خلص الاتحاد الأوروبي والمملكة المتّحدة مساء الخميس إلى صعوبة التوصّل إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكست رغم التقدّم المحرز في بعض المجالات إذ إنّ المفاوضات تتعثر خصوصاً بشأن ملف الصيد البحري.
ففي ختام اتصال هاتفي في محاولة لتحسين الوضع مساء الخميس، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لايين ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن تشاؤمهما.
وقالت فون دير لايين “قمنا أنا وبوريس جونسون بتقييم المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي و لندن. ورحبنا بإحراز تقدم كبير في العديد من القضايا. ومع ذلك، لا تزال هناك اختلافات كبيرة، ولا سيّما بشأن الصيد. سيكون تجاوزها صعبًا للغاية. المفاوضات ستستمرّ غداً (الجمعة)”.
وقال جونسون من جهته إنّ الطلبات الأوروبية بهذا الخصوص “غير معقولة”، محذّراً من أنّ فشل المحادثات “لا يزال مرجّحاً جداً” في حال لم يقم الاتحاد الأوروبي بتنازل كبير.
وقال مصدر بريطاني إنّ لندن “لا تزال مستعدة لمواصلة المفاوضات والمصادقة على اتفاق حتى في وقت متاخر. لكن أي اتفاق يجب أن يدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير ولن تستمر بريطانيا بأي شكل من الأشكال بالمباحثات” بعد ذلك.
وقال مصدر أوروبي لوكالة فرانس برس “على صعيد الصيد البحري، الوضع معقّد فعلاً بين لندن وبروكسل والاتفاق رهن بذلك”.
وكان يوم المباحثات استهل الخميس على مؤشرات إيجابية.
وقال المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه أمام النواب الأوروبيين إن التوصل إلى اتفاق بحلول الجمعة “صعب ولكنه ممكن”، بشرط تحقيق تفاهم حول ملف الصيد البحري الذي يمثل حجر عثرة.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، ستخضع المبادلات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لقواعد منظمة التجارة العالمية، ما يعني فرض رسوم جمركية وحصص، مع ما يرافق ذلك من تداعيات على اقتصادات متضرّرة أصلا من فيروس كورونا المستجد.
حيال هذه الشكوك أعدت الدول الاوروبية تدابير طارئة للحفاظ على الرحلات الجوية والنقل البري مع بريطانيا لستة اشهر اذا التزمت لندن ايضا بذلك. ووافق البرلمان الاوروبي الخميس على تدابير موقتة لضمان استمرارية حركة المرور في النفق تحت المانش بين فرنسا وبريطانيا.
تعثر المفاوضات بين لندن وبروكسل
وفي ختام لقائهم مع بارنييه، حذر زعماء الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي من أنهم في حال لم يتلقوا نص اتفاق بحلول “منتصف ليل الأحد”، لن يتوافر لهم ما يكفي من الوقت للمصادقة عليه ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير 2021.
وأشار رئيس كتلة الخضر فيليب لامبيرتس إلى أن المهلة الممنوحة للبرلمان قصيرة جدا في نظره.
وأضاف محتجا “بالنظر إلى حجمها وأهميتها السياسية، لا يمكن للبرلمان أن يعتمد هذه الاتفاقية في بضعة أيام”. وتقع هذه الوثيقة في أكثر من 700 صفحة.
ومن دون مصادقة البرلمان هذا العام، يمكن أن يدخل الاتفاق المستقبلي حيز التنفيذ بشكل موقت في الأول من كانون الثاني/يناير. وتعتبر الدول الأعضاء أن هذا الخيار هو “الأفضل”، وفق ما أفاد مسؤول أوروبي كبير، وسيكون حينها على البرلمان النظر فيه والمصادقة عليه مع مفعول رجعي.
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إنه يمكن في حال التوصل لاتفاق استدعاء برلمان البلد للانعقاد خلال 48 ساعة، بعدما علق أعماله الخميس، ويشمل ذلك عطلة نهاية الأسبوع.
وأشار ميشال بارنييه الخميس إلى تحقيق “تقدم جيد” في المباحثات، رغم وجود “عقبات”، وذكّر أن الاتحاد الأوروبي لن يوقع إلاّ على “اتفاق يحمي مصالحه ومبادئه”.
وتحسنت في الأيام الأخيرة فرص التوصل إلى اتفاق مع تحقيق تقدم في ميادين عدة
وقال بارنييه للنواب إن الاتحاد الأوروبي قبل مبدأ وضع “فترة انتقالية”، بدون أن يحدد مدتها، تستعيد المملكة المتحدة في نهايتها السيطرة على مياهها ويمكنها نظريا غلقها أمام الصيادين الأوروبيين. ويطالب الاتحاد بتعويضات في حال منع صياديه من العمل في مياه المملكة.
ووفق مشاركين في الجلسة، شدد المسؤول الأوروبي على أن “المملكة المتحدة تعلم أنه من دون تفاهم حول الصيد، لن يكون هناك اتفاق”.
أما الملفان الآخران اللذان يعيقان تقدم المفاوضات، وهما شروط المنافسة العادلة وطريقة إدارة الاتفاق المستقبلي، فيبدو أنهما في طريقهما للحل.
في ما يخص الضمانات التي يطالب بها التكتّل في ملف المنافسة لضمان فرص عادلة أمام شركات الطرفين، يبدو أن المملكة المتحدة قدمت تنازلات.
ووفق مشاركين، التزمت لندن عدم التراجع عن الشروط المتفق عليها.
وفي حال قدّر أحد الطرفين أنه جرى الاخلال بالاتفاق، يمكنه اتخاذ تدابير مضادة على غرار فرض رسوم جمركية على قطاعات بعينها، إذ يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفرض مثلا ضرائب على صناعة السيارات البريطانية في حال لم تحترم لندن القواعد المتعلقة بالبيئة في قطاع صناعي آخر.