بعد نشرها قصصاً تروي وقائع عصيبة عن فيروس كورونا في بلاد المنشأ، الصين، واجهت المحامية السابقة تشانغ شان (37 عاما) التي بدت ضعيفة وعلى كرسي متحرك جراء إضراب مطول عن الطعام، القضاء الصيني وحيدة، قبل أن يحكم عليها بالسجن، وفق مانشرته وكالة أ ف ب.

كيف بدأت القصة؟

بدأت تشانغ إرسال تقارير من ووهان في شباط/فبراير عندما طرحت أسئلة عن إغلاق في المدينة والوصول إلى الإختبارات أو فحوص كورونا وصولاً للقدرة الاستيعابية للمستشفيات.

كما كشفت تشانغ تشان خلال مقاطع فيديو صوّرتها، عن قسوة السلطات الصينية خلال مواجهة شابة كانت تصور بهاتفها.

وبدورها، قدمت تقاريرها لمحات نادرة وفعلية من بؤرة الفيروس (الصين) خلال الأشهر الأولى من تفشيه، في بلد يعتبر تبادل المعلومات غير مصرح به من قبل السلطات، والتي تضع الشخص في بعض من أجواء المطاردة المحفوفة بالخطر.

وبعد ذلك بفترة وجيزة، انتشر الفيروس في كل أنحاء العالم وألقي باللوم على الصين لفشلها في احتوائه.

الهدف من حملة “تشانغ”.. وتوابعها

قبل فترة قصيرة من احتجازها، كانت تشانغ تحاول القيام بحملة من أجل أقارب ضحايا الفيروس الذين كانوا يسعون للحصول على تعويض، وهو مسألة حساسة للسلطات الصينية.

وقال محاميها وهو أيضا من ووهان، والذي تعرض لمضايقات متكررة من السلطات التي كانت تضغط عليه من أجل التخلي عن قضيتها وعدم الموافقة على إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية أن تشانغ أرادت تشانغ مساعدة الناس العاديين في ووهان وأن تفهم معاناتهم وأن تجعل العالم يفهم الحقيقة.

وتشانغ شان كانت أول الصحافيين المواطنين الذين يواجهون إجراءات قانونية بسبب نشاطاتهم التي اعتبرها المدعون “اختلاقا لأكاذيب ونشر معلومات مضللة”، وفي النهاية، ألقي القبض عليهم جميعا.

وقال صديقها وزميلها المحامي لي داوي “حذرتها من الذهاب إلى ووهان عندما كان الجميع يحاول المغادرة”. وأضاف “إنها مسيحية متدينة وقالت إنها إرادة الله، كان عليها أن تفعل ذلك وأن تخبر الجميع بالحقيقة”.

وتوقف الآخرون، فانغ بين وتشين كيوشي ولي شيهوا، عن نشر التقارير. وبحسب ما ورد، عاد تشين ولي إلى الديار بينما ما زال مكان فانغ غير معروف.

وفي فيلم وثائقي قصير تم تصويره قبل توقيفها وبث بعد الحكم عليها، قالت تشانغ إن منشورا على الإنترنت من أحد سكان ووهان دفعها للسفر إلى هناك بحثا عن حقيقة تفشي الوباء.

وقالت للمخرج المجهول الذي نشر الفيلم على موقع “تشاينا تشينج” الإلكتروني “قال إنه شعر كأنه ترك هناك ليموت وتأثرت كثيرا بما كتبه”، وأضافت “ربما لدي روح متمردة”.

الصين تنشر رواية مغايرة للحقيقة

ثم بدأت بكين العمل على نشر رواية أخرى لتلميع اسمها، كما بدأت تمجيد القيادة الشيوعية الصينية لقدرتها على السيطرة على أزمة صحية غير مسبوقة.

ومثل تقارير الصحافيين الصينيين الثلاثة الآخرين الذين سافروا أيضا إلى ووهان خلال المراحل الأولى من تفشي الوباء، هددت تقارير تشانغ بكشف ثغرات في رواية السلطات.

وفي أحد مقاطع الفيديو التي صوّرتها، ذكرت أنها تخضع لمراقبة شديدة.

وفي أيار/مايو، توقفت تشانغ عن نشر مقاطع الفيديو والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكثير منها على “تويتر” و”يوتيوب” وهي من المنصات المحظورة في الصين، إثر احتجازها من قبل السلطات.

والاثنين، بعد سبعة أشهر وراء القضبان، حكمت عليها محكمة في شنغهاي بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة “إثارة اضطرابات”.

المحاكمة والإضراب عن الطعام

تحدثت تشانغ قليلا خلال المحاكمة، ضد الإجراءات القانونية والقيود الصينية على حرية التعبير، والذي بدا سلوكا احتجاجيا كما قال محاموها.

وقال كيكي إن موكلته رفضت حتى الرد على القاضي الذي طلب منها تأكيد هويتها للمحكمة، مضيفاً لوكالة فرانس برس: “عندما سأل عن السبب، أجابت: إذا كنت تعتقد أنني أختلق الأكاذيب، فعندما أجيب على أسئلتك ألن تعتبر إجاباتي كذبا أيضا؟”.

ولم يسمح للصحافيين الأجانب والدبلوماسيين بمراقبة الإجراءات التي انتهت في غضون ثلاث ساعات، وقال محاموها إنها تتمسك ببراءتها ومن المرجح أن تستأنف الحكم إذا أتيحت لها الفرصة.

كما أنها أضربت عن الطعام احتجاجا، ما أدى إلى تدهور صحتها منذ توقيفها، وقال كيكي إنه يتم تغذيتها بالقوة عبر أنبوب أنفي، وقد بقيت يداها وقدماها مكبلة لفترات طويلة. ونتيجة لذلك، تعاني تشانغ من صداع مزمن وإرهاق وآلام في المعدة، بحسب كيكي. وأضاف “قد يستمر تصميمها على المقاومة حتى النهاية”.

“التهديد والترهيب” هما المأساة الحقيقية في الصين

ولم يكن لتقارير تشانغ عن الحياة اليومية في ووهان، من الشركات التي تكافح من أجل التعافي إلى أقارب الضحايا والمواجهات مع الشرطة، تأثير كبير على الإنترنت لكنها جذبت انتباه السلطات الصينية رغم ذلك.

كما أظهرت مقاطع الفيديو التي صوّرتها استياء من نظام الحكم الاستبدادي في الصين. وقالت تشانغ في مقطع فيديو على موقع يوتيوب تم تصويره في أيار/مايو “الطريقة الرئيسية لإدارة المدينة تعتمد على التهديدات والترهيب”، وختمت “هذه مأساة الصين و ووهان”.