنهم أن يعودوا بسرعة إلى إثيوبيا، في وقت قال فيه بعضهم لوكالة فرانس برس إنهم يشعرون بالخوف من عودتهم إلى تيغراي التي باتت تحت سيطرة القوات الحكومية.
ولم يكفّ التوتر عن التصاعد بين جبهة تحرير شعب تيغراي وأبيي منذ أن أصبح الأخير رئيساً للوزراء عام 2018 واستبعد تدريجياً من الحكم الحزب الذي هيمن على مدى ثلاثين عاماً على الجهاز السياسي والأمني في البلاد.
وبلغ التوتر ذروته مع تنظيم انتخابات في تيغراي في ايلول/سبتمبر اعتبرتها أديس أبابا “غير شرعية”، وبعدها مع شنّ قوات تيغراي هجوماً على قاعدتين عسكريتين في الإقليم، الأمر الذي تنفيه جبهة تحرير شعب تيغراي.