أشار السياسي الإيراني أحمد رأفت إلى أنّ النظام الإيراني يواجه حالياً صعوبات جمّة، حيث قلّصت طهران دعمها للميليشيات ووكلائها بشكل كبير، ولم تعد لديها أموال كافية لتنفقها في الخارج. واعتبر في حديث لـ”أخبار الآن“، أنّ النظام الإيراني أصبح ضعيفاً بعد فقدانه 3 من أبرز رموز، يتمثل أولهم في مقتل الرجل الأبرز في النظام سابقاً وهو قاسم سليماني.
قاسم سليماني كان هو المتحكم بالديبلوماسية الخارجية في المنطقة
وأضاف رأفت أنّ قاسم سليماني كان هو المتحكم بالديبلوماسية الإيرانية في المنطقة، وليس وزير الخارجية جواد ظريف، مشيراً إلى أنّ سليماني يعدّ أبرز رموز النظام، ورغم أنّ إسماعيل قاني قد خلفه بالمنصب، لكنه لا يتمتع بالكاريزما ذاتها ولا يتكلم اللغة العربية ولا يعرف أحداً في العالم العربي، لذا فإنه لن يتمكن من لعب نفس الدور لإيران بالمنطقة.
منشأة نطنز النووية الإيرانية
وحول منشأة نطنز النووية قال رأفت: “رغم أن طهران تمتلك عدة مواقع نووية أخرى، إلا أنّ منشأة نطنز كانت أوّل هذه المواقع، وبطريقة ما يرتبط اسم البرنامج النووي الإيراني بمنشأة نطنز، فأصبحت وكأنها أهم رموزه.
ويقول إنّ الرمز الأخير الذي تمّ استهدافه كان في شهر نوفمبر الماضي، وتحديداً محسن فخري زاده، الذي كان قائداً في الحرس الثوري، ونائباً لوزير الدفاع، إضافة إلى ذلك فقد كان رئيس برنامج الصواريخ الذرية، ويلقب “الأب الروحي للبرنامج النووي الإيراني”.
وأوضح رأفت أن فخري زاده كان رمزا للقوة الإيرانية في المنطقة، متابعاً: “طهران خسرت ثلاثة من أهم رموز قوتها في أقل من عام واحد، لذا فإنها الآن تتعرض للضغط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أمضت العامين الماضيين في مواجهة العقوبات الاقتصادية، وليس لدىها المزيد من الأموال لتنفقها خارج البلاد، أو حتى داخلها.
وتابع قائلاً: “زيارة قاآني الأخيرة إلى بغداد للقاء قيادات الحشد الشعبي مختلفة هذه المرة، فلم تكن مثل زياراته الماضية حيث أنه لم يجلب لهم أي أموال هذه المرة، ولكنه قدم لهم بعض الخواتم المصنوعة من الفضة كهدية، الأمر ذاته يحدث مع حزب الله حالياً، حيث أنه يواجه صعوبات جمة، لأن إيران قلصت دعمها لحزب الله بشكل كبير، والسبب هو أن طهران لم يعد لديها أموال كافية لتنفقها في الخارج”.
وأوضح رأفت أن طهران بدأت بفقدان قوتها، ويجب عليها الآن أن تذهب للتفاوض مع الأمريكيين والرئيس المنتخب جو بايدن، موضحا أن عليها التفاوض مع الأوروبيين أيضًا، لأن الأوروبيين الآن ليسوا سعداء بالاتفاقية النووية الموقعة في عام 2015، وقد ترغب العديد من الدول الأوروبية في صنع اتفاقية جديدة لتضم بنود جديدة حول السياسة الإيرانية في المنطقة، وبرامج الصواريخ الباليستية.
النظام أصبح ضعيفا
ووصف رأفت في إحدى مقالاته السابقة النظام الإيراني بأنّه “ضعيف، لكنه يمتلك سلطة زائفة” ولكن إلى متى تعتقد أنّ إيران قادرة على الإستمرار في إخفاء ضعفها، يوضح رأفت قائلاً: ” ليس هناك الكثير من الوقت، لأن طهران بدأت الأسبوع الماضي الخطوات الأولى للحوار مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وتابع رأفت موضحاً: “على سبيل المثال، وافق البرلمان على اتفاقية لكن مجلس صيانة الدستور رفض، والآن الأمر في المؤسسة الثالثة، لا أذكر اسم هذه المؤسسة، لكن عندما يكون هناك اختلاف بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، هناك مؤسسة أخرى لها الكلمة الأخيرة”.
عندما يكون هناك اختلاف بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، هناك مؤسسة أخرى لها الكلمة الأخيرة
واستكمل تصريحاته لـ”أخبار الآن“: “في عام 2017، وافق البرلمان على اتفاقية مجموعة العمل المالي (FATF)واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)؛ الاتفاقية الأولى بشأن ضبط غسيل الأموال والاتفاقية الثانية تتعلق بعدم دعم الجماعات الإرهابية بالمال. طهران لم توقع عليه، أو كما ذكرت قبل قليل فقد وافق البرلمان على هذه الاتفاقيات لكن مجلس صيانة الدستور رفضها، الآن أمر خامنئي بإعادة تقييم هذه الاتفاقيات مرة أخرى، لأنه بدون هذه الاتفاقيات لا يمكن لإيران المضي قدماً، حتى لو بدأت إيران اتفاقية مع الأمريكيين، فلا يمكنها العودة إلى النظام المصرفي العالمي، لأن طهران الآن خارج النظام المصرفي الدولي، من أجل أن تعود إلى النظام المصرفي الدولي، يجب أن توافق على اتفاقية مجموعة العمل المالي. إيران وكوريا الشمالية هما الدولتان الوحيدتان اللتان تم إدراجهما في القائمة السوداء من قبل مجموعة العمل المالي.
شروط لعودة أمريكا إلى المفاوضات
أمّا بالحديث عن الولايات المتحدة، فقد صرح الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مؤخراً بأنّ هناك شروطاً لعودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات، ومن هذه الشروط هناك بعض المشاكل، مثل الأنشطة الباليستية والتدخل الإقليمي بشأن هذا الأمر أوضح السياسي الإيراني أن بايدن ذكر 3 أمور أساسية:
أولاً، يجب أن تعود إيران إلى اتفاقية عام 2015، لأنه خلال فترة حكم دونالد ترامب، خرجت الولايات المتحدة خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن ثم بدأت طهران في استخدام أحدث جيل من أجهزة الطرد المركزي، كما قامت بتخصيب اليورانيوم 12 مرة أكثر من الحد المسموح به. علاوة على ذلك، فإن تخصيب اليورانيوم تم بدرجة نقاء تصل إلى 4.5 %، لكن في الاتفاق يجب أن تكون النسبة أقل من 3.76٪. لذلك يجب على طهران العودة إلى الاتفاقية الأصلية، يجب أن تكون هذه هي الخطوة الأولى، على حد وصفه.
ثانياً، جو بايدن و رئيس وزارة الخارجية القادم توني بلينكين، قالوا إن على إيران قبول مناقشة أمور وبنود جديدة. هذه البنود الجديدة وفقًا لما قاله رئيس الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وجو بايدن، وكذلك هايكو ماس وزير الخارجية الألماني، هي برنامج الصواريخ الباليستية، والسياسة الإيرانية في المنطقة.
وأضاف رأفت أنّ على طهران أن تناقش تلك الأمور والبنود، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلن يكون لدى البلاد ما يكفي من المال، ليس فقط لدعم مجموعات مثل قوات الحشد الشعبي أو حزب الله أو الحوثيين اليمنيين أو حماس أو حركة الجهاد الإسلامي في غزة، لكن إيران لن تمتلك حتى المال الكافي لدفع الرواتب، حيث معظم العمال لم يتلقوا رواتبهم خلال 5 إلى 6 أشهر الماضية.
ثالثاً، الميزانية التي قدمها الرئيس روحاني قبل أسبوعين إلى البرلمان تفترض أنّ طهران تتفاوض وأن بإمكانها أن تصدر مرة أخرى أكثر من مليوني برميل من النفط يومياً، حيث أنّ صادرات البلاد حالياً تقدر بحوالي 300-400 ألف برميل يومياً. لذا إذا كانت الميزانية تعتمد على أكثر من مليوني برميل يومياً، فهذا يعني أنّ إيران تريد أن تتناقش مع الأمريكيين والدول الغربية بشكل عام لتخفيف الضغط على إيران لتتمكن من تصدير النفط مرة أخرى.
وعن الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في الأشهر القليلة المقبلة، قال رأفت: “معظم المرشحين حتى هذه اللحظة هم قادة سابقون في الحرس الثوري، مثل الجنرال دهقان، المستشار العسكري للمرشد الأعلى علي خامنئي، ووزير الدفاع السابق. لذلك على الأرجح، سيكون الرئيس القادم ذو رتبة عسكرية، مما يعني أنه تابع للحرس الثوري”.