طالب الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الصين بالإفراج الفوري عن المواطنة الصحافية تشانغ شان وناشطين من هونغ كونغ وعدد من الصحافيين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين، وذلك غداة قرار يمهد لاتفاق لتبادل حماية الاستثمارات مع بكين بعد تقدم في المفاوضات.
وكانت الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مهدت الاثنين لاتفاق حماية متبادلة للاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين، بعد “تقدم” في المفاوضات بشأن التزامات بكين مكافحة العمل القسري، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية.
وقال أحد هذه المصادر إنه بعدما أبلغت المفوضية الأوروبية “بالتطورات الإيجابية الأخيرة في المفاوضات مع الصين بما في ذلك ظروف العمل”، رحب ممثلو الدول الأعضاء في الاتحاد في اجتماع في بروكسل “بهذا التقدم بشكل واسع”.
وأضاف أن ألمانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر “أشارت في نهاية الاجتماع إلى أنه لم يلوح أي ممثل بالبطاقة الحمراء لوقف (العملية) ونتيجة لذلك فتح الطريق أمام ضوء أخضر سياسي”.
ودعا دبلوماسي آخر مع ذلك إلى التزام “الحذر” بانتظار موافقة الصين، موضحا أن إعلانا رسميا يمكن أن يصدر عن المفوضية بكين “بحلول نهاية الأسبوع”.
وكانت هذه المفاوضات بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 بهدف التوصل إلى اتفاق لحماية متبادلة للاستثمارات الأوروبية في الصين واستثمارات الدولة الآسيوية العملاقة في الاتحاد الأوروبي بشكل متبادل.
غداة هذا التقدم، دعا الاتحاد الأوروبي الصين إلى الإفراج عن تشانغ شان ومدافعين عن حقوق الإنسان وشخصيات مسجونة في الصين لنشرها معلومات عن “المصلحة العامة”، وكذلك 12 ناشطا من هونغ كونغ اعتقلوا اثناء محاولتهم الهرب بحرا من المستعمرة البريطانية السابقة.
وقال ناطق باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان إن “استمرار القيود المفروضة على حرية التعبير وعلى الوصول إلى المعلومات، والترهيب والرقابة على الصحافيين يشكل مصدر قلق بالغ”، مشيرا إلى “الاعتقالات والمحاكمات والعقوبات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والمثقفين” في الصين.
وتشانغ من شنغهاي أصلا وتوجهت إلى ووهان التي كان ينتشر فيها فيروس كورونا المستجد في شباط/فبراير. وقد نشرت تقارير مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي تتعلق خصوصا بالفوضى في المستشفيات، وحكم القضاء الصيني الإثنين على تشانغ التي أوقفت في أيار/مايو، بالسجن أربع سنوات بعد إدانتها “بإثارة اضطرابات”.
وأكد الناطق الأوروبي “بحسب مصادر موثوقة، تعرضت تشانغ للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازها، وتدهورت صحتها بشكل خطير، ومن الضروري تلقيها المساعدة الطبية المناسبة”.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى الإفراج الفوري أيضا عن المحامي يو ونشنغ الذي تم تأكيد الحكم عليه بالسجن أربع سنوات في منتصف كانون الأول/ديسمبر، بعد استئناف حكم سابق.
كما طالب بالإفراج عن المحامين لي يوهان وغاو تشيشنغ والمدونين المعارضين هوانغ تشي ويو غان، والمدافع عن حقوق الإنسان غي غويبينغ (الذي اعتُقل في عام 2016 خلال اجتماع مجموعة العشرين في الصين) والكاتب والناشط كين يونغمين والناشط اللغوي التيبيتي تاشي وانغتشوك والمدافع عن حقوق الإنسان ليو فييو والمفكر الأويغوري إلهام توهتي.
حُكم على توهتي بالسجن مدى الحياة في الصين بتهمة “الانفصالية”، وحاز عام 2019 على جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان التي يمنحها البرلمان الأوروبي.
يفترض أن يشمل الاتفاق الأوروبي الصيني احترام الملكية الفكرية للشركات الأوروبية وحظر عمليات النقل القسري للتكنولوجيا وفرض قواعد شفافية على الإعانات المدفوعة للشركات العامة الصينية.
وذكرت وكالة الصين الجديدة الرسمية أن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ اتصل بنظيريه الهولندي والإسباني الأسبوع الماضي لمناقشة المحادثات. وذكر رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين يورغ فوتكي أنه كان لدى هاتين الدولتين “اعتراضات”.
من جهتها، أكدت باريس في 23 كانون الأول/ديسمبر أنها لا تستطيع دعم الاتفاق ما لم يتعهد النظام الشيوعي المصادقة على اتفاقات منظمة العمل الدولية التي تحظر خصوصا العمل القسري.
ويتهم خبراء ومنظمات حقوقية الصين باحتجاز مليون فرد على الأقل من أقلية الأويغور المسلمة في شينجيانغ في “معسكرات لإعادة التأهيل”، ويخضع الكثير منهم للعمل القسري.
وذكرت دراسة أميركية حديثة أنه تجنيد 570 ألفا على الأقل من الأويغور في برنامج قسري لجمع القطن.
ومع ذلك، أبلغت المفوضية الأوروبية التي تتولى التفاوض الدول الأعضاء الإثنين بأنها “حصلت من الصين على اللغة التي طلبها الأوروبيون بشأن امتثالها لاتفاقي منظمة العمل الدولية بشأن العمل القسري”، بحسب مصدر دبلوماسي ثان.
ولم يعرف ما إذا كان تعهد الصين يعني مصادقتها على الاتفاقين فعليا في وقت قريب أو تعهد بتسريع جهودها للقيام بذلك.
وتنظر إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى هذا التقارب بين الصين والاتحاد الأوروبي بقلق.
وتشدد بولندا على أهمية هذه النقطة، وعبر السفير البولندي أندريه سادوس عن أسفه “للتسريع المفاجئ وغير المبرر” في البرنامج الزمني “حول موضوع بالغ الأهمية” يجب أن “يأخذ في الاعتبار العلاقة مع الولايات المتحدة”. لكنه لم يعرب عن أي معارضة للاتفاق.