تسعى جماعة “طالبان” الإرهابية في أفغانستان إلى تكبيل حرية النساء ومنع الفتيات من التعليم. فخلال السنوات الماضية، طوّقت “طالبان” إرادة النساء بالتقدّم، وفرضت الكثير من العوائق أمامهنّ، حتى أنها عمدت إلى أساليب مروّعة لإحباط فرص التعليم التي تساهم في تقدمّهنّ في المجتمع. وبحسب اعتقاد “طالبان”، فإنّ “تعليم الإناث يتعارض مع التعاليم الإسلامية وينشر الابتذال في المجتمع”.
“طالبان” تهدد.. هذا ماذا حصل في يوم 26 ديسمبر/كانون الأول عام 2008
وفي مثل هذا اليوم (26 ديسمبر/كانون الأول) من العام 2008، أمرت “طالبان” بإغلاق جميع مدارس الفتيات في وادي سوات، وحذرت الآباء والمعلمين من عواقب انتهاك الحظر المفروض عليهم، وحينها تمّ الإعلان عن ذلك في المساجد، كما جرى بث هذا التحذير عبر الإذاعة.
ومع هذا، فقد حدّدت “طالبان” يوم 5 يناير/كانون الثاني 2009 كموعدٍ نهائي لامتثال الناس لأوامرها، وإلا فإن مسلحيها سيعمدون إلى تفجير مباني المدارس ومهاجمة الطالبات في المدارس.
وتولّت الجماعة المتشددة السلطة في أفغانستان لحوالى 5 سنوات تقريباً، وذلك من العام 1996 وحتى الـ2001، وهو عام دخول الولايات المتحدة إلى البلاد.
وحُرمت النساء في عهد “طالبان” من التعليم أو العمل، وهي حقوق تحرص الأفغانيات على حمايتها بشدة اليوم. ومع هذا، فإن المخاوف من عودة سطوة “طالبان” على البلاد كبيرة بعد انسحاب القوات الأمريكية، حيث أنّ وصول هذه الحركة إلى الحكم سيؤثر على حق المرأة في العمل والحرية والاستقلال.
ومع هذا، فإنّ الأطفال منعوا من التعليم في أفغانستان، وقالت منظمة “أنقذوا الأطفال” أنّ ما يصل إلى 5 أطفال، قتلوا أو جرحوا كل يوم على مدى السنوات الـ14 الماضية في البلاد التي مزّقتها الحرب.
وذكرت المنظمة التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، أنّ الصراعات في أفغانستان أسفرت عن مقتل وإصابة 26025 طفلاً في الفترة الممتدة من العام 2005 إلى 2019. ووفقاً للمنظمة، تعتبرُ أفغانستان من بين أخطر 11 دولة في العالم على الأطفال.
وتشير البيانات إلى أنه في العام 2019، قتل 874 طفلاً وأصيب 2275 آخرون في أفغانستان، مشيرة إلى أنّ أكثر من ثلثي القتلى والمشوهين العام الماضي كانوا من الفتيان، نتيجة الاشتباكات بين القوات الموالية للحكومة والقوات المعارضة لها، أو بسبب العبوات الناسفة في الهجمات الانتحارية وغيرها.
وفي العام 2017، كشف تقرير لمنظمة “هيومن رايتس وتش” أن 85% من الفتيات لا يذهبن إلى المدرسة في أفغانستان. وما يزيد الطين بلة، هو أن حركة طالبان تقف بالمرصاد لجهود الأهل في تعليم أطفالهم وتحرّم تعليم الفتيات في المناطق التي تسيطر عليها.
وتعتبرُ عملية “تسميم الفتيات” من الوسائل التي تلجأ إليها طالبان لمنعهنّ من الذهاب إلى المدرسة. ففي العام 2018، أصيبت ما لا يقل عن 48 تلميذة أفغانية بإعياء في مدرسة ثانوية بولاية هلمند جنوبي البلاد. وقبل ذلك، أي في العام 2012، جرى نقل 40 طالبة في اقليم طخار للمستشفى اثر اصابتهن بالغثيان والدوار.
ورغم نفي الحركة المتشددة لضلوعها بهذه الأعمال، إلا أن ممارساتها تؤكد على ذلك، خصوصاً أنها تهاجم الفتيات وتستهدفهنّ بشكل مباشر لإنهاء حياتهنّ. وفي العام 2012، أضرم إرهابيو “طالبان” النيران بمدارس في أنحاء متفرقة من افغانستان، وعولج مئات الاطفال في مستشفيات، بعد أن شربوا مياها ملوثة.
ملالا يوسفزاي تنتصر على “طالبان”
وفي منتصف العام 2020، وبعد 8 سنوات من محاولة قتلها على يد مسلحي “طالبان” لرغبتها في التعلم والحصول على شهادة، نالت الشابة الباكستانية ملالا يوسفزاي، شهادتها في الفلسفة والعلوم السياسية والاقتصاد من جامعة أكسفورد المرموقة.
وقالت ملالا في تغريدة لها عبر “تويتر خلال شهر يونيو/حزيران الماضي: “يصعب أن أعرب عن مدى سعادتي، لقد تخرجت للتو وأنهيت درجتي العلمية في الفلسفة والسياسة والاقتصاد في أكسفورد”.
Hard to express my joy and gratitude right now as I completed my Philosophy, Politics and Economics degree at Oxford. I don’t know what’s ahead. For now, it will be Netflix, reading and sleep. 😴 pic.twitter.com/AUxN55cUAf
— Malala Yousafzai (@Malala) June 19, 2020
وتحقق هذا الإنجاز بصعوبة بالغة، إذ أن الجماعة الإرهابية استهدفت ملالا بسبب اعتراضها على التشدد وعلى القيود التي تفرضها الجماعة الإرهابية على تعلم الفتيات.
وتعرضت ملالا لإطلاق نار وهي عائدة لمنزلها من المدرسة في وادي سوات عام 2012، ثم سافرت إلى مدينة برمنغهام البريطانية لتلقي العلاج ولحقت بها أسرته في نهاية المطاف.
وخلال شهر أغسطس/آب، منعت “طالبان” 200 فتاة في بدخشان بأفغانستان، من إجراء امتحانات القبول في الجامعة، وذلك من خلال التهديد بفرض غرامات ماليّة عليهنّ.
وحينها، قال مسؤولون محليّون في المنطقة أنّ “طالبان هدّدت بتغريم أي طالبة تحاول إجراء الامتحان بمبلغ 40 ألف أفغاني”، مشيرين إلى أن “الجهود قائمة لضمان دخول هؤلاء الفتيات إلى الإمتحانات”.
لا نريد العيش تحت حكم طالبان
وسرد تقرير سابقة لوكالة “apnews” قصة عددٍ من النساء الأفغانيات اللواتي لا يرغبن في العيش تحت سطوة “طالبان” في بلادهنّ.
تعتبر الشابات في أفغانستان أكثر الفئات ضعفاً وربما الأكثر تحدياً، وهم من الجيل الأكثر عرضة للخطر. وبحسب التقرير، فإنّ “الشابات يشعرن بالقلق من خسارة ما تم اكتسابه خلال ما يقرب من عقدين من الزمن، وهنّ يطالبن بصوتٍ في محادثات رفيعة المستوى لتحديد مستقبل بلادهنّ”.
وأشار التقرير إلى أنّ “الجيل الشاب راقب المفاوضات القائمة على سحب القوات الأجنبية من أفغانستان، وبقاء طالبان التي لا يعرف أحد كيف ستتعامل مع الناس وبماذا تفكر”.
وحالياً، فإنّ الجماعة الإرهابية تسيطر على نصف أفغانستان تقريباً، وموقفها الآن أقوى من أي وقت مضى. وبالنسبة لحقوق المرأة في البلاد، فإنّ الولايات المتحدة قالت أنها ستترك للأفغان القرار بالتعامل مع هذا الأمر.
من جهتها، تقول لكاريشما ناز، وهي مذيعة تبلغ من العمر 23 عاماً، أنها “تشك في أن طالبان قد غيرت من معتقداتها، وتتخيل أنها ستكون أمام خيارين: إما أن تبقى داخل منزلها أو أنها ستغادر البلاد، والخيار الثاني هو غير متاخ للعديد من النساء الأفغانيات الشابات”.
“ماما بوكو حرام”.. قصة أم كافحت لتنقذ “أطفالها” من براثن الإرهاب
تجلس عائشة وكيل، البالغة من العمر 51 عامًا في مكتبها بمدينة مايدوغوري شمال شرق نيجيريا، تتحدث إلى مقاتل متشدد يدعى عثمان. عائشة ترتدي النقاب، معظم وجهها مغطى، يمكن رؤية عينيها فقط اللتان أنهكتهما التجاعيد، غرفة مكتبها تفوح منها رائحة البخور الزكي. عثمان وعائشة كانت أصواتهما خافتة وهما يتحدثان، إنهما يحاولان وضع خطة سرية لتحرير فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا كانت رهينة لدى “بوكو حرام” وهي جماعة متشددة تقوم بعمليات قتل وتفجير واختطاف في نيجيريا.